الشعب الفلسطيني لا يموت!
الشعب الفلسطيني لا يموت!
أ.د. حلمي محمد القاعود
لا ريب أن المستعمرين الغزاة سواء كانوا من الغرب أو من اليهود ، قد نجحوا فى بث اليأس والإحباط والخوف ، فى نفوس النخب الحاكمة ، فكريا وثقافيا وسياسياً ، مما جعل هذه النخب تصبّ ردّ فعلها على الشعوب العربية المستضعفة ، فأضحى القمع والاستبداد والفساد والتضليل علامات مسجّلة ، فى قاموس الواقع العربى بصفة عامة !
ولم تكن عملية الصراع بين فتح وحماس إلا نوعاً من تجليات هذا الواقع فمنظمة فتح التى بدأت فى أول يناير 1965م وأطلقت أول رصاصة بعد عشرين عاماً تقريباً من نكبة فلسطين 1948م ، وفتحت باب الأمل فى العودة إلى الأرض المقدسة والنشيد الخالد ( سابقا ) : راجعون .. راجعون .. قد تحولت بعد أربعين عاماً إلى نسخة أخرى مكررة من الأنظمة العربية أشد قمعاً واستبداداً وفساداً وتضليلا، وتحكمت فيها – وخاصة بعد أوسلو (1993م ) – مجموعة من الانتهازيين فى أغلبهم ، الفاسدين فى معظمهم ، الموالين للعدوّ النازى اليهودى فى أكثريتهم ، ومع أن فتح أنتجت صفوة من أكرم الرجال الذين يضحّون بدمائهم وأموالهم فى كتائب الأقصى وغيرها ، إلا أن هذه المجموعة ، لم تستح من الله ولا الجغرافيا ولا التاريخ ، لدرجة أنها ذهبت إلى " جنيف " دون أن يفوضها أحد؛ لتتنازل نيابة عن الشعب الفلسطينى والأمة العربية والإسلامية ، عن حق العودة ، وتقبل بدويلة هزيلة على هيئة كانتونات ، وسط المستعمرات ، وتعيش فى حماية الغزاة النازيين اليهود ، وتخضع لإرادتهم ، وتنفذ مشيئتهم ، وقد تكفلت فيما بعد بإبلاغ هؤلاء الغزاة عن العمليات الفدائية التى يقوم بها المجاهدون الشرفاء ؛ ليس من حماس أو الجهاد أو الشعبية فحسب ، بل من شرفاء صفوة فتح الذين يبيعون دمهم فى سبيل الله والوطن .
المجموعة الفاسدة الخائنة هى التى ترفض اليوم الحوار مع حماس وبقية الفصائل ، مع أن ظهور حماس ، كان تصحيحاً لمسار الجهاد الفلسطينى بعامة ، وتحويله إلى الفعل الحقيقى الذى يؤلم العدوّ ، ويجعل استقراره فى الوطن الذى سرقه أمراً مكلفاً .
المجموعة الفاسدة الخائنة هى التى تقابل قادة الغزو النازى اليهودى فى فلسطين بالأحضان والقبلات وتأتمر بأمرهم فى قمع المجاهدين الشرفاء ، ولا تملّ من الحديث عن طلب التفاوض معهم ، مع أن خمسة عشر عاماً تقريبا ، مرت بعد أوسلو ، كانت فيها المفاوضات لا تنقطع إلا بأمر الغزاة النازيين اليهود ، لم تثمر عن التقدم إلى الأمام خطوة واحدة ..
الخطوة الواحدة التى حدثت ، هى إجلاء هؤلاء الغزاة النازيين اليهود من قطاع غزة ، وتفكيك المستعمرات الصهيونية وتصفيتها ، بسبب ما قدمته حماس والجهاد والأقصى والشعبية وبقية الفصائل من تضحيات أوجعت الغزاة ، وكلفتهم الكثير ، فانسحبوا ، وحاصروا القطاع ، وتركوا عملاءهم الخونة يُيرون الفتن ويزرعون الأشواك أمام تجربة ديمقراطية ، اختار فيها الشعب فيها الشعب الفلسطينى " حماس " لتكون قائداً ومنفذاً لإرادته ، ومعبراً عن آماله وتطلعاته .
وقد تعب العرب والمسلمون فى محاولة إرضاء العملاء الخونة كى يكفوا عن إعاقة " حماس " عن تأدية دورها الوطنى والجهادى ، وتمادوا بتحريض من الغزاة المجرمين فى تأجيج نيران الفتنة والبغضاء لدرجة وصلت إلى الدم ، بعد الاعتقال والتعذيب وإلقاء المخالفين من أعلى المقرات الأمنية فى تل الهوى والسفينة وغير ذلك من مقرات الأمن الوقائى ، الذى صار الأمن الخيانى الإجرامى !
لم تُجد المفاوضات برعاية المصريين فى القطاع أو القاهرة ، ولا برعاية السعوديين فى مكة ، ولا من خلال الأمين العام للجامعة العربية أو نظيره أمين المؤتمر الإسلامى ، ولا الأتراك ولا غيرهم .. إصرار بشع على تصفية " حماس " ووأدها ، ليهدأ بال الغزاة النازيين اليهود ، وليستمتعوا بتهويد البلاد والعباد ، وخاصة القدس العتيقة زهرة المدائن ، والقبلة الأولى ومسرى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) .. العملاء والخونة مصرّون على عدم الحوار مع الشعب الفلسطينى وفصائله ، لدرجة رفض مقابلة الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاهل السعودية ، وهو يزور عمّان ( الأردن ) فى الأسبوع الماضى أواخر يونية 2007م ، بينما الخونة والعملاء يستجدون لقاء المجرم النازى اليهودى " أولمرت " ، وهو يؤجل اللقاء .. ويتدلل عليهم ، ولكنهم مصرون .. مع أنهم يعلمون أنه لن يُعطيهم شيئا ، ولن يمكنهم من شىء إلا أن يكونوا أدوات تنفذ إرادته الشريرة ضد الشعب الفلسطينى المظلوم !
والمفارقة أن هؤلاء الخونة العملاء ، طالبوا كما أراد الغزاة النازيون اليهود وسادتهم فى البيت الأبيض ، بوجود قوات دولية على حدود قطاع غزة لمنع الشعب الفلسطينى هناك من استمرار المقاومة ، وإخضاعه لإرادة العصابة الخائنة فى رام الله . وفى الوقت ذاته يرون الغزاة النازيين اليهود يدوسون بدباباتهم أجساد الشعب الفلسطينى فى جنين ونابلس والخليل ، وتقوم طائراتهم بقصف الفلسطينيين جميعاً فى الضفة والقطاع ، ويخطفون بعد أن يُقتلوا من يقدرون على قتله عشرات من الشعب الفلسطينى المظلوم ليلحقوا بأكثر من عشرة آلاف فلسطينى أسير ، ولينضموا إلى قائمة الموتى بلا قبور !
من الذى يحتاج إلى حماية الآن شعب الضفة الغربية . أم غزة التى استطاعت أن تصمد وتحقق الأمن بعد هروب العملاء الخونة من مقراتها الأمنية ؟
لا تستطيع أن تفهم منطق العملاء الخونة إلا إنهم يُريدون أن يكونوا حكاماً على بلد لا أمان فيه لأحد ، فى ظل الغزو النازى اليهودى الذى لا يحترم قانونا ولا تشريعا ولا ميثاقاً دولياً ؟
ويخرج تجار الكلام من المناضلين الخونة بوجوههم الكالحة ؛على شاشات التلفزة يحدثوننا عن الشرعية والمشروعية ، والانقلاب والانقلابيين ، ويعكسون الآية ، فالذين اختارهم الشعب الفلسطينى فى انتخابات نظيفة نزيهة بشهادة العالم صاروا انقلابيين وخارجين على الشرعية .. أما اللصوص ، أما الخونة ، أما العملاء ، الذين باعوا القضية من زمان ، فهم فى نظر أنفسهم اصحاب الشرعية والمشروعية !
إننا ندعو العقلاء من الفلسطينيين فى فتح وحماس وبقية الفصائل إلى مصالحة شاملة ، تتفق على ما يسمى الحد الأدنى ، وما يعدّ مرجعية لمن يُسمى رئيس السلطة ، ورئيس الحكومة والوزراء الفلسطينيين فى تعاملهم مع الغزاة مع محاكمة العملاء الخونة أيا كانت مراكزهم وستنتصر بإذن الله إرادة الشعب الفلسطينى المجاهد ، مع كل ما يُعانيه من حصار وتجويع وتحويل أرضه إلى سجن كبير ، فالشعوب لاتموت مهما بلغ كيد الغزاة والخونة.