شيخ الإسلام جورج بوش!

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

صار فضيلة الإمام الأكبر جورج بوش ، صاحب الكلمة العليا في شئون المسلمين حيث يصنفهم حسب هواه الصليبي إلى طيبين وأشرار ، أو حسب لفظه إلى معتدلين وإرهابيين ، والأولون لهم كل المودة والمحبة ، لأنهم مطيعون ، ويسمعون كلام العام سام ، وينفذونه بحذافيره ، ولا يرددون مايسمى في الإسلام بالجهاد والعزة والكرامة والعدل والحرية ، وكلمة الله هي العليا ، وكلمة الذين كفروا هي السفلى .. أما الآخرون فهم الذين يستحقون الموت ، ويجب شن الحرب عليهم بلا هوادة ، لأنهم غير مطيعين ، ويبحثون عن شىء اسمه الاستقلال والسيادة ، ولا يفرطون في حقوقهم ، ويطالبون بالقدس وفلسطين وعودة اللاجئين ، ويحرصون أن تكون ثروات العرب للعرب ، وليس للكارتلات الاستعمارية المتوحشة ..

كان فضيلة الشيخ بوش يخطب على منبر المحاربين القدماء في نيفادا الأسبوع الماضى (أول سبتمبر 2007م ) ، وكان يقول بكل فخر وشجاعة إنه يقتل نحو 1500 إرهابي في العراق كل شهر ! ، وصدرت الإحصائيات بعد خطابه لتقول إن عدد الإرهابيين ازداد في شهر أغسطس 2007م بنسبة 7%عن شهر يولية السابق عليه ، حيث وصل العدد الشهري  إلى 1670 قتيلا إرهابيا وفقا لمفهوم فضيلته للإرهاب !

ترى لو أن بلدا فيه كل هؤلاء الإرهابيين الذين يقتل منهم بوش وعصاباته الغازية المتوحشة مثل هذا العدد، بما ذا نسميه ؟ بلا شك هو بلد إرهابي بامتياز ، ولكن فضيلة الشيخ بوش يخبرنا دائما أن العراق صار بلدا ديمقراطيا ، وسيكون واحة الديمقراطية فيما يسميه الشرق الأوسط، فكيف نوفق بين رؤيته للعراق الإرهابي والعراق الديمقراطي ، لابد أن الرجل يعاني خللا فكريا وعقليا ، ويحاول أن يقنعنا برؤيته الإجرامية الوحشية التي تسمح له بقتل الشعب العراقى البائس ، ويسمى القتلى بالإرهابيين .. من قال إن الفلاحين البسطاء في الفلوجة والأنبار وديالى ، صارو ا إرهابيين وهم يبحثون عن لقمة العيش بطلوع الروح .. لقد كانوا آمنين مطمئنين قبل ان يهل عليهم فضيلة الشيخ جورج بوش بطلعته الوحشية الشائهة ، وكانوا راضين بقدرهم وحظهم في ظل الديكتاتور الذي أعدمه بوش يوم عيد الأضحي المبارك  ليكون عبرة لغيره من حكام العرب والمسلمين حين يخرجون على النص الأميركي الصليبي الذي رسمه لهم البنتاجون والبيت الأبيض والمخابرات المركزية الصليبية والموساد النازى اليهودي !

فضيلة الشيخ جورج بوش يرى ان الله بعثه ليطهر المسلمين من الإسلام ، وتثبيت القاعدة الصليبية العسكرية التي تسمى الكيان الصيوني في أرض فلسطين المحتلة لتأديبهم إذا رفعوا رءوسهم ، أو شعروا بآدميتهم أو إنسانيتهم ، والرجل مذ فبرك مع أجهزته أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، فقد انطلق بكل قوته صوب الشرق الإسلامي مترسما خطا بطرس الحافي عام1095م ، لتحرير بيت المقدس تحت شعار"إنها إرادة الله " ، لقد تحرك بوش نحو أفغانستان ليدمر شعبها ، ويهدم بيوتها ومساجدها ومستشفياتها المتواضعة ، بحجة محاربة القاعدة (الموهومة !)، وطالبان التي تحميها ، وصب على الشعب المسلم البائس المسكين أحدث ما أنتجته آلته العسكرية من قذائف حارقة خارقة لا تبقى ولا تذر ، وسوى أفغانستان المسلمة بالأرض ، ثم خرج علينا أتباعه بأنهم نقلوا أفغانستان من العصور الوسطى إلى القرن الحادى والعشرين ، بعد أن قاموا بتعرية بعض نساء أفغانستان ، وإسقاط الشادور عن وجوههن تحت دعوى تحرير المرأة الأفغانية التي تعيش تحت القيود والقهر .. وتحريرها هو تحرير أفغانستان ، بينما المرأة الأفغانية لا تجد ما تطعم به أولادها .. ثم نصبوا حاكما على كابول من لدنهم اسمه كرزاى ، ليمثل الديمقراطية الأميركية التى تتباهى بها الأمم ! وإذا بالعالم كله يفاجأ بعد خمس سنوات من القتل الذى يمارسه التحالف الصليبي ضد الشعب البائس المسكين بأن التحالف الصليبي قد غرق في مستنقع اسمه المقاومة الأفغانية التي تواصل مع ضعف امكاناتها وقدراتها إنزال المزيد من الخسائر بالجيش الأميركي الذى لايقهر ، ومعه التحالف الصليبي المتوحش لحلف الناتو ، وتضطر بعض الدول المتحالفة إلى سحب قواتها تحت تأثير الخسائر أو ضربات المقاومة الأفغانية المسلمة التي لم تهرب من الميدان ، وتضحى بجسدها وروحها في مشاهد نبيلة غير مسبوقة ،وهي المشاهد التي لم تعجب بعض الشيوعيين المصريين السابقين ، الذين تأمركوا ، فراحوا يكتبون عن جهل طالبان وغباء طالبان وتخلف طالبان ، دون أن يشيروا بكلمة واحدة إلى إجرام سادتهم الأميركان ، وحلفائهم الصليبيين ! وهذه الكتابة في حقيقة الأمر دفاع غير مباشر عن الأميركان ، وخيانة للإسلام وأوطان المسلمين ، نظير فتات رخيص لايتكافأ مع الدفاع المتهافت! واللافت بعد كل ذلك أن أميركا لم تقض على القاعدة ، ولم تقتل أحدا من زعمائها .. هل يستطيع أحد أن يفسر لنا ذلك ؟

والأمر ذاته قام به فضيلة الشيخ جورج بوش أوالكذاب الأكبر ، حين ادعى أن العراق لديه أسلحة نووية ، وضرب عرض الحائط بماقاله المراقبون الدوليون ، وتحدي العالم ، وجاء بآلاف الجنود ، وآلاف المرتزقة ، ليكرر تجربة أفغانتستان في العراق ، فدمرأرض الرافدين ، وهدم مدينةالرشيد ، ونهب تراثها وثروتها وبترولها ، ثم أشعل نار الفتنة الطائفية ، واستخدم المرتزقة لقتل الأبرياء ، وهدم المساجد والمزارات ، وصدق – كما أوهمه العملاء - أن الشعب العراقى سيستقبله بالورود ، ولكن المفاجأة أن الفلوجة استقبلته بالمقاومة ، وكذلك فعلت البصرة ، ولم يستطع مع عملائه أن يجاوز المنطقة الخضراء التي يخاطب من خلالها العالم ، ويصدر أوامره لقوات القتل الصليبية المتوحشة بقتل الآلاف من الشعب البائس المسكين ، ويحاول إقناع العالم بأنه يحارب الإرهاب ، الذى تقوده القاعدة .. ويالها من قاعدة تلك التى تنتشر انتشار النار في الهشيم فتملأ العراق كله من شماله إلى جنوبه دون أن يستطيع استئصالها أو القضاء عليها ، ونسى فضيلة الشيخ جورج بوش أنه يضحك على نفسه قبل أن يضحك على العالم ، لأن الناس في كل مكان يعلمون أن الشعب العراقي كله باستثناء العملاء هو الذي يحارب الغزاة الهمج ، ويقاتلهم بضراوة غير مسبوقة وينزل بهم الخسائر كل يوم ، لدرجة أن الحليف الأكبر لفضيلة الشيخ جورج بوش – أعني بريطانيا العظمى - تقرر الهروب من البصرة والقصر الرئاسي ، تمهيدا للهروب الكبير من العراق ، وهي أكبر لطمة تلقاها السفاح بوش من أقرب حلفائه ، ولم يكن يتوقعها حيث إنه كان قد فرض له نصيبا ثمينا في كعكة البترول العراقى ، ولكن جاءت الأحداث بما لايشتهي السفن ، وجاء الهروب البريطاني ليلحق بالهروب الإسباني وغيره ، وليؤكد ان المقاومة العراقية النبيلة سترغمه ، على الهروب هو الآخر مهما أبدي من ممانعة ، ورفض للمطالبات الداخلية في مجلسي الكونجرس بضرورة الانسحاب ، بعد أن عرف العالم أن الأهداف الأميركية في العراق لم يتحقق منها بعد أربع سنوات غير ثلاثة أهداف من ثمانية عشر هدفا !

ولا شك أن الاستعانة بالعملاء مهما حققت من مكاسب في أول الأمر ، فإنها في النهاية خسارة كبرى ، لأن العميل جبان ، ولا يصمد إذا رأى المقاومة الحقيقية تحاصره ، وتكشفه , وتفضحه أمام العالمين ، وهو ما جرى لحكومة العملاء التي تحكم العراق ، واعترفت مؤخرا أن آلاف الطائفيين الخونة انضموا إلى قوات الأمن ، وعاثوا في الأرض فسادا ، وقتلوا وعذبوا الآلاف من الأبرياء المساكين ..

إن جورج بوش اراد أن يغيرمناهج التعليم الإسلامى تحت مسمى تغيير الخطاب الديني ، وأرغم دولا إسلامية على حل جمعيات خيرية وإسلامية آخرها ما فعله المدعو " فياض " في الضفة والقطاع بحل أكثر من مائة جمعية خيرية تساعد اليتامي والمحتاجين ، وأرغم دولا عربية على مراقبة الأئمة والخطباء ، ، وأرغم دولا عربية على نزع الإسلام من الثقافة والإعلام وإقصاء الإسلاميين من الأنشطة الفكرية والإعلامية والتعليمية فضلا عن الأنشطة السياسية  .. ورأى أن ذلك هو الإسلام المعتدل ، وأصدر فتاواه التى استجابت لها بعض الدول العربية والإسلامية ، ولكنه لم يدر أن الشعوب الإسلامية تقاوم، وتدرك أن فتاوى الشيخ بوش باطلة ، وحرام ، وغير إسلامية ، لأنها صليبية لا تمت إلى المسيح أو المسيحية بصلة ، بل تمت إلى التوحش والهمجية واللصوصية و، وهى سنّة الصليبيين الاستعماريين غير الحميدة في كل زمان ومكان ، ولا غالب إلا الله.