فتنة فاروق الشرع

فتشوا عن الحليف الاستراتيجيّ الإيرانيّ

د.محمد بسام يوسف*

[email protected]

لم يكن من الصعب اكتشاف الأهداف الحقيقية لتصريحات (فاروق الشرع) الأخيرة، فحديثه الذي كان موجَّهاً ضد دولةٍ عربيةٍ كبرى لها وزنها المهم في الساحتَيْن العربية والإسلامية.. رافقه حديث آخر عن علاقةٍ استراتيجيةٍ وثيقةٍ مع الحليف الإيرانيّ القديم الجديد!.. هنا اختلاف وشلل وخلل في العلاقة مع دولةٍ عربيةٍ ريادية.. وهناك توافق في الرؤية، وتكامل وتنسيق غير محدودٍ مع دولةٍ طالما افتخر قادتها وساستها، بالتواطؤ مع أميركة لاحتلال العراق العربيّ المسلم!..

لقد دأب النظام السوريّ منذ ثمانينيات القرن المنصرم، على المشاركة في التواطؤ والتآمر على أمّتنا مع إيران الخميني، إذ لم يجد حرجاً في الاصطفاف إلى جانب إيران ضد الشقيق العراقيّ، طوال ثماني سنواتٍ من الحرب الضروس، التي شنّها الإيرانيون على العراق تحت شعار: تصدير الثورة الخمينية إلى العالَمَيْن العربيّ والإسلاميّ.. إلى أن تطوّرت العلاقة المشبوهة بين الحليفَيْن، لعقد حلفٍ استراتيجيّ، وتشكيل محورٍ خطيرٍ يمتدّ من طهران إلى بيروت، مروراً ببغداد ودمشق!..

لقد حوّل النظام السوري في طبعته الجديدة.. حوّل سورية إلى تابعٍ إقليميٍ لسياسات حليفه الإيرانيّ، ذلك الحليف الذي أحكم عُقَدَ حباله في العراق، متغلغلاً في مفاصله السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، ثم امتدّ إلى الداخل السوريّ، بحمايةٍ كاملةٍ ما يزال يقدّمها له النظام الأسديّ.. امتدّ في سورية، ثقافياً وطائفياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، وأصبح يشكّل خطراً داهماً على سورية الوطن والشعب، متقدِّماً في مشروعه القوميّ تحت غطاء الدين والمذهب، محاولاً ابتلاع الوطن السوريّ بشكلٍ كامل، ليمدّ من نفوذه أولاً، وليتقدّم خطواتٍ إضافيةً في مشروعه المشبوه ثانياً، مستخدماً المال والعمامة وخرافات قمّ وطهران.. وحاجة الزمرة الأسدية إلى حماية عرش سورية الذي اغتصبته!..

عندما يحوّل النظام الطائفيّ الأسديّ سوريةَ إلى ضاحيةٍ من ضواحي طهران، ويُشرع أبوابها كلها أمام المَدّ الأصفر، ويرهن البلاد والعباد للمكر الإيرانيّ.. عندئذٍ لا يمكن لعاقلٍ أن يحتسبَ علاقة سورية بإيران علاقة حليفٍ مع حليفه، بل ستكون علاقةَ التابع مع السيّد الماكر، الذي يسعى لربط كل مَن حوله برباط تحقيق مصالحه واتساع رقعة نفوذه.. هكذا وضع نظامُ بشار أسد سوريةَ داخل القبضة الفارسية الطائفية، وهكذا ربط نظام النخّاسين سوريةَ بالمصالح الإقليمية والاستراتيجية الإيرانية، موظِّفاً نفسه أداةً طيّعةً لتنفيذ المآرب المشبوهة لحليفه العدوانيّ.. أداةً في العراق، وأداةً في سورية، وأداةً في لبنان، وأداةً ضد العرب، وأداةً ضد المسلمين.. إنها الأداة التي تنشر الفوضى والجريمة، وتزعزع الاستقرار، وتزرع الفتنة والفرقة والتناحر أينما وُجِدَت!..

مؤخراً، ثمة حقائق موضوعية بدأت تفرض نفسها على الأرض، فالأوضاع في العراق وصلت إلى مرحلة الحسم، والصراع في لبنان وصل إلى درجة الاستحقاق باقتراب معركة الرئاسة، والتغلغل الفارسيّ الطائفيّ في سورية بلغ مبلغاً كبيراً، والمحكمة الدولية الخاصة بمقتل الرئيس الحريري أصبحت حقيقةً في لاهاي.. فلا بد من الانتقال إلى مرحلةٍ جديدةٍ من التواطؤ وتنفيذ المخطط الطائفيّ الإيرانيّ - الأسديّ، جوهره: فصل سورية عن محيطها العربيّ، وعزلها عن عمقها الطبيعيّ، والوصول بعلاقاتها مع الشقيقات العربيات إلى نقطة اللاعودة.. كل ذلك لا هدف له سوى خدمة المشروع الإيرانيّ المشبوه، وتحويل سورية إلى ورقةٍ أكثر انضباطاً في يد طهران، بساستها وعمائمها السود، ومخطّطاتها الأشد سواداً!..

هكذا كانت تصريحات فاروق الشرع، وفي هذا السياق تندرج تحرّشاته العدوانية.. فهل يستوعب ذلك شعبنا السوريّ وقواه الحية، أو التي ما يزال فيها رمق من حياة؟!.. وهل يعي العرب والمسلمون جوهر المكر الأسديّ الإيرانيّ، فيتحرّكون لإنقاذ أنفسهم، بإنقاذ سورية العربية المسلمة قبل فوات الأوان؟!..

              

*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام