عام على حرب غزة

محمد فاروق الإمام

وأربع سنوات من الحصار

محمد فاروق الإمام

[email protected]

ستبقى غزة رغم الحصار الصهيوني والغرب وبعض العرب وصمت العالم ولا مبالاته.. عنوان ملحمة تاريخية عظيمة مفعمة بالمجد والعز والإباء، تسطرها إرادة الميامين الشجعان الذين لا تلين لهم قناة، والذين عاهدوا الله واشتروا آخرتهم بدنياهم.. ستبقى غزة ملحمة الأمهات الثكالى، والنساء الأرامل، والأطفال اليتامى، والشيوخ العجزة، والنائمين في العراء، والهائمين على وجوههم، والباحثين عن قوت أولادهم وعيالهم، والمعوقين من ضحايا العدوان الصهيوني.. الذين يألمون ويرجون من الله ما لا يرجوه أباطرة الحصار وخدامهم.. ستبقى غزة ملحمة تاريخية طويلة تضرب جذورها في عمق التاريخ لتحكي فصولاً من البطولة والشهامة والصبر والإباء لم يشهد لها التاريخ مثيلاً ولا حتى في الأساطير.. لتكون هي أسطورة التاريخ الفريدة الشاهدة على الذين جُبلت قلوبهم من جلمود حجر، وأفئدتهم من صديد نحاس.

 لا أعرف في التاريخ قوما اجتمعت عليهم أقوام المشرق والمغرب، من أهل الإسلام وغير الإسلام مثلما تجتمع الآن على غزة وأهل غزة. لقد حصل حصار في التاريخ ضد أقوام كثيرين.. لكن مثل هذا الحصار، في مجاله ومداه وأعداد المشاركين فيه، لم يحصل.. وليت مؤرخاً يعرف غير ذلك أن يطلعنا على علمه، وقد أعيتني خمسون سنة وأنا أنقب في كتب التاريخ وبطون السير علّي أجد في طياتها بعض ما يحدث اليوم في غزة هاشم.. حصار ظالم غير مسبوق تشارك فيه دول العالم من الشرق والغرب.. اللهم إلا من قادة بعض دول غيّورة تمد يدها إلى غزة على استحياء وتردُّد.. وهناك – للتاريخ نقول – أعداد غفيرة في مشارق الأرض ومغاربها من عرب وغير عرب تقف مع غزة وأهلها.. وما قوافل شريان الحياة التي تأتي من أوروبا محملة بما تيسر من دواء وغذاء إلا دليلٌ على أن هناك في العالم بعض من جبلت قلوبهم على حب الإنسان وتكريمه ودعمه في حقه في الحياة!!

على العالم أن يحذر ثورة الجياع، فإنهم قد يكونون في سعيهم لنيل لقمة العيش أشرس من المقاومين في سوح القتال، ولن يقف أبناء غزة عاجزين أمام أي حصار، ولن يستسلموا لأي ظلمٍ مهما بلغ، وكما استطاعوا أن يُفشلوا كل محاولات النيل منهم وتطويعهم، في عدوان صهيوني همجي راح ضحيته أكثر من ألف وأربعمائة إنسان، نصفهم من الأطفال والشيوخ والنساء، وأتى على آلاف المساكن والمؤسسات ودور العبادة والعلم والثقافة والعجزة والحجر والشجر والماء والهواء، فإنهم سيبتدعون طرقاً جديدة، ووسائل أخرى للعيش، وسيكون مداها البحر والسماء، ومعهم رب السماء.