هل العالم العربي والإسلامي يمكن أن يثق بملالي طهران
هل العالم العربي والإسلامي
يمكن أن يثق بملالي طهران...؟
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
في الماضي كما معلوم للجميع العالم كان يحوي امبراطوريتين شاملتين للعالم (الأمبراطورية الرومانية ,والفارسية ) .
والصراع الدائر بينهما على تقاسم النفوذ في العالم ومقدرات العالم
وبمجيء الإسلام ودخوله بلاد فارس وتخليص العرب من سيطرتهم القديمة ودخول الكثير من الفرس في الإسلام .
قائد الفتح العظيم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان قد تخوف من فتح تلك البلاد , عندما استأذنه أسامة ابن أبي زيد بفتحها ليقول قولته المشهورة تلك
(لكم أود لو كان بيننا وبينهم جبلا من نار لايلجون إلينا ولا نلج إليهم) .
فلو تعمقنا بالقول ونظر عمر بن الخطاب رضي الله عنه الثاقب والذي يرى بنور المؤمن الصادق .
لم يقل مايماثل ذلك الكلام في أي تحرك للمسلمين باتجاه الفتوحات الإسلامية في عهده.
ولو استعرضنا تاريخيا وتعمقنا في أسباب الفتن التي عاشها المسلمون ومازالوا فيها حتى الآن , لوصلنا لنتيجة حتمية تكاد تكون كاملة في أن الفتن كلها يكون للفرس فيها نصيبا كبيرا .
مع اشتراكهم وتعاونهم المطلق مع اليهود لإثارة تلك الفتن .
فلا تكاد فرقة باطنية أساسها من الإسلام إلا كان منتوجها فارسي وبمسحة يهودية , لتخريب الإسلام من الداخل وتهديم الصرح الحضاري الإسلامي .
بعد هذه المقدمة والمتتبع للأحداث الراهنة في الوقت الحاضر خرجت فكرة ونادى بها زعماء وتيارات الأحزاب والمنظمات الإسلامية مفادها :
السيطرة العالمية ذات القطب الواحد المتمثلة في أمريكا والغرب ومن والاهم وصراع الحضارات ونهاية التاريخ يكون الصراع الوحيد بين قطبي ,العالم الغربي والإسلام .
هذا التكتل يجب أن يقاوم بتكتل آخر قوي متحد في الأهداف وفي العدو المشترك بجمع كلمة المسلمين , وبغض النظر عن الطوائف والمذاهب , ليكون ذلك التكتل القوة الحقيقية التي تجمع المسلمين في مواجهة المعارك القادمة في السيطرة على الشعوب كلها .
هذه الفكرة أو نستطيع أن نسميها الإستراتيجية الجديدة للأحزاب الإسلامية في العالم العربي تؤكدها أقوال الكثير من قادتها كما صرح بذلك رمز من رموزها (أنه لايوجد بيننا وبين إيران خلاف مذهبي وإنما خلاف سياسي ) .
فلو رجعنا لأدبيات النظام في طهران والتي تؤكد الخلاف المذهبي والعقدي بين الفرقاء والعدو اللدود لهم هم العرب المسلمون قبل كل شيء ,وتصدير الثورة التي تبناها الخميني وما تلا ذلك من اتباع مختلف الطرق والوسائل لتحقيق ذلك التصدير .
نجد العقلية الفارسية تبنت المذهبية في طرحها العام والخاص والعرقية أيضا .
لنجد الإقصاء داخل إيران لكل من لاينتمي للمذهب الشيعي , وكذلك الإقصاء للأعراق والتي لم تكن فارسية .
كالذي يحصل في عربستان مع أنهم يعتنقون المذهب الشيعي , كونهم ينتمون لأصول عربية فهم مهمشون ومنبوذون من الملالي والحكومة .
وقفت طهران مع أمريكا في حربها ضد إفغانستان والعراق وسهلت الطرق لاحتلالهما .
أشعلت في العراق حربا طائفية ولاحقت العلماء فيها والضباط وكل من كان بيده وفي عقله فكر يعربي أصيل .
ذرعت حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن وتدعم الشيعة في الخليج لتكون مناطق توتر تقف على بركان يكاد ينفجر بالوقت التي تحدده طهران .
تسعى بشتى الطرق والوسائل للتغيير الديموغرافي في الوطن العربي باتباع اسلوبين:
الأول عن طريق زواج المتعة والزواج الميسر وثانيا عن طريق الدعوة بالمال والإغراء في صفوف الفقراء .
من معتقدهم أيضا أنهم عرق آري متفوق على العرق السامي ويلتقون عرقيا مع الغرب , ولا عداوة بينهم وبين اليهود والمتمثلة بالصهيونية العالمية لتلتقي معها على هدف واحد هو:
الكره للعرب والمسلمين واحتلال الأرض العربية ,كعربستان وجزر الإمارات العربية وسيطرتها المطلقة في سورية ولبنان والعراق .
الخطر الذي يكمن في سياسة بني ساسان وأهدافهم ينحصر في نقطتين أساسيتين :
1-العرب هم الأعداء الحقيقيون للفرس لأنهم كانوا السبب المباشر والأكيد في تحطيم امبراطوريتهم الفارسية القديمة .2
ولا يمكن تحطيم ذلك العدو إلا بالتفتت المذهبي في الدول العربية والذي كان نهجهم من القديم إلى الحديث .
ليس من الصعب في الغالب التغلب على الخلافات السياسية بين المنظمات والمجموعات والدول والقاعدة المعروفة في السياسة (لا يوجد عدو دائم ولا صديق دائم ) .
ولكن عندما يكون الخلاف عرقي وطائفي يكون من المستحيل التغلب عليه .
والخوف الحقيقي من أن تنجر بعض الدول الغربية والتنظيمات الإسلامية للوقوف إلى جانب إيران في حال اندلعت حرب بين الأمبراطورية الفارسية والذين يحلمون بها قادة طهران وبين العولمة الحديثة المتمثلة بالأمبراطورية الرومانيه .