كيف تتعامل مع من يأتيك أنيقا

كيف تتعامل مع من يأتيك أنيقا

ويكلمك منمقا

م.نجدت الأصفري

[email protected]

عجزت فراسة الناس أن تميز بين المنافق والصديق ، كلاهما يأتيك بشكل أنيق وكلام جميل ، ويتجنب المنافق أن يظهر من كلماته المتحزلقة ما يريب السامع لذا يؤيدها بالقسم والآيات والأحاديث وأبيات الشعر يدعم فيها حجته ليضيف المصداقية لكلامه ، لذا مما جاء في حديث رسول الله (ص) ما معناه : قد يختلف إليّ إثنان ، ويكون أحدهما ألحن بحجته من أخيه فأقضي له بما أسمع ، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فإنما اقتطع له قطعة من النار . أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

يكون النفاق في السياسة أوضح ما يكون ، يتوافق الخصوم على ( المنتصف الذهبي) في مشاريع مشتركة لا تقوم إلا بالتوافق مع العدد لتحقيق الأغلبية ، فإذا بهم الأعداء الأصدقاء ، يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ،يمتدحون بعضهم جهارا ويضمرون العداوة سرا ، يؤيدون بعضهم على مسمع العامة ، في حين يتآمرون عليهم  خلسة ، ويحرضون ويقلبون عليهم  أتباعهم المقربين منهم متذرعين ( بأننا رأينا خلاف ما رأوا ، ونصحناهم ولكنهم كابروا ) أو مثل ذلك مما يبذر الشك في قلوب أتباعهم ويفرقهم أشتاتا .

في الأيام الأخيرة تطايرت الأخبار يقذف بعض من أطراف تدعي المعارضة بعضهم الآخر  ، وليس لنا على مشارب وسلوك الأطراف جميعها مأخذا لأننا نؤمن ب ( كل نفس بما كسبت رهينة ) و ( لا تزر وازرة وزر أخرى ) وكذلك بالمثل القائل ( الذي تطبخه في قدرك ستسكبه في صحنك) أو (يداك أوكتا وفوك نفخ ).

علة هذا الأمر أن الناس يظنون أن أمورهم  تتداعى في لحظتها وينتهي مفعولها حالما أنتهت كلماتها أو جف حبرها ، سبب ذلك ضعف الإيمان والتساهل في خداع الآخرين بالكذب والرياء ، ولكن حقائق التاريخ الذي عشناه أو درسناه أوضح لنا نتائج الخداع والنفاق أليمة صعبة  ، فكم هوى من القمة للقاع مسؤولون كبارا في مراكزهم عندما اكتشف الناس بطلان ما وعدوا به ثم تنكروا له ، وسوء ما فعلوه وما حصدوه ، وما كان قصدهم إلا اكتساب الوقت مراهنين على أن ذاكرة البشر ستنسى ما سمعوه .

كم هو قصير النظر ذلك الذي لا يعرف أن ( كل سر جاوز الشفتين شاع ، وكل أمر جاوز الإثنين ضاع ) .

خاصة في أيامنا هذه التي أصبحت آلات التصوير المرئية والمخفية ، منها في مجال النظر ومنها في طيات السماء مع ذلك تنقل الصوت والصورة من أي مكان على سطح المعمورة لتغطي بها الفضاء المحيط بنا كله في أجزاء الثانية ، وكيف يتجرأ من يعمل السيئات ولا يستطيع اخفاءها أن يقدم عليها  ؟

ليست الأطراف المذكورة فريدة فيما سمعناه عنها ، ولكننا نرى ونسمع كل يوم ما يذهل العقول من كبار يتبؤون مناصب تجف الحلوق في وصف صلاحياتها ومكاسبها ، بدلا من شكر الله على  تلك النعمة وإذا بشيطانه يوقظ  طمعه وجشعه وأنانيته للتفريط في كل ما اتفق عليه مع شركاء دربه .

إن مما يختلف أهل الغرب والديمقراطية عنا أنهم إذا أخلوا بما التزموا خضعت رقابهم للعقوبات ، حتى أن بعضهم يسبق الحكم فيبادر بالإنتحار انتقاما من نفسه التي طاوعته في عمل رديء.

أيها الأخوة في أطياف المعارضة ، هونا على أنفسكم ولا تنسوا أن الحياة آخرها ممات ، فمن فعل خيرا ذكره الناس وحمدوه ، ومن عمل سوءا ذكره الناس ولعنوه ، اجعلوا الصراحة ديدنكم ، ومصلحة الوطن هدفكم ، فإن تحسن  حال الوطن تحسن حال الشعب واستفاد الجميع، وإن دمر البلد هدم على رأس الجميع .

لم يبق إلا أياما قلائل وسوف نشاهد معا كيف تنهار عروش ، وتنكشف مخططات ، وتبدوا عورات ، وتتجندل رؤوس .

إن المستقبل لا يرحم ، واننا نؤمن أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها ، وما كان لك فهو محرم على غيرك فما السبب إذا للصراع على متاع الدنيا ونصيبك به مقسوم وعمرك محدود وأجلك مرسوم ، والعاقبة للمتقين.