ستُزهِرُ دماؤهم خارج أسوار سجن تدمر
ستُزهِرُ دماؤهم خارج أسوار سجن تدمر
د.محمد بسام يوسف*
لله عاشوا.. وفي سبيله مضوا..
في حُجَيراتِ قلوبهم حفظوا قرآنهم العظيم..
وبنفوسهم مزجوا كلَّ السور والآيات..
في سكناتهم.. في حركاتهم.. بأحاسيسهم.. بفكرهم.. بكل خلاياهم.. عجنوا القرآن!..
بعزيمة إسلامهم مضوا.. وتحرَّكوا لهدم أوكار إبليس وجنوده!..
ثاروا ليُعيدوا عزّتنا.. من أجلنا :
من أجل الطفل، راح الباغي يُنشِؤه ليقفَ بوجه الإسلام..
من أجل الحُرَّة، قام المجرمُ يُخرجها عن دين الرحمة والإحسان..
من أجل الأمّة، شرع الحاقد يهدم فيها كل البنيان..
من أجل المسجد، أحرقه الأقزام..
من أجل المصحف، مزَّقه جُندُ الطاغوت، ورَموه تحت الأقدام..
من أجل الكبرياء.. من أجل كل الضعفاء..
من أجل شموخ الشام..
من أجل الأمّة ثاروا، ليصدّوا جبروتَ العاتي.. ويقفوا بوجه الشيطان!..
* * *
في الله قضوا، ليعيشوا حياةً أبدية، ليعيشوا نعيماً في العلياء، ليعيشوا حياة الشهداء!..
ذبحوهم، قتلوهم.. ظنوا حين اغتالوهم أنهم قتلوا الإسلام!..
مَن قال: إنّ الباغي انتصر عليهم؟!.. مَن قال: إنّ القهر يُزيل من الوجود القرآن؟!.. مَن قال: إنّ الشمسَ تُطفؤها ريحُ الباطل؟!..
من دمائهم تشبَّعت أرض الشام، ومن دمائهم ارتوت بذور الإيمان..
ونمت شجيراتهم، وكبرت، وتطاولت إلى عنان السماء.. وأزهرت أغصانها..
في أعماق الصدور والقلوب.. في أعماق الأعماق.. رسَّخوا جذور الحق والمبادئ العظيمة!..
* * *
مَن قال: ذَبْحُ الحُرِّ ذَبْحٌ للإيمان؟!..
ليخسأ فلاسفة الطغيان..
فطفل الشام رضع من مآثر ضحايا سجن تدمر، ومن مآثر أجدادهم!..
مضوا.. لكنهم خلّفوا للراية رجالاً.. وجبالاً شُمّاً.. وزنوداً لا تعرف الكلل أو الملل..
فغدت أراملهم: خنساوات.. وصار أشبالهم: حمزة وخالد وصلاح الدين.. وأصبحت شِبلاتهم: نسيبة وخولة والشيماء.. وغدا أحفادهم: قُطُز وطارق والقسّام!..
مهلاً يا طغاة الشام، فأحرار سجن تدمر المغدورون لم يبقوا في تدمر..
إنهم في كل مكانٍ من هذا الوطن المنكوب بكم..
على هامات الجبال.. وخلف كل شجرة.. ووراء كل صخرة.. وفي الشوارع والأنفاق.. وعند كل الجدران!..
سينطلقون من تحت الأرض، ومن فوقها.. من كل هضبة.. من الحقول والبساتين.. من شواطئ البحر.. من كل الوديان!..
حتى يعرفَ أهلُ الأرض،
أنّ القرآن سيبقى..
وأنّ الإيمان لا تُطفَأ جذوته..
وأنّ الشام ما ركعت يوماً للطغيان!..
حتى تعرفَ كل الدنيا، ويعرفَ جُندُ الباغي،
أنّ دماء الأحرار المغدورين في سجن تدمر.. لا تُزهِرُ إلا الطوفان!..
*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام