حرب التشويه والدسائس ضد حماس
حرب التشويه والدسائس ضد حماس،
لماذا وكيف؟
أحمد الفلو /فلسطين
لم تتعرض حركة سياسية إصلاحية مجاهدة لهذا الكم من التعتيم الإعلامي ولا لهذه الكيفية من التشويه المتعمد، بقدر ما تعرضت له حركة المقاومة الإسلامية حماس، كما لم يتجمع ذلك النوع من الحشد لقوى متباينة عبر التاريخ من أجل القضاء على حركة سياسية في بقعة جغرافية محدودة جداً، ولكن يبدو أن حركة حماس رغم محدودية مكان نشوئها فإنها تستمد قوتها من منبعين في غاية القوة والمنَعَة أولهما التمكين الإلهي لرجال الإسلام و الثاني أنها تمثل ضمير الأمة قاطبة في مواجهة تحديات الأعداء خاصة بعد أن جرّبت أمتنا الحلول غير الإسلامية التي أوردت أمتنا العربية والإسلامية مصارع الهلاك .
ولعل الإنجازات السياسية الهائلة التي حققتها حركة حماس وعلى رأسها أول نصر فلسطيني حقيقي على العدو الإسرائيلي في حرب الفرقان، وثانيها استقلالية القرار الفلسطيني بعيدا عن التأثير الصهيوني الأمريكي ثم دخول المقاومة إلى قلب الأحداث بل الأخذ بزمام المبادرة مما أدى إلى حرمان الزعامات الفلسطينية المتصهينة واللصّة من التصرّف بقضية فلسطين وبيعها والمتاجرة بها، بل إن حماس تمكنت من صياغة معادلة جديدة أهم نتائجها كان إسقاط أي مبرر لتحكّم تلك الزعامات الفتحاوية المنتفخة بالعناد والغرور وبصحبة الكائنات الطفيلية اليسارية الماركسية المعششة في ثنايا أحذيتها والتي تقتات على الخزانة الفتحاوية المتخمة بالمال.
ولابد أن نتساءل مثلا ًعن ذلك التناقض العجيب الذي تبديه حركة فتح من خلال إظهار إعجابها المزيف وإشادتها بانتصارات حزب الله في حرب 2006 بينما تعتبر تلك الزعامات انتصارات حرب الفرقان التي حققها الشعب الفلسطيني في 2009 هي هزيمة وانتحار، رغم أن حزب الله نفسه يعتبر أن نصر الفرقان أعظم بالنظر إلى قلة السلاح وعدم وجود دعم وإسناد للقطاع المحاصر حتى غذائياً، وكثيرا ًما تباكى أنصار فتح ومعهم جبهات اليسار وأحزابه على المناضل اللبناني عماد مغنية بينما لم يصدر من هؤلاء الفتحاويون ويسارهم ولا حتى من دولة الإمارات الحليفة لعباس بيان أو إشارة إلى المجاهد محمود المبحوح الذي استشهد على يد الموساد، رغم أن المهام والتضحيات التي قدمها بها المبحوح لا تقل أهمية عما قام به مغنية، أم إنها النكايات بعينها وليس محبة بمغنية ولا بحزب الله.
وبينما كان قادة اليسار مثل نايف حواتمة والصالحي وعبد الرحيم ملوح وصالح رأفت الأمين العام لإتحاد الشعب الديمقراطي الفلسطيني (فدا) الذي تم تعيينه عضو لجنة تنفيذية بناءً على ترشيح الكذاب الكبير ياسر عبد ربه ينشرون الإشاعات حول اتصال حركة حماس بالصهاينة سراً في الدول الأوروبية كانت كتائب القسام تلتحم في معارك بطولية مع العدو الصهيوني تتقدمهم قيادات الصف الأول وأبنائهم ، وفي ذات الوقت الذي كان فيه المغوار أبو النوف يمرِّغ خديه على أعتاب الصهيوني جلال طالباني للحصول على تزكية من أجل الدخول إلى نادي خنازير الاشتراكية الدولية مرفقاً بها حقيبة دولارات هبة له من خزينة عملاء الاحتلال في العراق، أما ملوح الجبهة فهو مازال مسترخيا ًعلى أنغام موسيقى سيده الجنرال دايتون .
لقد أطلَّ علينا محمود عباس و زبانية قصره هباش ودحلان واليساريون من حزب الشعب بسام الصالحي وحيدر عوض بتصريحات يساندون من خلالها الحق المصري المزعوم ببناء الجدار الفولاذي القاتل إضافة إلى ما يروِّجه بعض المستثقفين المتحذلقين في الأوساط الإعلامية المأجورة في فلسطين أو في مصر من أن حركة حماس ليست سوى ذراع للمخابرات الإيرانية في المنطقة العربية، بينما هم يعلمون تمام العلم أن حماس حركة إسلامية سنية سلفية تفتح ذراعيها لكل من يرغب في دعم المقاومة في فلسطين حتى لو كان نصرانياً من فنزويلا، وربما كان إحباط المشروع القطري الماليزي في مجلس الأمن المتعلق بإنهاء الحصار على قطاع غزة على بد الماركسي المخضرم مندوب عباس في مجلس الأمن رياض منصور الرمحي تلميذ الثوري الكبير أبو النوف ، ولم يكتفِ الرمحي بذلك بل إنه طالب بتشديد الحصار وبإرسال قوات دولية لاحتلال قطاع غزة وطرد الإرهابيين الحمساويين ، حسب توجيهات سيء الذكر محمود عباس.
إن دراسة معمّقة وتحليلية للبرنامج الذي وضعته حركة حماس عند خوضها الانتخابات تبرز بوضوح تلك النظرة الشمولية والطموحة لتلك الحركة في قيادة الشعب الفلسطيني ولعل أهم معالم تلك الرؤية تجلت في مسألة المرجعية السياسية لحركة حماس في صراعنا مع الصهاينة وهي الشريعة الإسلامية وإضفاء البعد العقائدي والثقافي الإسلامي إلى لبّ القضية الفلسطينية واستبعاد المرجعيات الدخيلة والمشبوهة من ساحة الصراع مثل اتفاقيات أوسلو وخارطة الطريق واللجنة الرباعية، أما البرنامج الاقتصادي لحركة حماس فإنه مبني بالدرجة الأولى على التخلي عن الاعتماد على الاقتصاد الإسرائيلي وفك أي نوع من الارتباط بذلك الاقتصاد وأن يتم ذلك من خلال بناء اقتصاد قائم على الجهد الذاتي الفلسطيني وتلك الطروحات الصادقة والصائبة تمثل تطوراً هائلا ً في الحياة السياسية والاقتصادية الفلسطينية لم ترقَ لمستواها أي من القيادات الفلسطينية السالفة.
وهكذا فإن توجهات مثل هذه أذهلت العدو الصهيوني وجعلت مصالح العدو تلتقي مع مصالح قوى منظمة التحرير الفلسطينية حيث اعتادت تلك القيادات على اقتصاد قائم على المساعدات المالية العربية والخليجية يقتسمها القادة السياسيون والعسكريون وينهبوا منها ما يستطيعون دون حسيب ولا رقيب، أما المرجعية السياسية فإن قيادات منظمة التحرير بقيت تحتذي باللجان والقرارات وتتنازل تدريجياً عن حقوق شعبنا حتى أصبحت الرباعية وزعيمها طوني بلير هما معقد الآمال ومنتهى الأحلام لدى زعامات منظمة التحرير بينما تمت معظم عمليات الاستيطان و الحفر تحت المسجد الأقصى وتفريغ القدس ومصادرة الأراضي في عهد سيدهم طوني بلير وفي الوقت ذاته تعقد حركة فتح مؤتمرها السادس كي تبحث في المؤتمر في طرق ووسائل استعادة قطاع غزة من سيطرة حماس بدلا من إنقاذ القدس ومقاومة الاستيطان.
فكيف لهذه القيادات الوضيعة أن تتقبل فكرة وجود حركة إسلامية مجاهدة ضمن الحياة السياسية الفلسطينية ، يكفي أن مجرد الحديث عن المرجعية القرآنية لحل قضية فلسطين و بناء اقتصاد ذاتي مستقل لعل ذلك يكون حاجزاً يحول بين زعامات المنظمة بفتحها وجبهاتها وأحزابها اليسارية وبين المنافع والامتيازات التي يتمتعون بها بفضل استمرار سياسات التبعية والانقياد للعدو الإسرائيلي، خصوصاً أن الشعب الفلسطيني يعاني الكثير من سفالات وانحطاط قيادات ما يُسمى منظمة التفريط الفلسطينية.