من واجب المقاومة أن تنسجم مع مشروع الدولة
في مؤتمر رعته الجماعة الإسلامية في لبنان
القوى الإسلامية في لبنان:
وأن تتحرك تحت سقفها
بيروت ـ خدمة قدس برس
أعلن قادة قوى وجمعيات إسلامية في لبنان براءة الإسلام من كل أنواع التطرف، وإدانتهم لكل أعمال العنف والإرهاب، وأكدوا على التزام واجب النهي عن المنكر وفريضة الجهاد ضمن الضوابط الشرعية.
وأكد مائتا شخصية علمية وممثلين عن قوى وجمعيات إسلامية في لبنان، شاركوا في "المؤتمر الإسلامي حول العنف والتطرّف" الذي انعقد أول أمس الأحد (23/9) في بيروت بدعوة من الجماعة الإسلامية في لبنان، وأقروا "الوثيقة الإسلامية حول العنف والتطرف وأحداث البارد"، أن "من واجب المقاومة أن تنسجم مع مشروع الدولة وأن تتحرك تحت سقفها"، وفي المقابل رأوا أن "من واجب الدولة أن تحفظ المقاومة وتمكّنها من القيام بواجبها في حماية الوطن والدفاع عنه"، حسب تعبير البيان.
واعتبر المؤتمرون الذين بحثوا ظاهرة العنف والتطرف التي شهدها لبنان في الآونة الأخيرة، لاسيما ظاهر "فتح الإسلام" وما نتج عنها من مواجهات مع الجيش اللبناني وتعدّ على الآمنين، وسبل وقاية المجتمع اللبناني من ظاهرة الفكر المتطرف، أن العنف هو ضد التسامح الذي شرّعه الإسلام، وأنه لا يجوز للمسلم أن يبدأ تعامله مع الغير بالعنف، سواء كان ذلك تجاه مسلم أو غير مسلم، على اعتبار أن ذلك يتعارض مع العلاقات الإنسانية الأخوية، ومع القيم الأخلاقية التي بشّرت بها الرسالات السماوية، وأكّدها الإسلام على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلّم الذي قال "بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق".
وأكد المؤتمرون أن النهي عن المنكر يعتبر فرض كفاية، وأن استعمال اليد لتغيير المنكر مشروع بشرطين، أن يؤدّي فعلاً إلى إزالة المنكر، وأن يكون ذلك مستطاعاً ولا يؤدّي إلى منكر أكبر. وبناءً على ذلك فإنّ اليد هنا هي السلطة التي تقدر على التغيير، أمّا استخدام السلاح في النهي عن المنكر فهو غير جائز باتفاق الفقهاء. والمسلم في لبنان يستطيع إنكار ما يراه من المنكرات بلسانه دون أي حرج، وهذا يعتبر من مقتضيات حرية الرأي، وهو من أهم واجبات الدعاة إلى الله تعالى، داعين إلى الالتزام بتغيير المنكر باللسان، وعدم اللجوء إلى استخدام اليد إلاّ بالنسبة لصاحب السلطة فيما يقع تحت مسؤوليته، على حد تعبير الوثيقة.
وأشار العلماء إلى أن توفير الأمن للناس من أهم مقاصد الشريعة، ولذلك تشدد الإسلام في فرض العقوبة على جرائم الحرابة لأنّها تهدد أمن الناس، واعتبر مقترفيها من الذين (يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً)، وإنّ من أبرز الأعمال الإرهابية خطف الأبرياء واحتجازهم والتهديد بقتلهم لهدفٍ سياسي يُطلب من الدولة التي ينتمون إليها.
أما ما يتعلق بالجهاد فقد أوضح العلماء أن الجهاد هو بذل الجهد في كل عمل يرضي الله تعالى. أمّا الجهاد بمعنى القتال فهو استثناء في العلاقات الإنسانية. وقد شرعه الإسلام لسببين أساسيين الاعتداء على الأوطان، وإكراه المسلمين على الخروج من دينهم، على حد تعبير الوثيقة.
وأكد العلماء أن المقاومة ضد العدو الخارجي حفظتها جميع الشرائع الإلهية والمواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان، وقالت الوثيقة "طالما أنّ الاعتداء على حقوق وأرض وثروات العرب والمسلمين قائم اليوم في أكثر من مكان، فالواجب الشرعي يفرض علينا مقاومة العدوان بكل ما نستطيع. ونحن نرفض وصفها بالإرهاب، لأنّها دفاع عن النفس، بينما الإرهاب الحقيقي هو الإحتلال الأجنبي الذي يعتبر عدواناً بكل المقاييس"، كما قالت الوثيقة.
وأشار العلماء إلى أن المقاومة في لبنان جزء لا ينفصل عن مقاومة الأمة ضد العدوان الصهيوني، خاصة أن العرب لا يزالون في حالة حرب مع اسرائيل، وقالت الوثيقة في هذا الصدد "إنّ من واجب المقاومة أن تنسجم مع مشروع الدولة، وأن تتحرك تحت سقفها، وأن يظل هدفها الاستراتيجي المحافظة على خيار المقاومة وإن تغيّرت صيغتها. وواجب الدولة أن تحفظ المقاومة، وتمكّنها من القيام بواجبها في حماية الوطن والدفاع عنه. ولا يتحقق هذا التكامل إلاّ بالتوافق على صيغة جديدة للمقاومة تكون جزءاً من الاستراتيجية الدفاعية".
وميّز العلماء بين الجهاد الشرعي وبين الاقتتال الداخلي، وأوضحت الوثيقة بهذا الخصوص "إنّ القتال بين أبناء المجتمع الواحد ليس جهاداً في سبيل الله، بل يدخل في باب الفتنة التي نُهينا عن الدخول فيها، وهو نوع من التمرّد على القوانين وتخريبٌ للسلم الأهلي واعتداء على أمن المجتمع".
وأشاد المؤتمرون بجهود الجيش اللبناني للقضاء على ظاهرة "فتح الإسلام" ودعوا إلى عدم السماح بتوظيف بعض الأخطاء من هذا الطرف أو ذاك، وعدم تحميل الإخوة الفلسطينيين مسؤولية ما جرى، لأنهم كانوا أوّل الضحايا، حسب تقدير البيان.
وقد طالب المؤتمرون بإعادة إعمار المخيم والتعجيل بعودة أهله إليه، في انتظار عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم الأصل.