تحليل إخباري

ليبرمان تعمد توتير العلاقة بين تركيا وإسرائيل

باريس - خاص:

تعمد وزير خارجية اسرائيل اليميني المتشدد افيغدور ليبرمان توتير العلاقات مع تركيا ليضرب من وراء ذلك عدة عصافير بحجر واحد، منها ما له علاقة بملف المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل، ومنها ما له علاقة بزيارة وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك الى انقرة، ومنها ما له علاقة بالمصالحة الفلسطينية حيث يلعب اردوغان دوراً مميزاً بالتنسيق مع مصر والسعودية وسوريا· وذكر د· صالح بن بكر الطيار رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي في تقرير اخباري نشر في باريس أمس حول الازمة الدبلوماسية بين تركيا واسرائيل انه في التفاصيل تحركت الخارجية الإسرائيلية دون سابق إنذار، وقامت باستدعاء أحمد أوغو سيلكول السفير التركي في تل أبيب، وذلك لاستيضاحه وتوبيخه بسبب قيام إحدى المحطات التلفزيونية التركية ببث مسلسل يتهم دبلوماسيين إسرائيليين ( مسلسل وادي الذئاب ) بخطف الأطفال والمتاجرة بأعضائهم البشرية وأوعز ليبرمان الى نائبه داني إيعالون ان يستدعي السفير التركي وأن يمارس معه شتى انواع الإزدراء لجهة عدم مصافحته، وتركه ينتظر لوقت امام مكتبه، ومن ثم اجلاسه على كرسي منخفض ودعوة الإعلاميين الى تصويره، وهذا ما يتعارض مع الحد الأدنى من لياقات البروتوكولات الدبلوماسية المعتمدة في كل دول العالم و رأى الطيار انه كان ليبرمان يراهن من وراء ذلك على حدوث ردة فعل عنيفة من انقرة تكون بالنسبة اليه المبرر الذي يفتش عنه من اجل تحقيق التالي : - انتزاع ورقة تمسك سوريا بالدور التركي كراع للمفاوضات غير المباشرة بينها وبين اسرائيل خاصة وأن دمشق رفضت ان تلعب باريس نفس الدور - وضع العراقيل امام وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال أيهود باراك الذي كان يزمع زيارة تركيا لتحسين العلاقات العسكرية بين البلدين لما من شأن ذلك تعزيز وضع حزب كاديما الإسرائيلي داخل الحكومة الإئتلافية الإسرائيلية التي يرأسها بنيامين نتنياهو زعيم الليكود والتي يشارك فيها بفعالية حزب ليبرمان <اسرائيل بيتنا< - محاسبة تركيا على مواقفها المؤيدة للفلسطينيين والتي تميزت بها عقب نشوب العدوان الإسرائيلي على غزة العام الماضي - تعطيل الدور التركي الفاعل في اطار تحقيق المصالحة بين الفلسطينيين والتي تنشط به انقرة بالتنسيق مع السوريين والسعوديين والمصريين - استنكار للموقف التركي المعارض لتوجيه اي ضربة عسكرية الى ايران او فرض أي عقوبات مشددة عليها· - الحد من الإنفتاح التركي الكبير على دول المنطقة والتي تم تتويجها بعقد تحالفات استراتيجية مع سوريا وبتحالفات متينة مع ايران ولبنان ومصر والسعودية· - تضييق هامش المناورة أمام زعيمة المعارضة تسيبي ليفني، والتي ظلت تنتقد أداء دبلوماسية حكومة الإئتلاف إزاء تركيا - الإنتقام من تركيا التي رفضت منذ اشهر قليلة المشاركة في مناورة عسكرية ضخمة الى جانب اسرائيل وأميركا ولتفويت الفرصة امام نجاح خطة ليبرمان، لم تظهر انقرة انفعالاً كبيراً بل اكتفت بمطالبة تل ابيب بتقديم اعتذار وأستدعت السفير الإسرائيلي في انقرة لتبلغه موقفها مع الحرص على التعامل معه بكل لياقة وأحترام· وكان لها ما ارادت حيث الزمت قادة اسرائيل على صياغة اعتذار من سوء معاملتهم للسفير التركي وإلا كانت ستلجأ الى استدعاء سفيرها من تل ابيب مما يعني قطع العلاقات الدبلوماسية بطريقة غيرمباشرة· وإزاء هذا الموقف الشجاع والمدروس والمتعقل الذي اتخذته انقرة، فإنها لم ترد فقط الإعتبار الى هيبتها الدولية بل ايضاً فوتت الفرصة امام مخطط ليبرمان والتيار المتشدد في اسرائيل من تحقيق عدة اهداف سياسية كان يأمل ادخالها في خانة انجازاته الوهمية والذي دفع بأنقرة الى التعامل بشدة مقرونة بالكثير من العقلانية هو تخوفها من ان يؤدي توتر الأوضاع مع اسرائيل الى استغلال هذه الأخيرة الفرصة لتعطيل مشروع الأتفاق بشأن اعادة توحيد قبرص، ولمنع الحوار المفتوح مع المعارضة الكردية، ولتصليب الموقف الأوروبي ضد انضمام تركيا الى الأتحاد الأوروبي ولدرء هذه المخاطر لم تعتمد تركيا على توحد كافة قواها السياسية خلف موقفها بل أيضاً على التشرذم الحاصل في الداخل الإسرائيلي وتحديداً داخل صفوف الحكومة الإئتلافية هذا الحدث المستجد يدخل في خانة الإنجازات المتعددة التي يحققها رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان والذي اثبت من خلال موقعه مدى قدرته على جعل تركيا الرقم الأصعب في المعادلات الإقليمية والدولية.