برقية مستعجلة إلى السيد الرئيس بشّار الأسد
م. غسّان النجّار
نقابي – إسلامي
كنت في غفوة بين اليقظة والمنام أنعم بفراشي الوثير والدفء يعم أرجاء غرفة النوم في ليلة شديدة البرودة ، وإذا بهاتف يطرق أذنيّ قائلاً ؛ مابالك تغط في نومك ؟ والأولاد والأحفاد من حولك ينتظرون يوم العيد لينعموا بقربك ، ألا تذكر ليالٍ خلون ؟ اثنا عشر عاما قضيتها في السجون !
أنسيت ليالي الشيخ حسن والقلعة وعدرا وصيدنايا ؟ لقد كان حظي عظيما حيث لم أسعد بمقام تدمر!! .
أنسيت كيف كان الأهل يطرقون أبواب المخابرات قبيل العيد ؟ أنسيت كيف كانت الأمهات والزوجات يستجدون كل ساقط ولاقط كي يحنّ عليهنّ برؤية أزواجهن وأبنائهن ؟ .
أنسيت الزوجة باعت عقدها والأم باعت اسوارتها ؟ ! بل باعت فوقها وتحتها ، كي تدفعها لفلان وفلانه فقط لمجرد لقاء عابر ، خلف شبك عاثر ليستقبلوا المستضعف الزائر ! ! .
خلّفت نومي ورائي وألقيت فراشي خلفي وانطلقت مسرعا إلى الحمّام كي أتوضّأ فأكتب – ليكون القبول أقرب -,كي أرسل برقية إلى الرئيس بشّار الأسد بمناسبة عيد الأضحى المبارك .
أيّها الرئيس : هؤلاء مواطنوك لم يرتكبوا جرماً سوى أنّهم اختلفوا معك في الرأي ، في أسلوب الحكم ، فهم سجناء رأي وضمير .
هذه أيّام مباركات : عيد الميلاد المجيد ، رأس السنة الهجرية و الميلادية ، عيد الأضحى المبارك ؛ أيام عظيمه يضاعف فيها الأجر والثواب ، أبارك لك وأسأل الله لك الهداية والصلاح والطريق القويم .
هؤلاء سجناء الرأي والضمير –هكذا تسمّيهم جمعيات حقوق الإنسان ومنظمات العفو الدولية – ما بالهم يقبعون في السجون منذ عقود وسنين لا لذنب سوى أنّهم اختلفوا معك في الرأي ، هم يحبّون الوطن كما تحب, ويشاركون في الإحن والمحن ،لهم عائلات وأطفال يحنون عليهم كما تحنو على أطفالك ، مرّ عليهم العيد تلو العيد ولم تفتح لهم أبواب السجون ، حُكموا بموجب أحكام صادرة عن محاكم استثنائية ، أمن دولة وعسكرية ، هم في نظرهم – ونظر جمعيات حقوق الإنسان – أصحاب مبدأ ، أصحاب قضيّه ،لم يمارسوا عنفاً ولا شرعوا مقاومة ,فقط اختلفوا معك في المنهج ، في أسلوب الإصلاح ، فهم سجناء ضمير لكنّهم ليسوا أعداءً للوطن .
اؤلئك المهجّرين المغتربين –مئات الألوف – هجروا أوطانهم وأهليهم في ظروف عصيبة ,ليعيشوا في أرض الله الواسعة عيش الكفاف , لم يتمكنوا من العودة إلى بلدهم لقد حكمتم عليهم بالإعدام بموجب القانون 49 لعام1980
أناشدك باسم الأيامى والأرامل باسم الزوجات الثكلى ، أناشدك باسم الأطفال المحرومين من حنان أبيهم ، أناشدك باسم الأمهات المفجوعات بفقدان أولادهن ، أناشدك باسم الأسر المشردة في أصقاع الأرض أن تصدر أمراً ، أن تصدر عفواً – سمّه ماشئت –بالإفراج عن السجناء السياسيين وعودة المهجّرين بمناسبة رأس السنة وعيد الميلاد المجيد وعيد الأضحى المبارك ،كما درجت العادة من قبل رؤساء الدول والملوك المحترمين في هذه المناسبات العظيمة ، ربما تكسب قلوبا هي بعيدة عنك فهل أنت فاعل ؟
أيّها الرئيس : الوطن الحر يدافع عنه مواطنون أحرار ، لنختلف في الأسلوب ولكننا لن نختلف في حب الوطن ، هلاّ أجريت إصلاحاتٍ دستورية ؟ نقترب فيها من بعض ، لن أطالبك بكثير ،سوى أربع نقاط فقط :
1-إصدار عفو عام عن كافة سجناء الرأي والضمير والسماح بعودة كافة المهجرين والمنفيين .
2-إلغاء المادة الثامنة من الدستور .
3-تجميد إعلان حالة الطوارئ وقصرها على منطقة الحدود مع الكيان الصهيوني
4-إلغاء القانون 49 لعام 1980
وبعدها – أيها الرئيس – نجلس جميعا ومعنا الشعب جميعه لنتفق حول خطط الدفاع عن الوطن وما يتهدده من أخطار وتأكّد أننا سنكون يداً واحدةً ضد كل من تسوّل له نفسه النيل من أمّتنا ، من كرامتنا ، من وحدتنا الوطنية .
كل عام والأمة بألف خير والشعب يتمتع بالحرية والسيادة وعلى طريق الديمقراطية إنشاء الله والسلام عليكم ورحمة الله .