لبنان سيدٌ بحريته
د. أديب طالب *
رجل الدولة سعد الحريري ، وفي رحاب ساحة الحرية والشهداء ، وأمام العالم ؛ حامى أولاً عن الحرية وعن الديمقراطية ، عندما قطع على نفسه عهداً علنياً صريحاً للبنانيين وشهدائهم ، بأنّ جوهر مهامه وأهدافه ، وعبر شراكة اسلامية مسيحية ، هو العبور الى الدولة اللبنانية الديمقراطية . وحامى ثانياً عن الوطنية اللبنانية ، عندما أكّد استمرار اليد الممدودة ، اليد القوية بشعبها ، القوية بقيمها ومبادئها وثوابتها ... استمرارها في التوافق الوطني الداخلي ، واستمرارها الوطني الاقليمي في التقارب الندّي مع الجار الأهم ، دولة لدولة وشعبا لشعب . وحامى ثالثاً عن حق 14 آذار في بقاء وحماية ثورة أرزها ، وشعبية انتفاضتها ؛ وصولاً لاتمام الاستقلال الثاني والسيادة الحقيقية بالحرية .
الشراكة الاسلامية – المسيحية ، تجسّدت في 14 شباط 2010 ، في ساحة الحرية . الشراكة الاسلامية – المسيحية ، تعبيرٌ عن رقيّ ديمقراطي عابر للديانات ، وهي مدخلٌ حضاريٌ للعبور الى الدولة المدنية الحديثة . من استمع جيداً للرئيس الحريري والرئيس جميل والرئيس السنيورة ولرئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع ؛ تأكّد له صحّة ما ذهبنا اليه . لم يسبق القادة جماهيرهم خطوة ، ولم يتخلفوا عنهم خطوة ، وفي التطابق يكمن النجاح القادم .
كلما اقترب لبنان من الحرية اقترب من السيادة ، وكان حصيتاً وسيداً في وجه مطامع الآخرين ، وكلما ابتعد لبنان عن الحرية ابتعد عن السيادة وخدم المطامع الخارجية . هذه حقيقة سطعت في سماء ساحة الحرية والشهادة في 14 شباط 2010 . ثمة تفويضٌ من أل البيت للابن البار وتشريفٌ له بحمل المشعل . رحم الله الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، فلقد دفع دمه ثمناً لمشعل الحرية العظيم . قالت السيدة نازك رفيق الحريري : "ابننا سعد يحمل شعلة الحرية لبلدنا" .
قال رئيس الوزراء اللبناني سعد رفيق الحريري : "لن تكون هناك فرصة للبيع والشراء على حساب الكرامة الوطنية ، أو على حساب نظامنا الديمقراطي ، او على حساب المحكمة الدولية" .
بدا للبعض أنّ كلّ شييْ حُسم لصالح أعداء الحرية اللبنانية ، هذا حُكم شديد التسرع . لبنان لقمةٌ عصيةٌ على الابتلاع ، والحرية متجذرةٌ فيه منذ عام 1860 ، في وقت كانت فيه المنطقة غارقةٌ بالاستبداد الديني والسياسي من أقصاها الى أقصاها ، وكان لبنان نافذة الضوء الى الشرق المعتم ، كان سيداً بالحرية وسيداً بمشاعل التنوير ، لا يتذاكى أحدٌ على التاريخ والوقائع ، التاريخ الصادق أذكى الأذكياء ، والوقائع المثبتة هي سداته ولحمته .
لبنان سيدٌ بالحرية والديمقراطية ، واللبنانيون أسيادٌ بالحرية والديمقراطية ، دفعوا ثمنهما شهيداًتلو شهيد ، وجاهزون للدفع من جديد . في لبنان مجتمعٌ بالغ الحيوية ، بالغ النضج السياسي ، وعلى مرتبة حضارية تحلم بها مجتمعات المنطقة . ما حدث في ساحة الحرية في 14 شباط 2010 ؛ عزّز ثقة هذا المجتمع بنفسه وبامكاناته وبقدرته على التعامل مع اللذين لا تعجبهم حرية اللبنانيين وليبراليتهم وديمقراطيتهم .
ساحة الحرية قالت : 14 آذار باقيةٌ حتى تتحقق أهدافها ، باقيةٌ بشعبيتها المباشرة ، باقية بالأغلبية اللبنانية المنتخبة في حزيران 2009 ، وبسعد الحريري زعيماً مهماً بين قياداتها ، ورئيساً معتمداً لأغلبيتها ، ورئيساً شرعياً لمجلس الوزراء اللبناني .
14 آذار تمتلك رؤية سياسية واضحة ، ولا يمكن لأيّ رؤية سياسية أن تنجح وتتحقق دون جسم سياسي ، دون تنظيم سياسي طوعي وخدمي ومعاشي ؛ يؤمن التواصل والتعامل اليومي مع اللذين امتلأت بهم ساحة الحرية ، ومثلهم معهم ممن لم يقدروا على الوصول اليها ، هكذا تنظيم سياسيٌ قادرٌ على حماية النموذج اللبناني الحر الديمقراطي الفريد في المنطقة ، وقادرٌ على بناء وحماية لبنان الحر السيد المستقل .
*معارض سوريfont>