الفرس الإيرانيين على خطى الفاطميين -6
الفرس الإيرانيين على خطى الفاطميين
في إنشاء إمبراطوريتهم
(6)
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
[email protected]
( حرب الفرس الفاطميين على مصر وحرب
الفرس الايرانيين على العراق وأوجه الشبه بينهما)
تمهيد :
(قد تظن الدول والإمارات أنها بمنأى عن
الخطر الفارسي الإيراني ، أو أنها بعيدة عن الإستهداف، أو أن مصالح العالم
لاتسمح بتجاوز الخطوط ، فأقول ماهذا إلاّ وهم ، لأن منطق القوّة هو الذي سيسود،
وحكم الواقع هو الغالب ؛ وهو المعترف به دولياً ،وعامل الزمن يسير في اتجاه
التغيير الديمغرافي وقلب الموازين يميل لصالح هؤلاء، والمياه تجري في كل
الاتجاهات ، وماهي الاّ فترة إن بقي الصمت على مايجري سيشعر الجميع بالبلل،
ولكن قد يختلف الزمن بين هذا الطرف والآخر للوصول اليه ، وحينها لاينفع الندم)
مقدمه
استولى الفرس الفاطميون على أمر المغرب
العربي بعد أن سفكوا الدماء غزيرة في هذا البلد على يد السفاح المؤسس لدولتهم
عبيد الله الملقب بالمهدي، وما إن استتبت أمورهم فيها حتى راحت أنظارهم تتوجه
الى مصر قلعة العروبة والاسلام التي كانوا يأملون الوصول الى ماورائها قلب
الخلافة العربية والاسلامية بغداد ، ليقضوا تماماً على الوجود العربي والاسلامي
السنّي في المنطقة، إلا أن هجومهم الاول عام 201 الى 202هجري والذي مُني
بالفشل المُريع ، وقتل فيه من الطرفين الخلائق الكثير، لم يُقنع عبيد الله
–المهدي - بالتوقف ، تماماً كحال الخميني الذي استمر في حربه مع العراق الجار
ثمان سنوات أكلت الأخضر واليايس بقصد السيطرة عليه ؛ ونشر دعواتهم وأفكارهم
المسمومة فيه ، رافضا هذا الخميني ايقاف الحرب الطاحنة إلا بعد أن أُنهكت
الدولتان الجارتان ؛وصارت ايران على شفير الإنهيار ، حينها استسلم للأمر الواقع
بقبوله وقف اطلاق النار قائلاً عبارته المشهورة :" كمن يتجرع السُم"
وكذلك في عام 206 هجري كانت الحملة
الفاطمية الفارسية الثانية على مصر والتي تمّ الاعداد لها جيداً، ولكن بسبب
صحوة الحكام المصريين الغيورين أنذاك وإصرارهم على المواجهه مُنيت جحافل
المُعتدين بالفشل الذريع ، وقتل من جيش الغازين الكثير الكثير، مما أقنعهم
بالتوقف الآني والعمل بمكرٍ على النفس الطويل ، الذي امتد قرابة النصف قرن
للزحف من جديد على مصر واحتلالها ، استخدموا خلالها كل أساليب الخداع والمكر
والجريمة للوصول لغايتهم ، كما كان هجوم الايرانيين الكبيرعلى البصرى عام 1991
والذي تكبد فيه المُعتدون من الخسائر الكبيره ، وحينها قرروا استراتيجية الأمد
البعيد والاستفادة من كل العوامل التي اتبعها الأجداد، وخاصة في قضية استخدام
الأدوات المجرمة من المنظمات والأذرعة الإرهابية والأنظمة التي أُستخدمت
لصالحهم ، واستطاعوا بعدها تدمير العراق ، ليكشفوا من جديد عن وجههم القبيح وعن
أطماعهم الحقيقية، ويعلنوا في الختام وفي نهاية اللعبة مع الأمريكان والغرب
بأنهم خير من يسد الفراغ عند رحيل المُحتل الذين استجلبوه في تحقيق غايتهم
للوصول لمخططاتهم ، ومشاركتهم له في العدوان على هذا البلد،وليستبدل الإستعمار
بآخر ،ثم ليمتدوا الى الدول الأخرى ، وحينها يتم الأعلان الحقيقي عن امبراطورية
خلافة ولاية الفقيه الفارسية في الخليج العربي والهلال الخصيب الى المغرب
العربي، مُستلهمين خُطى أجدادهم الفرس الفاطميين في هذا الطريق
ولم يأتي فتح مصر من قبل الفاطميين
الفرس ،إلا بعد سلسلة من المغامرات و التجارب التي خاضوها في بداية عهدهم
الأسود في المغرب، والتي كلفت الألالف من القتلى ومن الإتلاف للحرث والنسل ،مما
جعلهم يُعيدوا حساباتهم ويستفيدوا من الأخطاء والتجارب والدروس ، التي علمتهم
أنّ المواجهة لوحدها مع الشعوب لاتنفع ، فاتبعوا فكرة مُرشدهم عبد الله بن سبأ
، والتي تتضمنت تفريغ الجسم من محتواه وجعله هشّاً ومن ثم الانقضاض عليه ،"
كالطحين عند زرع السوس فيه فيفسد جميعه" هذا ماعدا الإعتماد على التكتيكات
الإرهابية لإضعاف الدولة ، لتكون فيما بعد لقمة سائغة لهم ، فأنشأوا من أجل ذلك
المنظمات الاجرامية في الشام ،ومنها القرامطة ( التي في أصول نسبها تصل الى
ميمون القدّاح الثنوي جد الفاطميين) والتي تحوّلت الى قوّة غاشمة قاتله ؛
لاتعيش إلا على دماء قوافل الحُجّاج والتجار، فزرعت الرعب في كل طرق السفر
وشراين الحياة، واستطاعت أن تصل الى بيت الله الحرام عدّة مرّات وتقتل حجاج بيت
الله الحرام في أطهر البقاع ، وفي أعظم الأوقات ، أيام الحج الحُرم ،وملء بئر
زمزم بالجثث وساحة المسجد المكّي، حتّى وصلت الدماء المسفوكة في البيت العتيق
الى الرُكب ،ثم قاموا على سرقة الحجر الأسود ونشر الفوضى في كل ربوع المنطقة
المؤدّيه الى الأماكن المقدسة وربوع الشام ، حتى وهنت نفوس الناس وضعفت وتهيأت
لقدوم الآخر للخلاص،تماماً كما كان دور القرامطة الجدد في سورية ، من الأسرة
الحاكمة ، التي قتلت روح المقاومة والعنفوان لدى الشباب عبر قتل عشرات الألالف
منهم ومثلهم غُيّبوا في السجون وتدمير المدن والقرى فوق ساكنيها وتشريد
الملايين، حتى وطّدوا لقدوم الفرس الإيرانيين الذين يعيثون في سورية فساداً
واستقطاباً وعبثاً وتشكيكاً في عقائد الناس تمهيداً لضمّها بالكامل لمشروعهم
الامبراطوري ، ومثل ذلك يفعلون في العراق ، عبر عصابات الحشاشين من جيش المهدي
، وقوات الغدر التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية القادمين من ايران،
وغيرهم من المنظمات الإرهابية التي مهمتها اغتيال رجالات الدوله وأمخاخها
ومفكريها وعلمائها كما هو االحال عليه في لبنان
ومثل هذا المشهد من الفوضى كان في
عاصمة الخلافة العباسية وأطرافها والذي صنعته عصابات الحشاشين وفرق الموت من
الزنج والعصابات البرمكية التي تسللت الى المناصب العليا الرسمية وغيرهم بدعم
من الفرس الفاطميين ، والذين قاموا ، بحركات ارهابية وفوضوية مُنظمة لإضعاف
الدولة العباسية وإلهاءها عن الخطر الداهم القادم من المغرب ، الذي تصدت له
في البداية الإرادة القوية الواعية بخطر هؤلاء ، الى أن استطاعت هذه الأدوات
المجرمة التوغل في شؤون الدوله ، والوصول الى النفوس لإضعافها ، عبر سلسلة
مُعقّدة من الإجراءات ، ومنها أعمال الإرهاب وتعميم الفوضى ,واتباع سياسة فرق
تسد التي استخدموها بين الأفراد والجماعات والدول فقطّعوا أوصال المجتمع
والبلدان ،بعد شرائهم لكثير من الذمم ودفع الرشاوي لإفساد الناس وكسب مودة
الآخرين ، ليُهيأ بعدها للزحف الهمجي الفاطمي الفارسي على مصر بعد موت قائدها
القوي كافورالأخشيدي الذي تفرقت الكلمة من بعده ، وحينها لم يُخفوا نيتهم لغزو
مصر تحت ستار مواجهة الروم من هذا البلد الذي يحول دون وصولهم للروم ،("كما
يريد النظام السوري تحرير الجولان من لبنان لعودته اليه، وكما يريد الفرس
الايرانيين كما يزعمون مواجهة المخطط الأمريكي والعالمي والصهيوني من هذا البلد
، والقصد منه الإحتلال وزيادة النفوذ باسم المواجهة") ، ليستعطفوا قلوب العامّة
ويكسبون ودّهم ’ ضمن الحرب النفسية التي شنوّها كي لايواجهوا الصعوبات ؛ في نفس
الوقت الذي كانوا يتلقون الدعم الكامل لمخططاتهم من الروم كي يكون هناك معسكران
قويان متناقضان يواجهان بعضهما البعض كلما دعت ضرورتهم لإشعال النار بينهما من
قبلهم، تماما كما تلقت الثورة الإيرانية الفارسية كلّ الدعم أول إنشائها من
فرنسا والغرب وأمريكا ؛ التي خذلت حليفها الشاه لإقامة الدولة الدينية الفارسية
الشيعية لإشعال الحروب في المنطقة لصالح اسرائيل ؛ التي كانت تمد الإيرانيين
الفرس بالعتاد والزخيرة وكل أنواع المساعدات ، لإطالة أمد الحرب التي أنهكت
المنطقة اقتصاديا وعسكرياً وسياسياً، ليتغير الدور الإيراني فيما بعد للتآمر مع
الغرب وأمريكا لضرب أفغانستان ؛ ومن ثمّ استدراج تلك الدول ومساعدتها لضرب
العراق وقوته لتحطيمه؛ ليكون فيما بعد لقمة سائغة يبتلعونه اثر انسحاب قوات
التحالف بدعوى لملء الفراغ، وفي الوقت نفسه يتمددون كالأخطبوت على الساحات
العربية الأخرى ، ويُغرون فيها ضعاف النفوس ، ويسعون لاقامة مشاريع استثماريه
واجتماعية وخدمية فيها تمهيداً لخطوتهم القادمة لاعلان امبراطورية خلافة ولاية
الفقيه ، فيقضمون البلدان ؛ واحداً تلو الأخر، تماماً كما فعل أجدادهم الفرس
الفاطميين أثناء مسيرهم للاستيلاء على مصر، فأقاموا المشاريع الخدمية في
المناطق والمدن والبلدات الممتدة الى مصر وبنوا البيوت الكثيرة على طول الخط ،وحفروا
لها الأبار ، وأنفقوا عليها الكثير الكثير من الأموال وحولوها الى مراكز
تجمّعهم وتآمرهم وتجسسسهم ورصد الأخبار وكسب الأعوان، عبر الإغراءات بهذه
الخدمات –"تماماً كما يفعلون الأن في سوريا عبر ملياراتهم القذرة التي أتو بها
لإفساد ذمم الناس"- ، ولم يكتفوا بذلك بل استطاعوا كسب المُعارضين السذج لهم ؛
بعدما أعطوهم الأمان والوعود اللازمة والعهود بعدم الاعتداء عليهم وعلى مذهبهم
والسماح لهم بأداء فُروضهم، وعلى بقاء مساجدهم وعلومهم،وكذلك الأمان للقادة
القائمين على البلد وبقاءهم في مناصبهم لكنهم غدروا فيما بعد بكل هذه العهود ،
وحاربوا السنّه بكل ماأُتوا من خبث ، وقتلوا القادة والمفكرين والعلماء بمجرد
تغلبهم على مصر، بعدما سلخوا جلودهم عن أجسامهم ؛ وحشي أجساد البعض بالتبن ثم
تمّ إحراقها ، والتمثيل القبيح بالجثث ،ثم قاموا على منع الطعام عن الشعب تحت
حجج واهية ؛ فسادت المجاعة ومات الكثير من الناس جوعاً ، وانتشرت الأمراض
والوباء ات في البلد، وكل هذا لاخضاع المصريين لهم ، هذا عدا عن قتل كل من
عارضهم ، واغتيال كل من شكّوا في ولائه ، أو تأثيره في الناس، وعدا عن
ممارساتهم الإذلالية التي اتبعوها على معارضيهم، بأن فرضوا عليهم لقبول العفو
عنهم بتقبيل أحذيتهم ؛ وعرض نساءهم مكشوفات الشعور وأن يتمرغن بالتراب بين يدي
قائدهم كرعبون للعفو، ومع قبول البعض لهذه الشروط لم يسلموا من غدرهم عندما
أظهروا لهم الموافقة وبعد أن جُردوهم من السلاح ، قتموا بذبحهم كالنعاج
وبمجرد الانتهاء من احتلال مصر، وقبل
أن تضع الحرب أوزارها توجهوا للشام للاستيلاء عليها، ولكن هذه المرّه لقتال
صنيعتهم القرامطة التي جرت بينهم سجالات وحساسيات وتخوفات كل منهم للأخر ،وبعد
تخوف الفاطميين من سحب البساط من تحت أقدامهم من بني جلدتهم القرامطة، وللقضاء
أيضاً على البئر السنّية الموالية للعباسيين تمهيداً للزحف الأكبر للقضاء على
عاصمة الدولة العباسية، وكان ماكان من الدماء والحروب التي سأتطرق اليها في
الحلقة القادمة بإذن الله