ماذا تعرف عن كول آغاسي (أبو القعقاع)

ماذا تعرف عن كول آغاسي (أبو القعقاع)

د.خالد الأحمد *

نشرت صحيفة الرأي العام الكويتية في (21 /6/2007) موضوعاً هاماً عن أبي القعقاع ، أرى من الفائدة تلخيصه ، وتبويبه لتسهل الإفادة منه :

النظام السوري يخاف من انتشار الديموقراطية :

بعد احتلال القوات الأميركية للعراق احتلالاً عسكرياً بدون تفويض من الأمم المتحدة وإشاعتها بأنها ستبني ديمقراطية تكون مثالاً للمنطقة يجب أن تحتذي به الدول الأخرى وأنها ستستمر بعملية نشر الديمقراطية ضمن مخطط الشرق الأوسط الكبير مما يعني أنها بعد انتهاء ترتيب الأوضاع بالعراق ستنتقل لسوريا, وهو ما دفع النظام السوري للتهيؤ ليكون طرفاً في عملية تخريب الجهد الأميركي في العراق من أجل تأخير عملية ما أسموه بالدمقرطة هناك وذلك من أجل إغراق القوات العسكرية الأمريكية بمستنقع من المعارك والتفجيرات كي تزداد خسائرها البشرية بشكل يمنع الانتقال للمرحلة الثانية وهي الانتقال لدمقرطة سوريا.

بشارالأسد بالذات يشرف على تجنيد أبي القعقاع :

لذلك اتخذت القيادة الأمنية وعلى رأسها بشار الأسد , اتخذت هذه القيادة قراراً بعرقلة وإفشال مهمة القوات الأميركية بالعراق من خلال تطويع الشبان العرب الراغبين لدوافع إسلامية بالجهاد ضد القوات الأمريكية في العراق وبحيث يتم تدريبهم ومدهم بالسلاح ونقلهم بشكل غير نظامي لداخل الحدود العراقية من أجل القيام بعمليات تفجيرية أو استشهادية أو انتحارية.

ووضعت الخطة بحيث تتم كل العملية بإشراف دقيق ومباشر من المخابرات السورية ولكن بدون تواجد فعلي لعناصرها بعملية التنفيذ قد يؤدي لكشف الصلة بين المخابرات السورية وبين تلك الجماعات إذا ما تم إلقاء القبض على بعض العناصر.

وبدأ البحث عن شخص ذو صفات محددة إذ يجب أن تتوفر فيه الجرأة والاندفاع وشخصية كاريزمية تحسن إقناع الآخرين والسيطرة عليهم إضافة لحفظ القرآن والإيمان بالجهاد وذلك حتى يتمكن من القيام بعملية التجنيد للشباب العرب وتم إيجاد المطلوب من خلال سجلات من تم التحقيق معهم بعدة فروع أمنية ووقع الاختيار على :

 محمود كول بن محمد آغاسي (أبو القعقاع) :

 حيث يتميز بأنه متحمس جرئ ومتكلم يحمل إجازة بالشريعة الإسلامية من جامعة دمشق, من مواليد منطقة إعزاز عام 1973وقد أدى الخدمة الإلزامية باللواء 33 مدرعات وتم التحقيق معه في فروع الأمن السورية بعد عودته من باكستان التي سافر إليها من أجل اللقاء بعناصر من طالبان وعند عودته تم إيقافه بالقاهرة والتحقيق معه قبل أن يعاد لسوريا والمهم أيضاً أنه كردي وهو ما تحبذه المخابرات السورية .

تم الاتفاق معه من قبل المخابرات السورية أن يفسح المجال لنشاطه في التجنيد من خلال تمكينه من الخطبة في مسجد التوابين بحلب بدون موافقة وزارة الأوقاف وكان ضابط الارتباط معه العميد محمد بكور (رئيس فرع المخابرات الجوية بحلب) وقد فتح فرع الأمن العسكري بحلب أيضاً معه اتصال مباشر للرقابة المزدوجة عليه ولتقاطع المعلومات مع فرع الجوية.

وفعلاً بدأ نشاطه بشكل قوي وبدأ يستقطب الشباب العرب القادم لسوريا ويأخذهم لمعسكرات تدريب ويزودهم بالسلاح ويؤمن لهم المكروباصات لنقلهم للحدود العراقية حيث يتم تهريبهم من هناك بمعرفته وقد نشطت معه زوجته نجود كور أيضاً في ميدان النساء.

وفي جلسة خاصة سأل أحد الحضور السيد محمد سعيد بخيتان (رئيس مكتب الأمن القومي حينها) عن قصة الشيخ أبي القعقاع وكيف يسمحون بهذه الظاهرة, فأجابه بأنه سأل اللواء عز الدين إسماعيل (رئيس المخابرات الجوية) والذي يرعى أبا القعقاع من خلال فرعه في حلب عن هذا الموضوع في اجتماع مكتب الأمن القومي فأجابه بان هذا الموضوع يتم بمعرفة السيد الرئيس.

وبعد افتضاح العملية بشكل كبير حيث كتبت عن أبي القعقاع عدة صحف أميركية وعربية وأصبح يخشى أن تتم المطالبة به أو اختطافه من قبل جهات أميركية فكان لا بد من إيجاد حل, وتم الانتظار لحين تقاعد اللواء عز الدين إسماعيل حيث سارع البديل اللواء عبد الفتاح قدسية باستدعاء أبي القعقاع، وأعلمه إنهاء التعاقد معه فما كان من الشيخ أبو القعقاع إلا أن بدأ يلبس البدلة والكرافات ويحضر الديسكو إعلاناً بانتهاء تلك المرحلة كما أوصى اللواء قدسية بعدم التجديد للعميد محمد بكور رغم (خبرته الكبيرة) من أجل ألا يكون على رأس عمله وإبعاده عن الصورة وبالفعل تقاعد العميد بكور وتكريماً له تم تعيينه عضواً في مجلس الشعب في نيسان 2007.

وكيف يستفيد النظام السوري من جنود أبي القعقاع ؟

وبعد أن تم تشديد التهديدات الأميركية بضرورة إغلاق الحدود مع العراق وعدم إرسال مجندين خضع النظام السوري وبدأ يقيم رحلات اطلاعية للصحفيين كي يروا السواتر الترابية التي وضعها والدوريات التي تراقب الحدود، وهنا برزت أمام النظام مشكلة هؤلاء الإسلاميين المتطرفين اللذين قاموا بتجنيدهم والذين مازالوا موجودين في سوريا وكذلك المجندين الذين يعودون من العراق, واتخذت المخابرات السورية قراراً بتشكيل مجموعات مهمتها الاستفادة من الطاقات الجهادية الموجودة لدى هؤلاء الشباب لتفريغها خارج سوريا بدلاً من أن يستخدموها داخلها ضد النظام, فتم تقسيم هؤلاء الشباب ضمن فئات بحسب أولياتهم الجهادية اعتماداً على تقارير شيوخهم الذين جندوهم ودربوهم وهم كلهم من المخابرات السورية وبرزت عدة أولويات وتم التعامل معها بطرق مختلفة:

1  مجموعة ( فتح الإسلام ) : وهي المجموعة التي برز لديها تحرير القدس الشريف وفلسطين المحتلة من "إسرائيل" كأولوية تم ضمهم تحت قيادة مرشد روحي واحد, وتم العمل على إقناع قيادات بعض الفصائل الفلسطينية الموجودة بدمشق بأن تقبل استضافة هذه المجموعة ضمن المخيمات المتواجدة فيها بلبنان وخصوصاً إن أهدافها تتطابق معهم في تحرير فلسطين.

وعند انتهاء إعداد أماكن الاستضافة في المخيمات بدأت المرحلة الثانية من العملية, حيث قامت المخابرات السورية بالقبض على المرشد الروحي للمجموعة وبعض عناصرها بالاتفاق معهم وكذلك تم نشر إشاعة بين جميع أفراد المجموعة أنهم أصبحوا ملاحقين ومطلوبين للمخابرات السورية التي ستقوم بتعذيبهم وسجنهم إذا كانوا سوريين وتسليمهم لبلادهم الأصلية إذا كانوا عرب, وكان من يقوم بنشر الإشاعة يعلم أعضاء المجموعة بأن هناك حركة جديدة تريد تحرير القدس الشريف من المحتل الإسرائيلي وطابعها إسلامي جهادي وقد انشقت عن حركة فتح الشهيرة واسمها "فتح الإسلام" ويمكن أن يقوم بتعريفهم على شخص يقوم بنقلهم خارج الحدود السورية إلى مكان تواجد تلك المجموعة المؤمنة حيث سيتلقون التدريب والسلاح استعداداً ليوم النصر, وبهذه الطريقة تم نقل أعضاء المجموعة إلى مخيم نهر البارد كي تبدو وأنها عملية هروب من المخابرات السورية لا عن تدبير مسبق وتصميم منها, كما تم في تلك الأثناء إطلاق شاكر العبسي المحبوس لدى المخابرات السورية وإرساله للبنان وتجهيز البنية التحتية له في المخيمات كي يطلق مجموعة "فتح الإسلام".

2- ( مجموعة جند الشام )  وهي المجموعة التي برز لديها أولوية إنشاء الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة ونصرة أهل السنة كبداية لا بد منها لتطهير الأرض العربية من المحتل الإسرائيلي والأمريكي تم ضمهم تحت قيادة مرشد روحي واحد, وتم كما في السابق اعتقاله مع بعض عناصر المجموعة بالاتفاق معهم ونشر إشاعة أن الجميع باتوا مطلوبين للقبض عليهم وكان من ينشر الإشاعة يدعوهم لتشكيل مجموعة "جند الشام" التي هدفها إقامة الدولة الإسلامية وكان يتم تأمين طريقة هروب لهم للبنان واستضافتهم من قبل جماعات إسلامية متطرفة ممولة ومدعومة من سوريا بحيث يبدو كامل الأمر أن هذه المجموعة تشكلت بسبب الهروب من ملاحقة المخابرات السورية لا أن العملية مدبرة ومقدر لها أن تصل لهذه النقطة.

وبعد أن استقر تشكيل المجموعات بلبنان بدأ تدريبها ومدها بالسلاح لتكون جاهزة ومن خلال قيادتها للعمل بتوجيهات المخابرات السورية وبطريقة تبين أن القرار صادر منهم ولا دخل للسوريين بأي موضوع وذلك في موضوع زعزعة الاستقرار بلبنان لضرب موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي, وبدأ العمل لربطها ببعض القيادات السياسية السنية في لبنان ( يقصد فتحي يكن )؛ من خلال إقناعها بأنه يمكن من خلال تمويل هذه المجموعات أن تقوم باستثمارها لصالحها في موضوع توازن الرعب مع حزب الله الشيعي ويمكن أن يكون البعض قد تورط في هذه اللعبة المخابراتية كما حصل في موضوع الشاهدين الكاذبين في قضية الرئيس الحريري.

ويجب أن يذكر هنا بأن هناك عناصر من مجموعة "جند الشام" قد عادت لسوريا من لبنان بعد فترة من هربها وقامت بتنظيم نفسها وقامت بعدة عمليات إرهابية من المزة للسفارة الأميركية للتلفزيون السوري ولكن جميع تلك العمليات معروفة سلفاً من قبل المخابرات السورية حيث أن أسماء المجموعة وهوياتهم معروفة بدقة وكذلك منازلهم وتحركاتهم لذلك يتم مراقبتهم عند التخطيط والبدء بالتنفيذ ويتم انتظارهم أو تعطيل بعض قنابلهم عند المباشرة بالتنفيذ من أجل الاستفادة من هذه العمليات بالإعلان أن سوريا هي هدف أيضاً للإرهاب وكذلك من أجل قتلهم جميعاً لذلك نرى أنه لا يوجد ناجون نهائياً من أي عملية إرهابية تمت بسوريا لأنهم سيعترفون عن كل الفضائح الأمنية التي يعرفونها، (( ونذكر بالعنصر الرابع الذي بقي حياً بعد عملية السفارة الأميركية ، ثم مات في المستشفى ،كي تطمس معالم الجريمة )).

وهذا يدعم الأدلة التي تؤكد أن فتح الإسلام صنيعة مخابراتية سورية ، أريد منها زعزعة لبنان ، وتعطيل قيام المحكمة الدولية ، واستكمال التحقيق  في قضية الحريري ، ومعاقبة الجناة .... بعد أن ساهمت في زعزعة العراق ، وإيصاله إلى الحرب الطائفية القذرة التي ولغ فيها النظام السوري في العراق.

              

    * كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية