القضاء على حماس مطلب فلسطيني أم صهيو أمريكي

القضاء على حماس مطلب فلسطيني

أم صهيو أمريكي

خليل الصمادي

 [email protected]

عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ الرياض

تتصدر أخبار غزة قائمة الأخبار في النشرات العربية وغيرها ، وكثرت التحاليل والتعليقات ووجهات النظر ، وتباينت فيما بينها ونتج عن ذلك فريقين فريق يدين ما قامت به حماس ، وهذا الفريق تمثله سلطة الرئاسة وأمريكا وإسرائيل ومن يدور في فلكهم من كتاب ومحللين وأصحاب قرار ، أما الفريق الثاني فيؤيد ما قامت به الحركة في حسمها للصراع هناك في أقل من يومين ومؤيدو هذا الفريق هم حركة حماس وبعض الأطراف العربية والإسلامية وفعاليات شعبية عديدة في القطاع وخارجه بل في العالم كله، أما الدول التي اتهمت بدعم هذا العمل فهي إيران وسورية وقطر أوتلفزيون الجزيرة.

لم يكن الحسم الأخير في غزة وليد مؤامرة مبيتة أو تعليمات جاءت من هنا أو هناك بل إننا نجد أن الصراع بين حركتي فتح وحماس يعود منذ نشوء حركة حماس أي إلى بداية انطلاق الانتفاضة الأولى عام 1987 إذ بدأ الصراع حول من فجر الانتفاضة وانتقل الصراع إلى السجون الإسرائيلية وادعى كل فريق أن الفريق الآخر ينكل بسجنائه ويمارس شتى أنواع العذاب والهوان ضد الفريق الآخر، واستمر الصراع في الخفاء والعلن طيلة الفترة السابقة ولكن دون مستوى المواجهة العسكرية كما حدث أخيرا ولعل السبب في ذلك يعود إلى عاملين رئيسين هما وجود رمزي الحركتين : الرئيس ياسر عرفات والشيخ أحمد ياسين ـ رحمهما الله ـ على رأس التنظيمين الكبيرين، إذ اشتهر الرئيس عرفات بحنكته السياسية وإرضاء الأطراف كلها حتى المناوئة له فهو أول من طار إلى عمان لتهنئة الشيخ المفرج عنه من سجون الاحتلال وأول من أدلى بتصريحات مؤيدة للشيخ وحركته ، وأما الشيخ فقد عرف بحكمته وصبره وبالرغم من التضييق عليه وفرض الإقامة الجبرية في سنين عجاف إلا أنه كان كثيرا ما كان يردد الآية الكريم { ولئن بسطت إليَّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك} المائدة 28

، وأما السبب الثاني وهو الأهم هو غياب حركة حماس عن التمثيل السياسي السلطوي قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أوصلتها إلى سدة الحكم الناقصة ، إذ شعر الفريق الآخر أن الحركة بدأت بالسيطرة الفعلية على مفاصل الحياة السياسية الفلسطينية فجن جنونهم بعد فوز حماس الكاسح فربما ظنوا أن الحركة لن تصل لسدة الحكم ولم تحلم به في يوم ما ، وشجعهم على ذلك نتائج المؤسسات التي تعنى برصد الاستطلاعات إذ أعطتهم تطمينات مؤكدة أن الحركة لن تتجاوز مقاعدها في المجلس التشريعي بأكثر من 30% بأحسن الأحوال و تبين بعد فرز الصناديق أنها كاذبة، يعمل أكثرها ضمن برامج حزبية دعائية ، وبعد أن تشكلت الحكومة العاشرة لجأ أطراف من الفريق الآخر بمباركة دولية منقطعة النظير لإفشال حركة حماس فتم الحصار وتنظيم الاضرابات المبرمجة وإقصاء الحركة عن السيادة الفعلية للسلطة وأهمها السيطرة على المراكز الأمنية وعدم انصياع قادتها وأفرادها لقرارات وزراء الداخلية والتمرد عليهم وإقصائها عن الوزارات السيادية بما فيها المال والخارجية والداخلية ، ولأول مرة في تاريخ الدول يتم توزيع مراكز القوى بين سلطتين سلطة رئاسية وسلطة رئيس الوزراء ، واشتد الصراع بين الطريف شهورا عدية وتدخلت أطراف عربية عديدة للصلح بينهما وكان أهمها اتفاق مكة في أرض الله الحرم وتمخض الاتفاق على وثيقة هامة تحدد العمل الوطني وتم تشكيل الحكومة الحادية عشرة التي واجهت من أيامها الأولى استمرار الحصار والفلتان الأمني المبرمج والذي يصب ضمن أجندة " الفوضى الخلاقة " التي دعت إليها أطراف أمريكية بكل صراحة وتبجح، بما فيها خطة " دايتون " فتم تقديم الأسلحة والمال للأجهزة الأمنية للانقلاب على شرعية حماس ، وبدأ فريق حماس الاتصال براعي الاتفاق وبالأطراف الفلسطينية العديدة ولكن يبدو أن خطة الفوضى الخلاقة خرجت من العباءة الفلسطينية والعربية ، وعاشت غزة أياما عصيبة تخللها الخطف والاغتيال وقصف مقر رئاسة الوزراء وبيت رئيس الوزراء وبيوت قيادة حماس وغير ذلك من الأفعال التي غابت الآن عن التحاليل أو غيبت؛ للتباكي على الفريق المهزوم الذ ي يصور وكأنه ضحية تم الغدر به.

من هو صاحب المصلحة في القضاء على حماس؟

يدعي فريق أوسلو أن الشعب الفلسطيني هو صاحب المصلحة الحقيقة في القضاء على حركة حماس لأن الحركة تعمل على تقويض مشروع الحلم الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وهاهم قد قاموا بإنشاء إمارة حماس أو الإمارة الإسلامية أو الإسلاموية أو الظلامية أو السوداء أو الطائفية وما إلى هناك من اتهامات مجترة من خمسينات وستينات القرن الماضي ، وأن هذه الإمارة خروج عن الشرعية الفلسطينية ، وأنها بداية الانتحار ، وأن حماس قامت بالانقلاب على الشرعية !! وقاموا بالقتل الجماعي والإبادة ووووو وكأن الفريق الأخر يعيش أيضا في الخمسينات والستينات يوم كانت وسائل الإعلام مؤممة بامتياز وإحكام لصالح الفريق الحاكم ونسوا أن المواطن الآن في رام الله وغيرها يجلس على أريكته لا يشاهد فقط اللاعب المسلم الذي سجد لله عندما سجل هدفا في مباراة دولية بل يشاهد محطات عديدة تنقل الخبر بصدق وموضوعية عما حدث ويحدث في فلسطين وغيرها، ونسوا أن شبكة الانترنت صارت سلطان الإعلام في القرن الواحد والعشرين .

 هذه الأمور المستندة على وثائق لم تعد سرا كما في السابق عندما كانت حبيسة أجهزة المخابرات ووزارات الخارجية الأوروبية والأمريكية ربع قرن من الزمن إذ أن قوانين تلك البلاد تسمح بكشفها إذ يصطدم المواطن المغرر به أنه كان مخدوعا بالبطل فلان والزعيم علان وربما كان رمزا له وعلق صورته ولكن بعد فوات الآوان .

مشكلة هذا الفريق يظن أنه يعيش منذ أربعين سنة أي منذ أن سيطروا على مقاعد منظمة التحرير بما فيها حركة فتح العملاقة والمجلس الوطني والمستشارين واللجنة التنفيذية وغيرها ، وأننا لا نقرأ أو نشاهد أو نسمع إلا ما يقولونه ، الكل يتابع المحطات والصحف والأنترنت ويستنتج ما يراه صحيحا . فعلى سبيل المثال ذكر الرئيس الفلسطيني في خطابه الأخير أمام المجلس الوطني الفلسطيني 20/6/2007 أن مقاتلي حماس ألقوا بأحد عناصر فتح من برج سكني عالٍ ، بينما أكد والد الشهيد "حسام أبو قينص" من فضائية الأقصى قبل خطاب الرئيس وبعده أن الذين ألقوا بابنه هم من عناصر فتح وبالقرب من بيت الرئيس الذي لم يجرؤ أحد من الاقتراب منه قبل الحسم العسكري الحمساوي بيومين بسبب الاشتباه به لأنه ملتح وهو من مؤيدي فتح !!

أما الفريق الآخر : فريق حماس وأنصارها يقولون : أنهم يواجهون حملة شرسة هدفها إقصاء مبرمج ومدعوم من فريق أوسلو بناء على تعليمات من إسرائيل وأمريكا وبعض الأطراف العربية ويدلون بحجج منها:

1. الحصار الذي تم فرضه على الحكومة العاشرة الحمساوية وحتى الحادية عشرة الوطنية.

2. الإضرابات التي أنهكت البلاد والعباد والفلتان الأمني الذي أزهق الأرواح ودمر الممتلكات،

3. الدعم الأمريكي الكبير للفريق المناوئ بما فيه المال والسلاح، في الوقت الذي تصادر الأموال التي حاولت حماس تهريبها للداخل من قبل قيادات الحركة بما فيهم رئيس الوزراء.

4. إعلان الحكومة الأمريكية من أول يوم لتشكيل حكومة الطوارئ رفع الحصار وتقديم الدعم المادي والمعنوي لها!!!

5. العداء الأمريكي للحركات الإسلامية كلها بما فيها المتطرفة والمعتدلة والحيلولة دون وصولها للقرار وهذا العداء يتمثل في دعم الأطراف المناوئة للإسلاميين بالمال والسلاح كما حدث في الصومال وأفغانستان والعراق والفلبين وباكستان ، أو دعم الحكومات في تزوير نتائج الانتخابات للحيلولة دون وصول الإسلاميين كما حدث في الجزائر ومصر وغيرها من الدول الإسلامية .

6. اعتماد حركة حماس على برنامج واضح معروف ومؤيد من شرائح وطني وعربية وإسلامية كبيرة.

ماذا بعد : لا شك أن الأمور عصيبة وأن المستقبل مجهول ولا حل للمشكلة إلا بالحوار أولا وأخيرا ورفض التبعية والمراهنة على أي طرف خارجي ولاسيما الذين لا يهمهم إلا مصلحة العدو الصهيوني والمشكلة أن فريق حماس المتهم بالانقلاب ينادي بالحوار والاعتراف بالرئيس الفلسطيني وبحركة فتح بينما الفريق الآخر لم ولن يقبل الحوار وأصدر مراسيم تعتبر أهم قوة لحماس خارجة عن القانون، المشكلة أن هناك فريقا من المنتفعين حول الرئيس ممن سموا بالمستشارين وممن ارتبطوا بمشاريع خارجية أتتهم فرصة لتطبيق مشروعهم أو مشروع الصهيو أمريكي على طبق من ذهب لا حوار لا اعتراف لا للانقلابيين لا وألف لا ونعم لإسرائيل ونعم لخطة دايتون ونعم للقاء أولمرت أو رايس وحتى أننا نجد أن الفريق الإسرائيلي يمنن هذا الفريق عند لقائه ويضع شروطا عليه ، فهذا " ديختر " وزير الأمن الإسرائيلي وعضو الحكومة الأمنية المصغرة يضع الشروط المسبقة لحوار تيار أوسلو فيقول حسب ما أورته صحيفة الحياة 21/6/2007 نقلا عن الإذاعة الإسرائيلية " الانقلاب العسكري الذي نفذته حركة حماس بإيحاء من إيران ، خلق الفرصة لمشروع يمكن تسميته الضفة الغربية أولا ، والذي يتطلب قبل كل شيء تحركا فاعلا لأحهزة الأمن الفلسطينية ضد الإرهاب لتفادي واقع مماثل لما آلت إليه الأوضاع في القطاع حيث لم تتحرك أجهزة الأمن ضد الإرهاب وأضاف أنه فقط في حال قامت الأجهزة الأمنية بالمطلوب منها يمكن لإسرائيل أن تسلمها المسؤولية الأمنية عن مدن الضفة وفقط بعد ذلك يمكن دخول مسار عملية سلمية، وأضاف :إن إسرائيل ستتعاطى مع القطاع على أنه معاد وستطالب مصر بأخذ زمام الأمور لوقف تهريب السلاح إلى القطاع وعندها يمكن لبقايا فتح هناك أن تعمل من أجل استرداد قوتها ولكن الأمر يتطلب وقتا" أما السفير الإسرائيلي في واشنطن " سالاي مريدور" فقد صرح على هامش لقاء أولمرت ببوش " إن إسرائيل والولايات المتحدة لا تريد أن تخسر الفرصة الناشئة بعد ما حصل في القطاع ، ولن تفوت الفرصة وستمح الدعم المطلوب للمعتدلين ، ولكن من خلال الحذر المطلوب" !!

تيار أوسلو يقول : "هنيئا لحماس بالانقلاب على الشرعية الوطنية الفلسطينية "

فريق حماس يقول: " هنيئا لتيار أوسلو بالدعم الصهيو أمريكي الذي لم يعد خافيا على أحد بالرغم من طلاءه بطبقات من المكياج لم تصمد كثيرا ".