هل يستحق البرادعي أن يكون رئيساً لمصر؟
أحمد الفلو /فلسطين
أمواج الغضب الإعلامي التي أثارها المستثقفون الذين لا مبدأ لهم ولا فكر دفاعاً محاولة البرادعي ترشيح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية في مصر, إنهم يكتبون ما يخطر في بالهم من تفاهات من منطلق عاطفي وخطر هؤلاء في كتاباتهم التي يبرز فيها تزكية وتلميع لشخصيات عملت و تعمل في خدمة الصهيونية العالمية أمثال البرادعي، وربما كانت الحملة الأخيرة التي يشنها هؤلاء الكتاب الذين يدعون الوطنية والعروبة تمثل نوعاً من التجهيل والتعمية على من يجب فضحهم وتعريتهم وربما كان البرادعي أحد هؤلاء الذين يتم إظهارهم على أنهم مظلومون و محرومون من الترشح لحكم مصر وكأن مصر لا يكفيها البلاء الذي حلَّ بها من بعد رئيسها مبارك الذي التصق قفاه بكرسي الحكم, ولعلنا نورد في هذا المقام كلاماً ذكرناه منذ أكثر من عام .
لم يكتفِ البرادعي بكل الجرائم و الموبقات التي ارتكبها بحق العرب والمسلمين في العراق ومحاولاته الإيقاع بباكستان وماليزيا والوشايات التي يقدمها بحق العالِم النووي الباكستاني عبد القدير خان، بل إنه واصل ذلك النهج الرغالي والمتصهين، فقد ذكرت جريدة الدستور في 6/11/ 2008 علي لسان "جريجوري شولت" المندوب الدائم للولايات المتحدة في الوكالة الدولية ومكتب الأمم المتحدة في فيينا أن البرادعي أكد للوكالة في ابريل 2008 بأن سوريا أقامت منشأة سرية في الصحراء قرب مدينة "الكبار" وأنه يعتقد أي البرادعي أن هذه المنشاة مفاعل نووي يتم بناؤه سراً، ويمثل خرقا من جانب سوريا لاتفاقها مع الوكالة وأن هذا المفاعل يتم بمساعدة كوريا الشمالية وبصفات مشابهة لمفاعلها في "يونجيبون" الذي يتم إبطال مفعوله الآن ولكن تم استخدامه لإنتاج مادة " البلوتونيوم" المستخدمة في الأسلحة النووية لكوريا الشمالية )).
ثم يعود البرادعي ليصرِّح أمام الصحفيين بأنه لا يستطيع أن يؤكد وجود أسلحة نووية في سورية ولكن يجب إعادة تفتيش الكثير من المواقع العسكرية السورية لأنه تنقصه المعلومات عن النشاط النووي السوري، وهي ذات اللعبة التي مارسها الجاسوسان "رالف إكيوس" ومن بعده "ريتشارد بتلر" في العراق، ولكن اليقظة السورية كانت أكبر من ألاعيب البرادعي، حيث رفضت أن يقوم البرادعي وجواسيسه بتفتيش مواقع عسكرية حسّاسة وتصويرها وإرسال التقارير عنها للعدو الإسرائيلي كما كان يفعل جواسيس إكيوس و بتلر.
وقصة البرادعي تبدأ مع بداية بسط النفوذ الأمريكي على هيكلية نظام الحكم في مصر عام 1974 فإن الرئيس المصري الراحل أنور السادات عيَّن الدكتور محمد البرادعي مساعداً لوزير الخارجية المصري إسماعيل فهمي وتم ذلك بناءً على تزكية تلقاها السادات من وزارة الخارجية الأمريكية، وبعد نيله إعجاب الخارجية الأمريكية التي كان يشرف عليها الصهيوني هنري كيسنجر قام الأخير بترشيحه في منصب المهمات الدائمة لمصر إلى الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف كما تم تأهيله من خلال تعيينه لعدة سنوات كأستاذ للقانون بكلية الحقوق جامعة نيويورك وذلك توطئة لتعيينه عام 1980م بوظيفة مسؤول عن برنامج القانون الدولي في منظمة الأمم المتحدة وفي عام 1984م تم إلحاقه بالوكالة الذرية، وفي عام 1993م صار مديرا عاما مساعدا للعلاقات الخارجية تم مديرا عاما للوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 1997م ليبدأ مرحلة العمل لصالح من صنعوه وأوصلوه فكانت باكورة أعماله المخزية تلفيق الروايات والقصص عبر تقاريره الشهيرة لاستكمال أكاذيب الرئيس الأمريكي بوش عن وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق.
لقد كانت تصريحاته المتكررة عن عدم تعاون العراق مع المفتشين الدوليين تنطلق بغزارة لتحقيق هدف واحد هو التمهيد الإعلامي والنفسي وتهيئة الأجواء لإتمام الحملة العسكرية الأمريكية و بقي على ذلك النهج حتى يوم 22/2/ 2003 أي قبل الغزو الأمريكي للعراق بأيام حيث صرح من طهران "لم ننجز عملنا بعد والعراق لا يتعاون معنا بشكل تام"، وتابع البرادعي"لا يمكننا بصورة خاصة الوصول تماما الى العلماء العراقيين ونأمل في أن يتعاون العراق خلال الأسابيع المقبلة"، مع يقين البرادعي التام بأن العراق فعلاً لا يملك هذه الأسلحة و هذا ما ثبت فعلاً فيما بعد، وتصريحات البرادعي أخيراً " بأن العراق لو كان يملك أسلحة نووية لما تمكنت الولايات المتحدة من مهاجمته" ، ولا ندري عن سبب سكوته كل هذه السنوات بعد خراب مالطا كما يقولون ولماذا لم يقل هذا الكلام في مجلس الأمن قبيل غزو العراق؟
ولإبراز ولائه المطلق لسياسات الولايات المتحدة فإنه في كانون الثاني 2008 أعرب البرادعي عن قلقه من وقوع الترسانة النووية الباكستانية بأيدي جماعات متشددة في باكستان وأفغانستان، وأضاف البرادعي في وشاية واضحة ضد العالِم النووي الباكستاني عبد القدير خان أن شبكة خان عابرة للمحيطات تمتد من ماليزيا إلى تركيا ولكنه هذه المرة يقدم الوشاية ضد دول إسلامية ناهضة، وأكمل البرادعي حديثه إن عبد القدير خان خلال زيارته دولاً عربية كان قد عرض مساعداته لأسباب عقائدية، وذلك تعبير واضح من البرادعي عن خشيته من امتلاك المسلمين لأي قدرات نووية.
وفيما يتعلق بالسلاح النووي الإسرائيلي فإن البرادعي لم يتمكن من القيام بأي تفتيش أو حتى مجرد زيارة للمفاعل النووي الإسرائيلي، فقط تم السماح له بالمرور جوّاً بطائرة إسرائيلية سمح له بإلقاء نظرة خاطفة من النافذة، ومع علمه التام وسماعه للعديد من التصريحات لمسئولين إسرائيليين بوجود أكثر من 300 رأس نووية إلاّ أنه يتجاهلها عن عمد ويقول "إن البرنامج النووي الإسرائيلي غامض، وأنه لا يعرف عنه الكثير"، وعندما تمت مواجهته بالتصريحات الإسرائيلية عن الأسلحة النووية الإسرائيلية فإنه أجاب "بأنه يتفهم القلق الإسرائيلي لامتلاكها سلاح نووي"، وفي مقابل هذا التغاضي عن إسرائيل والتشدد في مراقبة أي نشاط نووي عربي أو إسلامي وكذلك الكذب والتلفيق الذي يمارسه ضد العرب والمسلمين فإن البرادعي وبعد ترشيح الولايات المتحدة له قد حصل عام 2005 على جائزة نوبل للسلام مكافأةً له.
وليس من قبيل المصادفة أن تختار الولايات المتحدة و ربيبتها إسرائيل كل هذا الجمع الفاسد من أبناء مصر العربية من أجل أن يشوَّهوا الوجه المشرق لمصر أمثال مبارك والشيخ طنطاوي والبرادعي وأبو الغيط وعمرو موسى ويسخر هؤلاء أنفسهم بالتعاون مع عصابة محمود عباس ليكونوا أدوات لقتل العرب والمسلمين، لتتكامل أدوارهم في ذبح العرب من العراق إلى فلسطين ثم سورية، و إذا كانت دوافع هؤلاء الكتاب في دفاعهم عن البرادعي أو عمرو موسى هو النكاية بحسني مبارك، فإن ذلك لن يكون سوى استبدال السيء بالأسوأ لأن مصر بلد عظيم يحتاج لفارس عظيم يقوده نحو الريادة والعزة .