أين يقع المستوطنون في معادلة الاحتلال

إبراهيم مهدي الفاخر

إبراهيم مهدي الفاخر

الاحتلال هو الوضع الذي تكون فيه السلطة السياسية و السيادة الفعلية لقوة أخرى غير قوة أبناء الوطن، و كل من يُمثل هذه القوة من غير أبناء الوطن عسكريا كان أو مدنيا و يسعى إلى استمرارها في هذا البلد ينعت بالمُحتل و يصنف ضمن  الاحتلال.

و هذا حال الاحتلال الفارسي للأحواز حتى و إن كان في مقدور المراقب السياسي أن يقسمه إلى وجهين بمعنى الوجه العسكري المتمثل بالجيش و الحرس الثوري و الباسيج و الشرطة و المؤسسات الأمنية الأخرى و الوجه الأخر أي المدني المتمثل بكل إنسان غير عربي دخل الأحواز عنوة و ساهم في تكريس الظلم و الاضطهاد و هم المستوطنون الدائمون و المؤقتون.

إن الكثير  من أصحاب الرأي و من لهم باع في السياسة يتخوفون من الوجه المدني للاحتلال أكثر من الوجه العسكري . لأن هذا الوجه للاحتلال الفارسي المتمثل بالمستوطنين يمنح الاحتلال فرصة و إمكانية أوسع من المؤسسات العسكرية و الأمنية في التأثير على ثقافة الشعب العربي الأحوازي و عاداته و تقاليده و بالتالي تغيير هويته العربية و صهره بالمجتمعات الإيرانية. و ترجع إمكانية التأثير و الغزو الفكري و الثقافي للمستوطنين على الشعب العربي الأحوازي، لأنه يعيش في وسط الشعب الأحوازي و يرتبط به و يختلط معه أكثر من المؤسسات الحكومية الأخرى .

 إضافة على هذا الخطر  إن المستوطنين في المفهوم السياسي يعتبرون  كالغدة السرطانية التي تتوسع يوما بعد يوم  و تأكل الجسد. إن القضية الأحوازية و على المدى البعيد مهددة من المستوطنين أكثر مما هي مهددة من المؤسسات العسكرية و الأمنية. فهذا الوجه المدني للاحتلال (المستوطنون) يتكاثر يوما بعد يوم و أصبح يملك أراضي و مشاريع اقتصادية و ثقافية و سياسية في الأحواز بمساعدة الاستخبارات الفارسية لضرب البنية الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية للشعب العربي الأحوازي و تفكيكها.

إن الكثير من السياسيين يعتبرون الاعتماد الأعمى على المؤسسات الدولية في مطالبنا المشروعة و التعويل عليها و عدم الإصغاء لمطالب الشعب و أخذها بعين الاعتبار، سيفتح المجال أمام شهية الاحتلال و سيمنحه الفرصة الكافية حتى يكون  في المستقبل له حق في الأحواز أسوة بالعرب السكان الأصليين و ذلك عن طريق المستوطنين.

لذلك باتت ضرورة ملحة أن تؤخذ التهديدات الصادرة من المستوطنين على المجتمع الأحوازي بعين الاعتبار و أن يتم التعامل مع مصدر هذه التهديدات بالطريقة المناسبة و في أسرع وقت و قبل فوات الأوان. و إن إمكانية النجاح في التعامل مع ملف المستوطنين و استئصالهم من المجتمع الأحوازي لن تكون إلا في حال استخدمت جميع الطرق و الوسائل المتاحة و الممكنة عند الشعب الأحوازي في هذا الملف، و أيضا في حال إصغاء التنظيمات لمطالب الشعب الأحوازي و أخذ مصالحه الحالية بعين الاعتبار و عدم رهن التعامل مع ملف الاستيطان لظروفها المستقبلية.

إن الاحتلال الإيراني  له أوجه عديدة و جميعها أهداف مشروعة للشعب الأحوازي،  فالاحتلال لا يمكن اختصاره بمظهر دون المظاهر الأخرى حتى و إن تهيأ لنا عدم خطورة تلك المظاهر. فيجب على الإنسان المناضل أن يحصي أوجه الاحتلال حتى و إن كانت لا تختصر بهذا العدد و هي المؤسسات الحكومية، العسكرية  منها و الأمنية و  السياسية و كل من يعمل فيها  و أيضا المؤسسات شبه المدنية أي المملوكة من قبل شخصيات الاحتلال و المشاريع الاقتصادية  و الثقافية و الإدارية  و كل من يعمل بها من غير العرب، و أن يتعامل معها بالطريقة التي يراها مناسبة لطرد المستوطنين أو جعل الأحواز منطقة غير آمنة لهم.