من يقف وراء اغتيال أبو ريشة

د. ياسر سعد

[email protected]

من يقف وراء عملية اغتيال الشيخ عبد الستار أبو ريشة رئيس ما يسمى بمؤتمر صحوة الانبار , هل يقف تنظيم القاعدة والذي خاض الرجل حربا ضروسا عليه؟ أم أن أوساطا متنفذة داخل حكومة المالكي ومقربة من إيران هي وراء اغتيال الرجل؟ وما هي الفوائد والدوافع لتصفية الرجل؟ لعل من أيسر الأمور واقلها كلفة, إعلاميا وسياسيا التسرع كالعادة, عراقيا وإقليميا ودوليا, واتهام تنظيم القاعدة والحديث المتكرر عن بصمات التنظيم أو عن بيانات أو أشرطة يصعب بل ويستحيل التأكد من مصدرها أو غاياتها.

غير أن إشارات كثيرة تشير لتورط عراقي حكومي بتصفية أبو ريشة والتخلص منه, فالمالكي وأكثر من مسئول في حكومة الاحتلال العراقية أعربوا في مناسبات متعددة عن سخطهم وامتعاضهم من قيام الاحتلال الأمريكي بتسليح بعض عشائر الانبار وهي التجمع الذي كان يقوده عبد الستار أبو ريشة. الخوف من أن يتحول هذه التجمع لمركز قوة يدافع عن حقوق السنة وما يتعرضون له من انتهاكات على يد فرق الموت – بغض النظر عن صحة هذا التوقع من عدمه- شكلا قلقا كبيرا للمالكي والتيار الإيراني في العراق.

 كما إن زيارة بوش للانبار ولقائه بالرجل كان له أكثر من الدلالة التي نقلها المحللون والإعلاميون من أن بوش يريد أن يسوق أمريكيا بعضا من إنجازاته المحدودة في العراق, فالحدث يشير أيضا إلى إن الإدارة الأمريكية تدرس خيارات عراقية تقفز على ما يسمى بالعملية السياسية, تلك الخيارات والتي عبر عنها أكثر من تصريح لمسئول أمريكي عسكري وسياسي في العراق المحتل تشمل دورا أكبر للسنة في أمور الحكم وكنوع من تحجيم الدور الإيراني المتعاظم في العراق المحتل. هذه المؤشرات شكلت تهديدا جديا للمالكي وحكومته وبالتالي فإن غياب أبو ريشة سيكون خبرا جيدا لهم. من هنا سارعت أوساط مقربة من القتيل إلى اتهام إيران وسورية وأطرافا داخلية بالمسؤولية.

الدكتور عبد السلام العاني رئيس مجلس محافظة الانبار صرح لصحيفة عربية تصدر في لندن بأن «الشيخ أبو ريشة استشهد على مسافة أكثر من 50 مترا من منزله في منطقة الجزيرة حيث تتمركز عشيرته في محافظة الانبار»، مشيرا إلى أن أبو ريشة «كان يتمتع بحماية كافية وان وضعه الأمني كان جيدا ولم يكن احد ليتوقع أن تزرع له عبوة ناسفة قرب بيته وفي منطقة آمنة تماما بالنسبة له». وقال العاني انه «من الصعب توجيه أصابع الاتهام لجهة معينة ألان خاصة وان جهات عدة كانت تترصد أبو ريشة كونه تحول إلى ظاهرة للدفاع عن العراق»، مشيرا إلى «سورية وإيران وأيادي داخلية قد تكون بين الجهات التي دبرت مقتل أبو ريشة». وأضاف «عندما كنا مع الرئيس بوش وبحضور الحكومة العراقية فان أبو ريشة تحدث بصراحة عن مخاطر التدخل الإيراني والسوري بالشأن العراقي وان ذلك لم يعجب الحكومة». كما أن احد حراس عبد الستار أبو ريشة الشخصيين الذي لم يكن برفقته وقت الانفجار قال إن قنبلة زرعت في سيارته.

 وزارة الداخلية العراقية سارعت لإعلان تشكيل لواءين من الشرطة الوطنية تحملان اسم القتيل. كما نقلت وكالة رويترز عن العميد عبد الكريم خلف المتحدث باسم وزارة الداخلية بأن وزير الداخلية اصدر أمرا بإقامة تمثال في الموقع الذي قتل فيه أو أي مكان آخر يختاره أهل محافظة الانبار. التسرع الكبير في تمجيد الرجل والإعلان عن تسمية ألوية باسمه وعن بناء تمثال تخليدا له في حكومة يفترض أنها "إسلامية" يشير إلى أن وزارة الداخلية تستهدف من هذه الإعلانات المتعجلة جدا – وكأنها كانت معد سلفا- التستر على دور لها في عملية الاغتيال.

الفوائد التي ستجنيها حكومة المالكي وراعيها الإيراني من اغتيال الرجل كثيرة, فورقة أمريكية ستسقط ضمن الصراع المحموم على النفوذ أمريكيا وإيرانيا, والسعي لجعل السيطرة والسلاح بأيدي شيعة إيران تحديدا يصب الاغتيال في صالحه كما إن من مصلحة الخيار الإيراني أن يتم اتهام القاعدة والتي قد تتبرع هي أو عبر بيانات مجهولة لتبني اغتيال الرجل مما يزيد من حدة الصراع داخل الانبار والذي في محصلته يمهد لإحكام السيطرة الإيرانية على العراق وثرواته ومقدراته.