الطرف الثالث في الصراع الفلسطيني

الطرف الثالث في الصراع الفلسطيني

خليل الصمادي

 [email protected]

عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ الرياض

 لا شك أن حركتي حماس وفتح من أكبر الحركات الفلسطينية العاملة على الساحة الفلسطينية ومن أكثرهما استقطابا للأنصار في الداخل والخارج

ولا شك أن الأحداث الأخيرة بينهما أفرزت مقولات وتحليلات  لصحفيين ومحللين  من خارج الحركتين  تندد ما قامت به الحركتان من صراع في غزة،  وبدأ أصحاب الوتر الحزين  يرددون نغمة مفادها :  أن الطرفين أجرما في حق الشعب الفلسطيني وأنهما يستحقان من الله ما يستحقانه ،

والباحث الخبير عن أصحاب هذه المقولات يجدهم أنفارا من التنظيمات الفلسطينية يحاولون أن يكونوا الطرف الثالث في الصراع الفلسطيني الفلسطيني  وهؤلاء الأنفار أو  التنظيمات عاشت عصرها الذهبي قبل سقوط المنظومة الاشتراكية، ومارست نضالها الثوري وغيره باسطة أجنحتها على المجتمع الفلسطيني في الداخل والخارج  ، وأما اليوم  فكادت تنظيماتهم  أن تنقرض أو انقرضت بالفعل ولم يبق منها إلا الأمين العام للحركة وزوجته وبعض إخوته أو أبناء عمومه أو عمومته وبضع مما يسمون بالكتاب أو المفكرين  يتقاسمون ما بقي من مقرات و سيارات أو مناصب رفيعة إما في المجلس المركزي الذي تم إنعاشه أخيرا باستحضار عشرات من اسطوانات الغاز الأمريكية  أو كانوا وما زالوا أعضاء في منظمة التحرير المناسبتية  ـ أي التي لا تحيا إلا بالمناسبات ـ  مما أطلق عليهم اسم " الديناصورات " والذين يظهرون على الساحة  وفي الصف الأول بمناسبة التوقيع أو التآمر لإضفاء نوع من الشرعية على القرارات المخزية أو هم مما يطلق عليهم " المستشارون "  والذين استنفذوا فرص نقل الكفالة والتبعية من كفيل يميني إلى  كفيل يساري وما بينهما!!

ولو رجعنا إلى مقولة الطرف الثالث في الصراع الذي يدعي أنه يمثل الأغلبية الصامتة أو الوطنية أو اللاعن للطرفين نجد أنه يتخبط في فكره ، فهو لم يستنكر أو يشجب أو أنه  أشار إلى  أسباب الصراع ،وما تم من تجاوزات من قتل ودمار قبل الأحداث الغزاوية الأخيرة بل نجدهم أنهم  أيدوا الأجهزة الأمنية في غيها ضد من مناوئيها من حماس والجهاد وغيرهما والمتتبع للشبكة العنكبوتية يجد أدلة ونماذج كثيرة مما قلته ، وأما بعد حسم الصراع في غزة واكتشاف الوثائق التي تدين بشكل فاضح ما كان يقوم به بعض ضباط الأجهزة الأمنية من ممارسات يندى لها الجبين وبعد أن حل السحر وانقلابه على الساحر وبعد تأييد حكومة الطوارئ من قبل أمريكا وإسرائيل وأوروبا وأغلب الدول التي تنكل بالشعب الفلسطيني لم يرق لهذا الطرف إلا أن يندد بفتح وحماس ويتهمهما بأنهما سبب الفتنة والقتال بل سبب النكبة كلها، في الوقت الذ ي يعرض فيه مشروعه الوطني الداعي إلى اللحمة والوحدة الفلسطينية والحرص على مصالح الشعب الفلسطيني ، وكأن المشكلة يتم تجاوزها  والخروج منها بإدانة الطرفين  " حماس وفتح " وأنه هو البديل لامناص

من المفترض أن يقوم هؤلاء الأنفار ببيان الحقيقة وعرضها على الناس وأن يتحملوا تبعية صدقهم لا أن يحابوا فلان أو فلان بسبب نفوذه المالي أو العسكري كما كانوا يفعلون من قبل، عليهم أن يقولوا للمحسن أحسنت وللمخطئ أخطأت إن كان من فتح أو من حماس أو من أي طرف آخر.

لا شك أن هناك أخطاء حصلت من الأطراف كلها ولكن حين نسلط المجهر على أخطاء صغيرة وننشرها على الملأ والتنديد بمن قام بها في الوقت الذي يتم فيه السكوت والرضى عن أخطاء وصلت إلى حد الخيانة العظمى من قبل أطراف أخرى وفي أضعف الإيمان يتم الحديث عن بعض التجاوزات بالتلميح الباهت الذي لا يرقى إلى المسؤولية  أقول لهم " ما هكذا يا سعد تورد الإبل "

أرى أن القوم انكشفوا في الانتخابات الأخيرة ولم يحصلوا مجتمعين ومتحدين على أكثر من ثلاثة مقاعد وكانوا يتوهمون أنهم يشكلون رقما صعبا في المعادلة الفلسطينية فانكشف الغطاء .

والآن في ترويجهم لمثل هذه الأفكار يظنون أنهم يمثلون الضمير أو المنطق أو الوطن أرى أن الذي يمثل الضمير أو الوطن أو المنطق عليه أن ينزل من برجه العاجي ومن سيارته المصفحة  إلى قواعد الناس ومخيماتهم وأن يخالطهم ويطلع عل مآسيهم ومشكلاتهم وأن يتحدث بما يتحدثون ويشتكي مما يشتكون عندها يصبح رقما صعبا في المعادلة الفلسطينية لأنه غدا يمثل معاناة الناس .