الكيان الصهيوني.. تاريخ أسود ومسلسل دموي
الكيان الصهيوني..
تاريخ أسود ومسلسل دموي!!
محمد فاروق الإمام
[email protected]
ملف
التاريخ الإسرائيلي أسود بكل المواصفات، ومسلسل دموي قام على الإرهاب من أول يوم
ولا يزال وسيبقى حتى استئصال هذا الكيان من منطقتنا العربية والعالم.
فقد
شكلت سياسة الاغتيالات الإرهابية الصهيونية التي طالت قادة الانتفاضة ورموزها
السياسية، معلماً بارزاً من معالم الإرهاب الصهيوني المقنن والممنهج ضد
الفلسطينيين، وبصورة تجاوزت معها السياسة المذكورة الخطوط الحمراء.
تاريخ الكيان الصهيوني الأسود والمسلسل الدموي الذي سلك طريقه خلال عقود قيامه غير
الشرعي سطّر خطوطه الأولى منذ ما قبل الإعلان الرسمي عن إقامة (إسرائيل) وصولاً إلى
اغتيال القائد العسكري الفلسطيني البطل محمود مبحوح. فسياسة الاغتيالات التي
اعتمدها الصهاينة لملاحقة الحركات الجهادية والنضالية صاغت نمطاً صهيونياً تقليدياً
تجاوز الأعراف الدولية والإنسانية كافة، وبصورة قد لا تحيد عن جادة
الصواب، إذا ما قيل إن إسرائيل كانت سبّاقة في اللجوء إلى هذا النوع من العمليات
السرية والعلنية حيث تموضعت أهدافها على قاعدة مزدوجة الرأس: التأكيد على تفوقها
الاستخباري وإرهاب الجانب العربي.
وإذ
تجاوزت الممارسات الصهيونية على هذا المستوى الجانب الفلسطيني، لتطول الجوانب
العربية، بل والدولية أيضاً، فإن سياسة الإرهاب والتصفيات تلك تشعبت بين القتل
الجائر واستعمال الطرود المتفجرة
والسيارات المفخخة، وكذلك الطائرات والمواد السامة والهواتف النقالة.
وفي
سياق تتبع سياسة التصفيات والاغتيالات الصهيونية قد يكون من الأهمية الرجوع إلى عقد
الأربعينيات إلى المرحلة السابقة على إقامة الكيان الصهيوني إذ ذاك، تم إنشاء ما
يسمى (ليتحي) (أي مقاتلو الحرية)، وكانت أبرز عملياتهم اغتيال الوسيط الدولي
السويدي الجنسية (برنادوت).
وفي
الأربعينيات أيضاً، لجأ الصهاينة إلى أسلوب الطرود المفخخة، التي كانوا يرسلونها
إلى شخصيات عربية وفلسطينية بغرض تصفيتها أو إعاقتها جسدياً، ولكن أسلوب الطرود
المفخخة استخدمه الصهاينة أيضاً لاغتيال بعض الضباط والجنود الإنجليز في مصر، وقُتل
وفقاً لهذا الأسلوب العشرات من الإنجليز، وفي الواقع شهدت سنوات الأربعينيات اعتقال
العديد من اليهود الذين نفذوا مثل هذه العمليات ومنهم (إلياهو حكيم)، و(إلياهو بيت
شوي)، اللذين أعدما
شنقاً في العاصمة المصرية، بعدما ثبت تورطهما في مقتل (اللورد موين).
واغتيال عالمة الذرة الدكتورة سميرة موسى المصرية في حادث سيارة مفتعل في (سان
فرانسيسكو) في الولايات المتحدة عام 1951م واشتهرت الدكتورة بأنها صاحبة أطروحة
دكتوراه لدراسة استخدام المواد المشعة في (جامعة اوكردج).
وفي
عام 1956م، أقدم الموساد الصهيوني على اغتيال الضابط المصري مصطفى حافظ من خلال طرد
مفخخ انفجر بين يديه في مدينة غزة واستناداً إلى رواية العدو الصهيوني فإن مصطفى
حافظ كان مسؤولاً عن عمليات التجسس داخل الكيان الصهيوني، وأعلن جهاز (أمان)
مسؤوليته عن ذلك.
وفى
العام نفسه تم أيضاً اغتيال الضابط المصري صلاح مصطفى، الذي كان يعمل ملحقاً
عسكرياً بالسفارة المصرية بالأردن عندما انفجر فيه طرد بريدي وهو يمارس مهام عمله
بعمان.
وفي
عام 1963م، وعندما كان (إسحاق شامير) رئيس الذراع العسكرية لما يسمى (مقاتلو
الحرية) أرسل طروداً مفخخة إلى شخصيات ألمانية اعتبرتها (إسرائيل) قد ساعدت مصر في
برنامجها الصاروخي، وقُتل العديد من الألمان في العمليات المذكورة.
وقد
تكون سنوات السبعينيات إحدى أهم المحطات في سياسة الاغتيالات والتصفيات الصهيونية،
حيث ذهبت الأجهزة الاستخباراتية الصهيونية إلى مطاردة الفلسطينيين في العواصم
الأوروبية كافة، ولم تتوقف عمليات الاغتيال إلا بعد انكشاف أمر إحداها في العاصمة
النروجية (أوسلو) عندما قتل عامل جزائري في مطعم وكان المقصود من العملية المسؤول
الفلسطيني أبو حسن سلامة مسؤول جهاز الـ(17).
وقد
اعتقلت السلطات النروجية آنذاك، عميل الموساد (وان أرييل) الذي كان أحد أفراد
الفريق المنفذ للهجوم، وبعد ذلك اعتقلت السلطات النروجية خمسة آخرين من بينهم
(إبراهام جمار) وهو من كبار قسم العمليات الخارجية في الـموساد.
ووفقاً للمعلومات التي سربتها السلطات النروجية بعد اعتقال (دان أرييل)، فإن
الـموساد كان مسؤولاً عن عشرات عمليات التفجير والاغتيالات التي حدثت في أوروبا في
تلك الفترة، بعض هذه العمليات أعلن الـموساد عنها صراحة والبعض الآخر بقي في ظل
الكتمان، كما كشفت التحقيقات النروجية أن الشخص الذي وقف على رأس طاقم الاغتيالات
في أوروبا، هو (مايك هراري)، الذي كان يعمل تحت الإمرة المباشرة لرئيس الموساد
(تسفي زمير)، وكان يشرف لحظة الهجوم على المطعم النروجي، للتأكد من مقتل أبو حسن
سلامة، ومن بين عملاء الموساد الذين اعترفوا
بالضلوع في عمليات الاغتيال (باروخ كوهين) الذي قُتل في مدريد في عام 1973م و(تدوك
أونير) الذي تعرض لإطلاق نار في العاصمة البلجيكية (بروكسل) في نفس العام.
وفي
مقابلة نادرة جاء على لسان رئيس جهاز (آمان) السابق اللواء (أهارون ياريف) أن كبار
القادة السياسيين في تل أبيب ابتعدوا عن الاعتراف عن العديد من العمليات التي كان
الموساد ينفذها في أوروبا أو في قارات أخرى في العالم، وفي هذه المقابلة التي
أجرتها معه هيئة الإذاعة البريطانية في عام 1993م أكد (ياريف)، أنه كان يتلقى
أوامره مباشرة في سنوات السبعينات الأولى من رئيسة الوزراء آنذاك (جولدا مائير)،
التي أعطت أوامرها الجائرة بملاحقة واغتيال قادة فصائل المقاومة الفلسطينية أينما
وُجدوا، وحسب (ياريف)، فإن الشخصيات الفلسطينية المستهدفة كانت منتقاة بدقة وأبيح
للموساد استعمال الأساليب التي يراها مناسبة.
في
عام 1972م اغتال الموساد القائد الفلسطيني غسان كنفاني أحد أهم القياديين في الجبهة
الشعبية لتحرير فلسطين، وفي عام 1973م نفذت قوة كوماندوس صهيونية عملية اغتيال
ثلاثة قادة فلسطينيين هم: أبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر.
العقيد
الاحتياطي في الوحدات الخاصة في جيش العدو الصهيوني (موكي بنشر) يروي عملية التصفية
بالقول:
إن
(ايهود باراك)، رئيس الوزراء السابق ووزير الدفاع الصهيوني الحالي، كان قائد
العملية و(بنتر) نفسه قاد مجموعة من أربعة أشخاص، اقتحموا شقة أبو يوسف النجار الذي
كان نائباً لياسر عرفات وأطلقوا النار عليه وقُتلت زوجته معه، المجموعة الأخرى من
فرقة الكوماندوس الصهيونية قتلت كمال عدوان ضابط العمليات في (م.ت.ف) والمجموعة
الثالثة قتلت كمال ناصر المتحدث آنذاك باسم منظمة التحرير الفلسطينية، واستناداً
إلى أقوال (بنتر) فإن رئيس الأركان السابق (ديفيد أليعازر)، ورئيس الاستخبارات
العسكرية (إيلي زعيرا) كانا أشرفا على وضع خطة التصفية للقياديين الفلسطينيين
الثلاثة وكانت آخر الكلمات التي قالها هؤلاء
لمنفذي العملية: (اقتلوا الأشرار).
وفي
عام 1973م وتحديداً في تموز، اغتال الموساد المسؤول الفلسطيني في حركة فتح محمد
بوديا من خلال تفجير سيارته التي كان همّ لقيادتها.
في
كانون الأول من عام 1975م اغتال الموساد محمود الهمشري مؤسس قوة الـ(17)
الفلسطينية. وجرت العملية في باريس من خلال عبوة متفجرة وضعت في هاتف بيته.
وفي
شباط من عام 1979م استطاع الموساد اغتيال أبو حسن سلامة،
قائد قوة الـ(17) في بيروت، وعملية الاغتيال تمت بتفجير عبوة متفجرة بالقرب من
سيارته عبر جهاز لاسلكي.
واستمراراً في سياسة القتل والتصفية اغتالت وحدة كوماندوس صهيونية المسؤول
الفلسطيني أبو جهاد(خليل الوزير) في نيسان من عام 1988م وذلك في العاصمة التونسية،
وقد أطلق المهاجمون (70) رصاصة عليه للتأكد من مصرعه.
وفي
آذار من عام 1990م اغتال الموساد العالم الكندي (جارلد بول)، في شقته في (بروكسل)
بحجة التعاون مع العراق في تطوير المدفع العملاق العراقي.
وفي
تشرين الأول من عام 1995م اغتال الموساد الصهيوني في (مالطا) أمين عام حركة الجهاد
الإسلامي في فلسطين الدكتور فتحي الشقاقي لدى عودته من زيارة لليبيا، وقد نفذت
عملية الاغتيال عبر عميل صهيوني كان يستقل دراجة نارية، وأطلق العميل النار على رأس
الشقاقي فيما كان عميل آخر يقود الدراجة ذاتها.
وفي
كانون الثاني من عام 1996م اغتال الصهاينة القائد العسكري في حركة حماس المهندس
يحيى عياش في منطقة غزة وتم وضع مادة متفجرة في هاتفه النقّال، وأكدت وكالات أنباء
أجنبية آنذاك أن جهاز (الشاباك) يتحمل مسؤولية العملية تلك.
وفي
أيلول من عام 1998م، حاول الموساد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد
مشعل، اعتماداً على مادة سامة أدخلت في جسمه، إلا أن هذه العملية فشلت وتم اعتقال
المنفذين في الأردن، وسيذكر التاريخ للملك الحسين بن طلال موقفه الشجاع عندما حذر
إسرائيل قائلاً: (حياة مشعل أو اتفاقية وادي عربة).
وتصاعد مسلسل الملاحقات والتصفيات مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في 28 نيسان من
عام 2000م ووفقاً لإحصائيات أولية فقد اغتال الصهاينة
حوالي (40) فلسطينياً، كان من أبرزهم:
في تشرين الثاني من عام 2000م أطلق الجيش الصهيوني النار على ثابت ثابت المسؤول في
حركة فتح. وفي تموز من عام
2001م تم اغتيال أسامة جبارة من
فتح، وكذلك العديد من قادة حماس والجهاد الإسلامي أبرزهم جمال منصور وعمر سعادة.
وفي آب من عام 2001م اغتال الصهاينة أبو علي مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية
لتحرير فلسطين في مكتبه من خلال قصفه بصواريخ موجهة من (طائرات الأباتشي).
وفي
آذار من عام 2004م
اغتال الجيش
الصهيوني الشيخ المجاهد أحمد ياسين وهو في الخامسة والستين من عمره، بعد مغادرته
مسجد المجمّع
الإسلامي الكائن في حي الصّبرة في
قطاع غزة،
وأدائه
صلاة الفجر في
اليوم الأول من شهر صفر الخير، بعملية أشرف عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق،
والذي يعيش في غيبوبة سريرية منذ أكثر من سنتين (أرئيل
شارون)، بواسطة مروحيات
الأباتشي
الصهيونية التي قامت بإطلاق 3 صواريخ تجاهه وهو في طريقه إلى سيارته بكرسيه
المتحرّك.
وفي نيسان من عام 2004م أغارت طائرات الأباتشي الصهيونية على سيارة القائد عبد
العزيز الرنتيسي شمال مدينة غزة، أدت إلى استشهاده.
المسلسل الدموي الصهيوني لا نهاية لنفقه المظلم، والاغتيالات الصهيونية لا تتوقف
عند طرف فلسطيني أو عربي أو أجنبي، طالما أن هذا الهدف يعتبر في قاموس الصهاينة عدو
لمصالحهم وأهدافهم وأطماعهم وأجندتهم، فهل يعي المطبعون أو الساعون إلى التطبيع مع
هذا العدو الذي لا يقيم وزناً لكل معايير الأخلاق والقيم الإنسانية، ماهية هذا
العدو وطبعه الذي ولد وشب ويموت عله!؟.