آصف شوكت وفتح الإجرام
آصف شوكت وفتح الإجرام
د.خالد الأحمد *
نشرت مجلة الشراع تحقيقاً مطولاً يبين علاقة آصف شوكت ، صهر الرئيس السوري بشار الأسد ، ومدير المخابرات العسكرية ، وأحد رجال الحكم الثلاثة في سوريا ، علاقته بفتح ( الإجرام ) وهذا ملخص لما نشرته الشراع تحت عنوان :
خطة آصف شوكت التي أحبطها الجيش وقوى الأمن اللبناني
اعترافات مسجلة :
لن يتأخر الوقت حتى تصبح اعترافات الموقوفين من عناصر ((فتح الاجرام)) ، بالصوت والصورة ؛ في متناول الجميع بكل ما تتضمنه من أسرار خطيرة ووثائق دامغة عن تورط النظام السوري في أحداث مخيم نهر البارد والوقوف وراء عصابة شاكر العبسي.
الاعترافات مسجلة بالصوت والصورة، معززة بإفادات الموقوفين ومدعمة بكل ما يثبتها من أفعال إجرامية واتصالات ووقائع وأدلة وأدوار،تم من خلالها الكشف عن بنود الخطة الجهنمية التي كان النظام السوري ينوي إسقاط لبنان في براثن ما سعت لإحداثه من اقتتال وفوضى ودمار. (( وكأن النظام الأسدي متفاهم مع أمريكافي مفهوم الفوضى الخلاقة ،ويريد أن يجعل لبنان، وربما فلسطين أيضاً ؛كالعراق ، يذبح بعضه بعضاً )) ..
أبرز الاعترافات هي لـ أحمد حلمي ( وقيل مرعي ) الذي أوقف مؤخراً بعد ضبطه في أحد فنادق الأشرفية وهو لبناني من عكار يتجول بوثائق ومستندات مزورة.
احمد حلمي ـ كما يقول في اعترافاته ـ كان مسؤول الارتباط بين الاستخبارات العسكرية السورية وعصابة ((فتح الاجرام)) وأخطر ما تم الكشف عنه من خلال اعترافاته المثيرة هو صلة رئيس فرع الأمن العسكري السوري اللواء آصف شوكت بعصابة ((فتح الاجرام)).
وطبقاً لاعترافات حلمي فإن عميداً في الاستخبارات السورية من مكتب شوكت يدعى (ج ح) هو الذي تولى وما يزال ادارة وتوجيه ملف ((فتح الاجرام)) في لبنان. وهذا العميد جديد على العمل في لبنان ولم يكن من ضمن مجموعة الضباط التي عملت سابقاً فيه خلال عهد الوصاية السورية في لبنان، إذ كان عمله في تلك الفترة محصوراً داخل الاراضي السورية.
اعترافات حلمي والموقوفين، وهي بالصوت والصورة والوثائق المطلوبة ستسلم للدوائر المعنية في جامعة الدول العربية، كما سيتم اطلاع الرأي العام عليها عندما يحين أوان ذلك.. ورغم التكتم الشديد حولها فإن معلومات ((الشراع)) تشير إلى أنـه تم وضع خطة من قبل شوكت وبدأ الإعداد لها بشكل دقيق ومتقن منذ سنة تقريباً. وجرى تأمين كافة اللوازم والأدوات ومصادر التمويل اللازمة لها، إضافة إلى تيسير الطريق لها من كل الجوانب.
شاكر العبسي ( زرقاوي لبنان )
ولهذا السبب أطلق شاكر العبسي الذي كان قابعاً في السجون السورية مع أعداد أخرى مسجونة أيضاً لتتولى هذه المهمة الاستخباراتية القذرة بعد أن زودت بالأموال اللازمة ويسرت أمامها كل الوسائل للاستيلاء بالكامل على قواعد ومكاتب وأملاك ((فتح - الانتفاضة)) وهي بالمناسبة أملاك ((فتح ياسر عرفات)) في الشمال ومناطق عديدة وفي سوريا وتقدر بمئات ملايين الدولارات، وكان تنظيم ((فتح أبو موسى)) يمول منها منذ منتصف الثمانينيات وحتى اليوم.
وضعت عصابة شاكر العبسي يدها على قواعد ((فتح – الانتفاضة)) في مخيم نهر البارد والشمال وبدأت بالتوسع في غير اتجاه وطرحت نفسها كرديف لبناني لـ ((القاعدة)) وبدأت تستقطب العناصر من المقاتلين العرب من جنسيات مختلفة وبعضهم قاتل في العراق بالإضافة إلى عدد من اللبنانيين لإضفاء الطابع الخاص بـ ((القاعدة)) على الجسم الاستخباري السوري.
و ترك بعض أفراد فتح الإسلام التنظيم عندما اكتشفوا حقيقة ارتباطه بالاستخبارات السورية فقامت هذه الأخيرة عقاباً لهم على عدم وقوعهم في مصيدة التعامل معها بتسليمهم إلى الأميركيين بحجة أنهم قاتلوا ضد جيشهم في العراق، أما البعض الثاني فاندمج في عمل ((فتح الاسلام)) وما زال يقاتل مع هذه العصابة حتى الآن في حين أن بعضهم الثالث والأخير عاد أدراجه إلى حيث قدم.
وكان يدفع لأي منتسب جديد إلى عضوية فتح الإسلام ما بين 500 و600 دولار شهرياً، في حين أن باقي الفصائل الفلسطينية لا تقدم لعناصرها إلا نسبة ضئيلة بالقياس إلى ذلك.
واتسع نطاق عمل التنظيمYالى داخل طرابلس من خلال شراء واستئجار شقق سكنية عديدة لا سيما في الزاهرية وشارع المئتين كما اتضح بعد ذلك. وكان العمل جار من أجل استكمال إعداد التحضيرات اللازمة لتنفيذ خطة آصف شوكت وفق التوقيت الذي يحدده أمر العمليات السوري لدى صدوره.
الخطة 755
ضمن الخطة الأساسية التي وضعها آصف شوكت للسيطرة على الشمال وإقامة (( إمارة اسلامية !!!؟؟؟ )) على أرضه هناك بند لخطة متفرعة اسمها الخطة 755 وهي تقضي بالانقضاض والهجوم على كل أفراد قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني عند صدور الأمر بتنفيذها.
الخطة 755 كان يراد منها وضع اليد على منطقة الشمال وإقامة إمارة إسلامية على أرضها بعد القيام بسلسلة تفجيرات وضربات واقتحامات وعمليات سيطرة تشمل تفجير نفق شكا القديم والجديد وضرب قيادة منطقة الشمال العسكرية وثكنة قوى الأمن الداخلي في الضنية واحتلال سراي طرابلس إضافة إلى عدد من المراكز والمقار الهامة والحيوية في الشمال إضافة إلى السيطرة على كافة فروع المصارف في الشمال إما لتمويل ((الإمارة)) المعلنة أو لإعادة ما قدم من مبالغ طائلة للاستخبارات السورية على حد تعبير أحد المطلعين.
وكان المطلوب حسب هذه الخطة الجهنمية إنهاء وجود الدولة بالكامل في الشمال، ويمكن تخيل مثل هذا المشهد وماذا كان سيحدث لو نجح المتآمرون في تنفيذه لا قدر الله.
وتزامناً مع هذه الخطوات التي يراد منها خطف سنّة الشمال وفصلهم عن باقي الوطن ومحاولة إظهار تحولهم من الاتجاهات المعتدلة والداعمة لإعادة بناء الدولة وإنجاز الاستقلال الثاني إلى التطرف والتزمت والأصولية، (( والهدف القضاء على أهل السنة في الشمال اللبناني وهم ثقل السنة في لبنان ))، والإفادة من إثارة النعرات المذهبية إلى أبعد حد لتصفية ما يمثله تيار المستقبل بقيادة النائب سعد الحريري من اعتدال وطموح لبناء دولة قوية وقادرة ومستقلة وحرة وسيدة.
وتزامنا مع تنفيذ هذه الخطوات الإجرامية في الشمال، كان العمل يجري على تفجير أحد الفنادق الكبيرة الفخمة في بيروت ومقر الأمم المتحدة في بئر حسن وعدد آخر من التفجيرات وصولاً إلى إلهاء من في العاصمة عما يدور في الشمال ولإغراق أبنائها في بحر من الدماء لا يملك أحد مقابله إلا أن يصاب بالذهول والشلل ولو لبعض الوقت.
اغتيال المطران صفير :
وفي الخطة 755 البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير كان أحد استهدافات هذه الخطة الجهنمية، وطبقاً للمعلومات المتوافرة فإن خلايا متفرغة شكلت من أجل اغتياله لإحداث فراغ على مستوى المرجعية المسيحية، وضرب ما يمثله سيد بكركي كقيادة تاريخية دقت المسمار الأول في نعش عهد الوصاية السورية ببيان المطارنة الموارنة الأول الشهير في بداية الألف الثالث طلباً للحرية والسيادة والاستقلال.
وورد في اعترافات الموقوفين من ((فتح الإسلام)) التي تشير بعض الخيوط إلى احتمال تورطها في جريمة اغتيال الوزير بيار أمين الجميل، ما ينذر بأن اغتيال البطريرك صفير على لائحة الأعمال الإرهابية والإجرامية لعصابة شاكر العبسي، ليظهر بوضوح أن استهداف المسيحيين وتشتيتهم ودفع قسم كبير منهم إلى الهجرة لتقوية قيادات متحالفة مع دمشق تحت الطاولة هو واحد من أبرز استهدافات الخطة التي تم إحباطها في مخيم نهر البارد.
أرادوا إلحاق وليد جنبلاط بأبيـه :
ولزعيم اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط حصة كبيرة أيضاً في هذا المجال، إذ كان يراد استخدام بعض القيادات ((الطارئة)) المعروفة بارتباطاتها الاستخباراتية على استدراجه إلى أتون فتنة درزية – درزية، نجح سيد المختارة في استيعابها ووأدها من خلال حكمته وبعد نظره وسرعة تحركه بمرونة وحزم متلازمين،
نحن إذن أمام خطة كاملة متكاملة أعدت بإتقان ووفرت لها الوسائل والامكانات البشرية واللوجستية والمالية والأمنية والعسكرية وحتى العقيدية لتنفيذها، المخططون لها معروفون ومحركوها والمكلفون متابعة تنفيذها معروفون أيضاً.
هذا ما خططه آصف شوكت ، ضرب المسلمين السنة في الشمال اللبناني ، وضرب المسيحيين ، وضرب الدروز ، لمصلحة من ؟؟؟ وحسب فهمي لمصلحة الهلال الشيعي الذي يقوم عليه الشرق الأوسط الجديد ، ولكن لطف الله عزوجل ، ثم شجاعة قوى الأمن والجيش اللبناني ، أحبطت خططه ، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .... ونأمل أن تكون إفادات عناصر فتح الإجرام ، المسمار الأخير الذي يدقه الحكام العرب ، وأوربا وأمريكا في نعـش نظام المافيا الأسـدي .....
* كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية