أيّة حرب مدمرّة أخرى تنتظر الوطن العربي؟
د.جعفر الكنج الدندشي
بعد حرب الخليج الأولى، ثم الثانية، أين أصبحنا؟ وأين ستكون الحرب المقبلة على مستوى أكبر من المستويات الحالية ؟ وأعني جرب أكبر من الحرب بين الحوثيون و بين اليمن والسعودية، دارفور بين اعراب وغير أعراب وافارقة وتشاديون؟ القاعدة في المغرب العربي؟ مبارات كرة القدم بين فريقي مصر والجزائر، أم حماس وفتح، وحزب الله والحكومة اللبنانية؟ الشيعة والسنّة في العراق؟ هل من مزيد؟
أمرٌ أكيد أنّ جميع الأسلحة المستخمدمة في هذه الحروب ليست مصنّعة في البلاد العربية، وليست موجهة للدفاع عن العرب ضد اعتداءات دولة العصابات الصهيونية في فلسطين...ومما لا شكّ فيه لم توزّع مجاناً لا للدول، ولا للمتمرّدين أو الثوريين أو المجاهدين أو الملائكة و الشياطين.
أي مستقبل ينتظر المنطقة العربية ؟ السلام والأمن أم الدمار والحرب ؟ الأمان والطمأنينة، أم الخوف والرعب ؟ انفتاح الحدود بين هذه الدويلات ام تشديد الانفصال وإقامة الجدران التي تفصل بين ابناء العشيرة الواحدة. كجدار برلين سابقاً وما يحصل في فلسطين الآن وما سوف يحصل مستقبلاً؟ ازدياد فرص العمل أم أزدياد عدد العاطلين عن العمل؟ استقلالية القضاء او ازدياد سوءه؟ هل يمكن أن تنتهي قائمة التساؤلات هذه بسهولة. إنّ أي مواطن بسيط يمكن أن يضيف غلى هذه القائمة صفحات...
ما هو الحل؟ مرعب جوابي. ليس هناك حلّ قبل ما لا يقل عن مئة سنة إذا كتب الله لهذه الأمة الحياة! ولن يأتي الحل منّا بل سياتي من هرم حضارة الغرب وحلول أمم أخرى مكانها. لاشك بأنّ القارئ المثقّف سيعلق بانني هربت من الإجابة بسرعة فائقة وجاهلة، ولكن كيف يستطيع اي عقل عاقل تفسير الأرقام التالية ؟ فما هو ثمن 500 طائرة حربية كان يملكها العراق في الثمانينات من القرن الماضي وثمن 5000 آلاف دبابة و3500 مدفع والصواريخ القريبة المدى والبعيدة المدى وباقي الأسلحة في باقي الدول العربية؟ ولماذا هذه الأسلحة وضدّ من توجّه ومن يبيعها ومن يتمكّن من استخدامها بشكل كامل للدمار كما هي حالة الجيش الإسرائيلي؟الأسلحة في مصر والجزائر ودول الخليج وليبيا وسورية ولدى حزب الله وغيرهم؟
ثمّ كيف يتعامل الزعماء من جانب والثوار العرب من جانبٍ أخر استراتيجياً مع مسالة شراء الأسلحة من تجمعات التصنيع العسكري في الغرب؟ ومع كلّ فتنة تحصل في بلاد العرب والمسلمين ترتفع اسهم مصانع السلاح، ولا نسمع عن اية حرب في الدول المصنّعة ولكن نرى هولات الحروب في بلاد العرب والمسلمين. كادت هذه الشركات تعلن غفلاسها عام 1988 حين سحب الاتحاد السوفيتي ورقة سباق التسلّح، حتى رزقهم الله بفضلنا ما لم يكن متوقّعاً مع الحروب التي حصلت ولا زالت مستمرة في الخليج. هل قرأ المسؤولون عن هذه الحروب ما قاله المتنبي:
الراي قبل شجاعة الشجعان هو في الولى ولها المكان الثاني
نحن لا نعرف أشجع من العرب بين الشعوب في عصرنا الراهن، ولكن لا نرى اجهل منهم في الاستراتيجية الحربية...
وما هو عدد وإمكانيات قوى الأمن العربية الموجهة للتجسس على أبناء جلدتهم وما هي المصاريف التي تُنفق عليهم بالنسبة لعمليات التجسس غلى أعداء الأمة وبشكل خاص على كيان الدولة الصهيونية. مثال بسيط: نحيا في بلاد الغربة أعدادٌ هائلةٌ ويتجسس علينا أبناء جلدتنا، وتتجسس على نشاطاتنا المخابرات الإسرائيلية، فهل هناك تجسس من قبل مخابراتنا على نشاطات الصهيونية والإسرائيليين من قبل المخابرات العربية؟ أشك في ذلك، وإلا لماذا لم تقضي هذه المخابرات على علماء صهاينة في خارج دولة إسرائيل بينما قتل الإسرائيليون الكثيرين من علمائنا مصريين وعراقيين وغيرهم...ولماذا كل كلمة ينطقها المغتربون أو يكتبونها في نقد الأنظمة العربية يحاسبون عليها وبعقوبات ليس لها مثيل في جميع الأقطار العربية؟
متى سيأتي ذلك اليوم الذي سوف نقتنع فيه باننا متطفّلون على مائدة الحضارة كما كان يتطفل أشعب على كل مائدة تمكذنه الظروف من المساهمة بالتهام طعامهم وهو غير مدعو؟ متى سنبدأ بالصناعة الثقيلة؟ متى سنصنع السيارة والجرار والطائرة والقطار؟ متى سننتقل بقطاراتنا بين الأقطار العربية بالسهولة التي يقطعها مواطنو الاتحاد الأوربي رغماً عن اختلاف لغاتهم وتقاليدهم وبالرغم من حروبهم الدامية في الماضي التي أدّت إلى ما يقارب 60 مليون من الضحايا خلال الحربين العالميتين؟
متى سنتوقف عن شتم العزة الإلهية والدين في خصاماتنا الفردية، حين نكون وجهاً لوجه مع خصومنا، وعن شتم أعراضنا حين نبتعد عن بعضنا؟ لماذا لا يلفظ اليهود إسم العزة الإلهية على ألسنتهم؟ أليست عبارة (يلعن ر ...يلعن د..) من مصطلحاتنا اليومية؟ ولكنكما قال أحد الشعراء:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا