الجولان ليست سلعة في المزاد العلني!!

محمد فاروق الإمام

محمد فاروق الإمام

[email protected]

حرصت تل أبيب على لملمة الإرباك الذي أحدثته تصريحات وزير خارجيتها أفيغدور ليبرمان، بعد أن شهدت ساحتها السياسية هزات ارتدادية، ولاسيّما مع الدخول الأميركي على الخط لطلب توضيحات إسرائيلية.

وبحسب ما أوردته وكالات الأنباء فقد أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية، أمس، أن الولايات المتحدة دخلت على خط القصف الكلامي بين تل أبيب ودمشق، وطلبت من تل أبيب تقديم توضيحات بشأن التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، وهدّد فيها بإسقاط النظام السوري في أيّ حرب مقبلة.

ولم يتردد ليبرمان في الرد على واشنطن لتوضيح الأمر شخصياً بتمسكه بتهديداته لسورية، مشيراً إلى أنه سبق لها – أي سورية بحسب قوله -  أن تخلت (عن لبنان وعن لواء الإسكندرون، فلماذا لا تتخلى عن الجولان؟).

وجدد ليبرمان، في مقابلة أجرتها معه القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي، رفضه المطلق للانسحاب من هضبة الجولان، معتبراً أن (سوريا تنازلت عن سورية الكبرى ولبنان والإسكندرون، ولا يوجد سبب يمنع تنازلها، في حالتنا، عن الجولان).

في هذا الوقت، ذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) أن مسؤولين في الإدارة الأميركية نقلوا إلى نظرائهم الإسرائيليّين رسائل عاجلة، دعوا فيها إلى تهدئة الخواطر على الجبهة السورية. وبينما كان الأميركيون يحاولون خفض درجة التوتّر بين دمشق وتل أبيب، كان قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، الجنرال (آفي مزراحي)، يدلي بدلوه في دوّامة المواقف المتخبطة التي شهدتها المنابر الإسرائيلية، ملوّحاً بالقدرة على اجتياح العاصمة السورية.

ويبدو أن إسرائيل، التي رأت في التصريحات السورية خروجاً عن المألوف، تحاول أن تصوغ ردودها بطريقة لا تبدو فيها منكفئة أمام الهجوم الكلامي السوري، من دون أن تسبّب تصعيداً إضافيّاً ترى أن لا مصلحة لها فيه. وهذا ما حرص البيان الذي أصدره رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، على إظهاره، حين شدد على مواصلة إسرائيل (التصرف بتصميم وحسم حيال أيّ تهديد)، رغم أنها (تسعى إلى السلام والمفاوضات مع سورية).

وأشار معلّقون إسرائيليون إلى أن موقف نتنياهو هذا كان نوعاً من المزاوجة بين التهديدات التصادمية، التي أطلقها وزير خارجيته، ليبرمان، والرسائل التهدوية التي أطلقها وزير دفاعه، إيهود باراك. وأوضحت مصادر مقربة من نتنياهو أنه (من المهم لرئيس الحكومة أن يفهم السوريون أن إسرائيل لديها بعد رادع ومكانة ردعية، ولذلك فإن نتنياهو لا يختلف مع ليبرمان وهو لم ينتقده). وأكدت المصادر أن (الرجلين متفقان تماماً على مضمون الأقوال، ولا يختلفان إلا في مسألة التوقيت. فنتنياهو يريد الآن هدوءاً في الجبهة السورية، وهو معنيّ بخفض مستوى اللهيب في تصريحات الطرف الإسرائيلي).

ليبرمان يحسب أن الجولان سلعة رخيصة وأن سورية فيه من الزاهدين، وأنه يمكن التنازل عنه بتوقيع مفاوض، وما حسب هذا اليبرمان أن الجولان دونه الأرواح والمهج، فهو قطعة عزيزة على قلب اثنين وعشرين مليون سوري سيندفعون لتحريره عندما تتاح لهم الفرصة دون إعاقة من سلطة أو نظام، وحرية الجولان وفك أسره نقش محفور في أذهان السوريين وعقولهم مهما غلا الثمن، وإن كان على طريقة شوقي:

وللحرية الحمراء باب .. بكل يد مضرجة يدق