ارفع سيف مخابراتك عن أعناق البشر
أيها الرئيس ..
ارفع سيف مخابراتك عن أعناق البشر
بمناسبة اعتقال أبي راتب، رئيس رابطة الفن الإسلامي ..
المنشد أبو راتب |
د. منير محمد الغضبان * |
أولا : أقول بكل ثقة .. لم تعرف البشرية إرهابا في تاريخها مثل إرهاب الولايات المتحدة على العالم . فهي تحاول إحكام سيطرتها على الدول والشعوب ، ولم يعد إنسان يأمن على نفسه من سطوتها ، ولو كان في أدغال أفريقيا ، أو في مرتفعات هيمالايا ، فهي القوة الأحادية التي مكنها الله تعالى في الأرض ، وعلى الناس تنفيذ ما تحكم ، وتنفيذ ما تقضي .
يرحم الله أياما خلت كان الملاحق والمطارد في سورية مجرد أن يجتاز حدود لبنان لا تستطيع قوة أن تمسكه ، والعكس .
لكن أين يهرب اليوم من يقول لأمريكا لا؟ نظاما أو فردا .
وإذا كانت الأنظمة تدفع شيئا عن نفسها بالجيوش والسلاح ، أما الأفراد والعلماء والمفكرون والسياسيون والفنانون . بم يدفعون عن أنفسهم سيف المخابرات الأمريكية ،وهي تبحث في الأرض لتعرف مكان وجودهم وتعتقلهم وتحاكمهم .
فالحق هو الحق الأمريكي ، والباطل هو الباطل الأمريكي . ولا سلطان فوق سلطانهم ومن أجل هذا قلنا إن أعظم إرهاب شهدته البشرية هو الإرهاب الأمريكي .
السيد الرئيس أوباما . أعتقد أن هذه القضية لا تغيب عن ذهنك وحاولت ما استطعت من أجل إلغاء معسكر غوانتنامو ، حيث لا يحكم بشرعة من شرائع الأرض ، إنما يحكم ويدار بنزوة بشرية من نزوات مخابراتك .
ثانيا : أقول هذا بمناسبة اعتقال رئيس رابطة الفن الإسلامي الأستاذ محمد مصطفى أبي راتب .
إنكم أيها الرئيس تعتقلون رمزا من رموز العالم الإسلامي وأحد قياداته الفكرية والفنية ، وأناشيده خاصة في العالم العربي تربت عليها أجيال ، وخفقت بها قلوب الرجال والنساء والأطفال ، وساهَمَت في بناء الإنسان العربي الذي يؤمن بالسلام العادل . يدافع عن وطنه ومعتقده ، ويهتف بقلوب عشرات الملايين وأحاسيسهم ومشاعرهم . ولا أبالغ إذا قلت إن اعتقالك لو اعتقلت أخف وطأة على شعبك من اعتقال المنشد الإسلامي أبي راتب على شعوب العالم العربي والإسلامي .
ثالثا : كما لا أبالغ إذا قلت أن سبب الاعتقال المذكور هو الذي يذكي الدماء في قلوب هذه الملايين ويفجر عواطفها ..إنه يناصر منظمة حماس الإرهابية .
ما رأيكم لو اعتقلتم كل من صّوت لحماس في الانتخابات وهم أكثرية الشعب الفلسطيني بتهمة تأييدهم لمنظمة حماس . في أنزه انتخابات عرفها الوطن العربي بشهادة وإشراف سلفك كارتر (الديمقراطي ) الرئيس الأسبق للولايات المتحدة . وقد قامت حليفتك إسرائيل بتدمير شعب وأنت تقف خلفها أسدا هصورا لتحميها من أن تمس مطبقا شريعة الغاب .
قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر
وذبح شعب آمن مسألة فيها نظر ..
ولتحقيق هدف مخابراتك يجب اعتقال شعوب العالم كلها لأنها أيدت دفاع الشعب الفلسطيني وعلى رأسه حماس . وأدانت الجرائم الإسرائيلية .
ولمَ لمْ تعتقلوا (114) دولة صوتت لصالح تقرير غولدستون ؟؟عن وطنه
وظني أنا نحِنُّ إلى شريعة الغاب ، لأن ذبح شعب آمن لم تعد مسألة فيها نظر . بل أصبحت هدفا وقرارا ينفذ بعناية من خلال قرار حكومتك العتيد، بخنق هذا الشعب بالجدار الفولاذي ،وتحلمون أن تصبح غزة مدفونة بهذا الجدار، أو يستسلم الشعب الفلسطيني لمطالبكم وقناعاتكم ، وتكون شاهدة على العدل الأمريكي في العالم مثل تمثال الحرية عندكم . ويكتب عليها ( قبر شعب غزة ) بأيد عربية ، وقرارات أمريكية .
رابعا : أيها السيد الرئيس
كنا نقول أن جذورك الأفريقية سوف تمثل رفع الظلم عن الشعوب المسحوقة في العالم ولهذا اطمأننا لك ، وصدقناك ، ولن نقطع خيط الأمل الواهي منك . فلا بد يوما أن تحن إلى هذه الجذور . وعندما وقع العدوان الإسرائيلي على غزة لم تنطق ببنت شفة بحجة أنك لم تستلم مسؤولياتك الرئاسية بعد .وكنا نأمل أن يكون أول قرار لك إعلان إسرائيل
دولة إرهابية ، وها أنت وقد مضى أكثر من عام على استلامك سدة الرئاسة الأمريكية . فماذا فعلت لمعاقبة الجزار الإسرائيلي.
1- حلت دون وصول تقرير غولدستون لمجلس الأمن من خلال مندوبك فيه .
2- تراجعت عن المبدأ الذي أعلنته أنك ضد الاستيطان الإسرائيلي إذ أعلنت موقفك أن لا مفاوضات . قبل إيقاف الاستيطان .ثم تراجعت عنه أمام ضغوط صديقك نتنياهو .
3- أقررت إقامة الجدار المسلح العازل بين رفح وغزة لإحكام خنق الشعب الفلسطيني مناقضا بذلك موجب اتفاقية جنيف كما ذكر تقرير غولدستون (البعثة ترى أن إسرائيل لا تزال ملزمة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة وإلى أقصى حد من الوسائل المتاحة لها لضمان توريد المواد الغذائية . والعناصر الطبية . والمستشفيات وغيرها لتلبية الاحتياجات الإنسانية للسكان في غزة دون قيد وشرط ).
4- عندما جاء أولمرت رئيس الوزراء المسؤول عن قرار إبادة غزة ؟ قوبل في شيكاغو وسان فرانسيسكو بطلب اعتقاله لأنه قاتل أطفال الشعب الفلسطيني . وطالبت القاضية هناك باعتقاله . وطالب الأمريكيون الأحرار من شعبك باعتقاله فقد قتل 15 إسرائيليا مقابل 1500 فلسطيني آمن من الشيوخ والنساء والأطفال . وعِوضًا عن اعتقاله تم اعتقال تسعة عشر مواطنا وحماية مجرم الحرب .
5- لم تتكلم كلمة واحدة عن التغيير الديمغرافي الذي يتم في القدس . واحتلال البيوت وإخراج الآمنين والعمل على تحويل القدس إلى مدينة ذات أكثرية يهودية .
6- لم تتكلم كلمة واحدة عن قتل إسرائيل لخصومها خارج أراضيها ، وعلى أرض عربية ، بينما اعتبر الفدائيون مجرمي حرب إذ قتلوا واحدا خارج أرضهم ووطنهم ، وطمئن حليفتك إسرائيل أن شعبنا سيلد الملايين ما لم تحرر أرضه .
7- لقد التقيت هذا العالم بممثلي الكثير من الحكومات العربية والإسلامية وهناك حد أدنى تلتقي عليه هذه الحكومات جميعا . هو المشروع العربي للسلام . الأرض مقابل السلام . وتنفيذ القرارات الدولية في هذه القضية . حتى من يتهمهم البعض بالتخلي عن قضيتهم من الشعب الفلسطيني . فقد رفضوا مقترحاتك . ورُفِضت المفاوضات مع العدو الإسرائيلي . ما لم يقف الاستيطان على أساس الثوابت العربية ، وخاصة القدس عاصمة دولة فلسطين ، وأنت تحمل نتائج هذه السياسات . وذلك لأنك رئيس أمريكا ورمزها بغض النظر عن مواقفك داخل حزبك التي لا نعرفها قبل اتخاذ القرار .
خامسا : أنهي حديثي معك باقتراح بسيط في مظهره ، وجوهري في مخبره .
وذلك بعد أن عرفت رأي الحكومات العربية والإسلامية . أليس من الواجب عليك أن تعرف رأي الشعوب الإسلامية . من القادة والسياسيين والعلماء والمفكرين بعيدا عن حكوماتهم وأن تلتقي مع عشرين منهم على الأقل يمثلون رأي شعوبهم من خلال أكبر منظمتين عالميتين هي منظمة المؤتمر الإسلامي . ومنظمة الاتحاد الدولي لعلماء المسلمين . ويتم اختيار الوفد باتفاق هاتين المنظمتين لتتمكن من فهم هذه الشعوب صاحبة القرارت حسب منطلقك الديمقراطي .
أيها السيد الرئيس أنصحك وأذكرك بقول الشاعر العربي قبل أن تفقد مصداقيتك عند هذه الشعوب :
نصحتهم نصحي بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد
وسلام على المرسلين ، والسلام على من اتبع الهدى ، والحمد لله رب العالمين
* باحث إسلامي سوري