تضييق الهوة بين الشعوب العربية والحكام
وبين الاتجاهات الفكرية المختلفة في وطننا العربي
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
في الصراع القائم بين الشعوب العربية والأنظمة الحاكمة , ومخاطر ذلك الصراع القديم والحديث والمستمر منذ عقود بعيدة , والصراع والتضاد الموجود بين المشاريع الفكرية والسياسية بين المثقفين العرب . وبين الأحزاب السياسية الموجودة في وطننا العربي , مع محاولة العديد منهم لردم ذلك الخلاف .
وأهم تلك المدارس الفكرية على الساحة العربية :
1-الفكر السلفي: المتمثل في عودة الأمة لتراثها وبناءا على هذا التراث يمكن للأمة أن تقف على رجليها من جديد .
2-التنويريين:نبذ التراث والماضي ونقل الثقافة الغربية كما هي لمجتمعنا العربي الإسلامي.
3-التوفيقيين :المعتمدون على التوفيق بين السلفية والتنويرية , للخروج بفكر يتناسب مع الطرفين .
أما الأحزاب الموجودة على الساحة العربية بمناهجها الفكرية والثقافية لاتكاد تخرج عن هذا النطاق الآنف الذكر.
وعندما يتم نقد لنظام عربي , أو فكرة يلقيها مثقف أو مفكر أو مواطن عادي .تخرج الآراء تؤيد وتدحض وتوافق وتداهن .والنتيجة :غيمة متعددة الأشكال والألوان وزوبعة رياح تنذر بالغيث ولكنها تذهب جفاءا.
الوضع القائم في وطننا العربي يمكن تلخيصه بالآتي:
المعارك والتضاد والتناحر بين الأنظمة الحاكمة مع عدم وضوح الرؤية عن طبيعة ونوع وأسباب تلك المعارك الوهمية المصطنعة.
المعارك الطاحنة بين الشعوب العربية والأنظمة الحاكمة لتسيل منها أنهار من الدماء البريئة وعشرات الألوف من المفقودين والمسجونين وملايين من المشردين.
المعارك الثقافية بين مفكري ومثقفي العالم العربي مع الكثير من الكلام والقليل من النتائج الإيجابية والقسم يميل على الجزيء ليميل الجزء على الكل ليصبح الضباب كثيفا والظلام سائدا ولا الطريق الآمن يكون سلوكه معروفا لدى الفرد أو المجتمع .
المتاجرة بالقضية الفلسطينية ., وجعلها مقياسا دقيقا للحكم على كل فرد أو مجموعة أو حزب أو نظام .
استقطاع الأجزاء العربية من الوطن الأم قبلها فلسطين والجولان وعربستان والآن العراق .
ولكل فئة أو حزب أو نظام نظريته ومكياله حسب رؤيته هو ليس من حيث الواقع ,وإنما حسب عقيدته هو والتي تحتمل الخطأ وقد تحتمل الصواب.
الأخطار الخارجية والتدخلات الإيرانية والمشروع الفارسي وزيادة تقسيم الأمة على أساس المذاهب الدينية لتشتعل الحروب الأهلية الطاحنة ويكون نتيجتها اختفاء الأمة كلها واندثارها .
من هو المسؤل عن الوضع المتردي, ولماذا لم يقدم لنا ذلك الصراع الجدلي وديناميكياته أي رؤى واضحة للأمام, تخرج من عمق تلك الصراعات والأضداد تلك؟.
هل المسؤل عن تلك الإنجرافت الهائلة نحو الإندثار هو:
الأنظمة الحاكمة
المثقفين والسياسيين
الشعب العربي
العدو الخارجي
لكي يثبت لنا الواقع وبالبرهان الواضح لدى الجميع, ثباتية اتجاه طرف من الأطراف وصحة مبدأه , أو التنافس على الأفضل المقدم لخير الوطن العربي خاصة والعالم الإسلامي عامة .و لعزل الفساد والمفسدين وبطلان إدعاءاتهم بالإخلاص وبروز سيئات مخططاتهم التخريبية وعمالتهم أيضا.
ولا يمكننا ان نخطو خطى إيجابية من خلال الأنظمة الحالية , كذلك لايمكن أن نعمل شيئا بمعزل عنها .وعليه نحن كشعوب عربية بمنظماتها السياسية والحزبية والعقائدية أن تنطلق بمشروع إصلاحي شامل , بحيث لن يكون مزعجا كثيرا للأنظمة العربية لكي لاتحاربه بغطرستها وتكبرها والجبروت والظلم الذي بنيت عليه وثبتت أركان غطرستها والذي سبق ذلك وما يزال وضحّت بجهدها ودماء أبنائها في سبيل ذلك .
وبالتالي طلباتنا لن تكون كثيرة والتي يمكننا اختصارها في النقاط التالية:
1- ليس الهدف إسقاط أي نظام عربي وهو في قصره الماسي يهنأ فيه هو ومن اتبعه بإحسان أو غير إحسان.
2- إلغاء الأحكام العرفية وقوانين الطواريء ومتعلقاتها من القوانين التي تبيح ظلم العباد وتبعية عدم محاسبة المجرمين من أجهزة الأمن في الدولة .
3- حرية تشكيل الأحزاب السياسية , بغض النظر عن كونها سلفية أو تنويرية أو توفيقية .التنافس الديمقراطي النزيه وفصل الخطاب في صناديق افقتراع.
4- إ ستقلال القضاء.
ولو استطاع الشعب العربي الحصول على تلك الحقوق الواردة أعلاه مطالبين بتحقيق ذلك عن طريق مفكري ومثقفي الأمة والداعم الشعبي لتلك التوجهات .
لجلت الحقيقة عن كل مخلص أو كل دعي أو منافق , ولكان لنا طريقا يكون من السهل السير عليه ,بدلا من الدائرة الحمراء المرسومة حولنا منذ زمن بعيد .