مجلس الشعب المصري

محمد فاروق الإمام

لمَ كل هذه الضجة يا نواب الحزب الوطني؟!

محمد فاروق الإمام

[email protected]

مع وصول قافلة شريان الحياة 3 إلى ميناء (العريش) بعد رفض مصر دخولها من ميناء (نويبع)، مروراً بالموانئ السورية.. كانت معاناة المتطوعين الإنسانية، وجلهم من كبار السن، قد بلغت أقصى مداها.. بعد أن دوختهم سلطات الموانئ المصرية.. من ميناء إلى آخر ومن بحر إلى آخر دون أن تنظر بعين التقدير لـدوافعهم الإنسانية النبيلة، ودون أن تستشعر حجم معاناتهم النفسية والبدنية وهم يتنقلون بسفينتهم القادمة من أوروبا، من خليج العقبة، إلى مياه البحر الأحمر، إلى خليج السويس، إلى البحر الأبيض ثانية، لتفاجئهم سلطات ميناء العريش بمنع دخول ثلاثة وأربعين سيارة صالون، كانت في عداد القافلة بحجة (أنه ليس لها أي طابع إنساني ولا تحمل أية مساعدات، ولم يتم إخطار السلطات بأن القافلة ستضم تلك السيارات)، وأنه.. تبعاً لذلك فـ (إن الجهات المصرية المدنية تتمسك بضرورة تطبيق الإجراءات سواء القانونية أو تلك المتبعة في دخول البضائع غير الإنسانية إلى قطاع غزة).. أي أن على منظمي القافلة أن يقوموا بدفع ما يترتب على إدخال تلك السيارات من جمارك إلى إدارة الميناء، فكان طبيعياً أن تثور ثائرة الذين عبروا (معبر رفح) من أعضاء القافلة، والمتجمهرين حولهم من أبناء القطاع الذين تواجدوا لاستقبالهم والترحيب بهم على الجانب الفلسطيني، وأن تتطور الأمور إلى غضب وتماسك بالأيدي وتصادم مع رجال الأمن المصري على الجانب الآخر، مما أسفر عن إصابات مؤسفة بين الجانبين بمن فيهم بعض متطوعي قافلة (شريان الحياة) الذين سالت الدماء من وجوه بعضهم وتمزقت ملابس بعضهم، إلى جانب سقوط أحد الجنود المصريين شهيداً في هذا الانفعال الذي كان يمكن تجنبه من أساسه، لو أن مصر كانت على العهد بها في تسامحها ونبالتها وخلقها وسعة صدرها، وتقديرها لظروف أشقائها من أبناء غزة المحاصرين والمحرومين من كل شيء، والمحتاجين لأي شيء، والمعذبين بــما يلاقوا من عدوهم الظالم، والباكين المجروحين في أفئدتهم، لأن شقيقتهم الكبرى مصر تستكمل دائرة حصارهم بإغلاق الشريان الوحيد الذي يضخ الفتات من الغذاء والدواء، ليبق أهل غزة في رمق من الحياة. ولم تكتف الشقيقة مصر بإغلاق هذا الشريان الوحيد، الذي يبقي على حياة دون الكفاف لأكثر من مليون ونصف إنسان، بل تقوم بزرع جدار من الحديد الصلب على طول حدودها مع القطاع لتحكم الحصار حول عنقه، بحجة الدفاع عن أمنها القومي وسيادتها القومية على حدودها ومعابرها!!

ويا ليت الأمر توقف عند هذا الحد، فقد راح أولو الأمر في مصر أبعد من ذلك، فقد علت أصوات 150 عضواً من الحزب الوطني الحاكم مطالبين حركة حماس بتسليم قاتل أحمد شعبان، الجندي المصري الذي قتل في المواجهات التي شهدتها الحدود المصرية الفلسطينية أو (الاستعداد لعمل عسكري).


وتلا أحمد عز أمين التنظيم في الحزب الوطني الحاكم بياناً باسم مجلس الشعب المصري وقعه 150 عضواً بالحزب يتضمن هجوماً غير مسبوق على الفلسطينيين، ولم يستبعد أي عمل بما فيه العسكري من أجل القصاص ممن وصفهم بـميليشيات فلسطينية قامت بقتل الجندي شعبان.

وقال أمين التنظيم في الحزب الحاكم (إن صبر مصر ينفد لأن دم أحد أبنائها أهدر). وطالب عز السلطة التي تمثلها حماس (إذا أرادت أن تثبت حسن نواياها بتسليم القاتل المجرم الآثم الذي ارتكب الجريمة الخسيسة أو على الأقل محاكمته محاكمة علنية عادلة تشارك فيها مصر وتراقبها عبر قضاة مصريين يشاركون في التحقيق وإصدار الحكم).

كما طالب عز الفلسطينيين بتقديم (اعتذار صريح ومعلن لشعب مصر وللحكومة، عن العمل الآثم الذي أوجع قلوب المصريين جميعاً وأبكاهم فرادى وجماعات).

وندد نواب المعارضة والمستقلون والإخوان في جلسة مجلس الشعب بالبيان الذي ألقاه المهندس عز، باعتباره بياناً من مجلس الشعب.

وثار النواب الأحرار قائلين (الحزب الوطني ليس من حقه إصدار بيان باسم المجلس)، غير أن رئيس المجلس الدكتور فتحي سرور انحاز لأحمد عز ونواب الأغلبية (وكلهم من أعضاء الحزب الوطني الذين وصلوا إلى المجلس عن طريق البلطجة والتزوير) وشدد على أنه مع البيان قلباً وقالباً.

كما منع سرور نواب المعارضة من الحديث، مما أسفر عن عاصفة شديدة داخل القاعة وقام عدد من نواب المعارضة بالانسحاب.

وفي مواجهة هذه المواقف المعيبة والمشينة لأعضاء الحزب الوطني الحاكم.. أكد النائب عن جماعة الإخوان المسلمين حمدي حسن: (أن ما جرى في البرلمان فضيحة بكافة المقاييس فقد أصبح الحزب الحاكم عدواً للفلسطينيين وهو بذلك ينافس الإسرائيليين في عدائهم لأشقائنا)، وشدد على أن (الذين يسعون للوقيعة بين الشعبين يخدمون جيش الاحتلال فهو المستفيد من إشعال نار الفتنة).

أخيراً أتساءل أين كان مجلس الشعب المصري عندما كانت غزة بسمائها وأرضها وترابها ومياهها مستباحة لحمم نار العدو الصهيوني؟! وَلِمَ لم نسمع عن غضب هاج في نفوس أعضاء الحزب الوطني في مجلس الشعب المصري تجاه ذبح الصهاينة لأكثر من 1500 طفل وامرأة وشيخ في غزة؟! ولم يسمع العرب أو العالم صدور بيان عن مجلس الشعب المصري يندد بما ارتكبته إسرائيل من جرائم بحق غزة وأهلها..  وهو اليوم في أقصى درجات غضبه لأن مواطناً مصرياً كان ضحية سياسات النظام المصري الخاطئة وغير المنصفة تجاه الأشقاء في غزة الجريحة!!