السيد جورج غالاوي المحترم

م.نجدت الأصفري

[email protected]

لست بصدد الدفاع عن أحد كما لست بصدد محاسبتك على آرائك مهما كانت فأنا مثلك أومن بالحرية الفكرية وحق المرء أن يقول بحرية ويعبر عن آرائه بما يشاء ، لأنك لست سوريا حسبك على كلامك يكلفك رأسك ببساطة وسهولة ، بلا محاكمة ولاشهود.

 وهذا ما جعلني هدفا لحكومة ديكتاتورية وضعتني أمام خيارين لا ثالث لهما :

إما السجن والتعذيب ومن ثم التصفية الجسدية .

أو الهروب إلى دول تؤمن لي نوعا من الأمان في ظلها .

هذه الحكومة – يا سيد غالاوي –التي تدافع عنها بحرارة ، ولو أنك عملت بحكمة العرب القائلة :

ما خاب من استخار ، ولا ندم من استشار .

والقول المعبر لدينا هو : أهل مكة أدرى بشعابها .. يعني أنك مهما عرفت من أمرنا ، فلا شك أنك تجهل بعض خفاياه وتفاصيله. فلو استأنست برأي سوري يعيش بجوارك هاربا من طغيان الحكم الدموي في سوريا لعرفت ما سوف تغير به موقفك ونظرتك لأمور المنطقة بأسرها .

السيد وليد جنبلاط هو من يأكل العصي ،وأنت في مكان من يعدها ، فهل هناك في رأيك فرقا بين الإثنين؟

السيد وليد جنبلاط هو من اكتوى بنار الاحتلال السوري لبلده لأكثر من ثلاثة عقود ذاق فيها الأمرين ، وفرض عليه كذلك أحد الخيارين :

إما أن يمالئ قاتل والده السيد كمال جنبلاط على يد ( الأشاوس ) من النظام السوري يوم كان محتلا للبنان  فيظهر (على كراهة ورغم أنفه ) الحب والتعظيم لحكم دموي لا يرحم ، أو يلحق بوالده بيد حمقاء  لا تطيب لها الحياة إلا إذا أشبعت ساديتها بروافد الدم البريء يسيل قانيا من أجساد الضحايا المنكوبين .

إن استشهادك برواية فرانكشتاين ( يمكن صناعة الوحش  لكن يستحيل بعدها السيطرة عليه ) يجعلنا أن نطالبكم بأن تخلصونا  من الوحش الذي بلانا به زعماؤكم وتركوا لنا إرثا كبيرا من جحيم المشاكل التي خلقها لنا استعماركم لبلادنا وتركنا في دوامة من المعضلات ما أن نقترب من حل إحداها حتى تخلقون لنا أكبر منها وأخطر .

كم أعجبنا سابقا بمواقفك الإنسانية الرائعة تقف مع المضطهدين من الشعوب العربية سواء بيد حكامها الظالمون الذين أوصلهم أسيادهم من بني جلدتكم ، أو على يد أعداء ألداء ساعدهم حكامكم على سرقة واغتصاب أرضنا وتهجير وقتل أهلنا .وكم أكبرنا مواقفك تدافع عن حقوقنا بينما لا يستطيع أحدنا فتح فمه أمام سيف الباطل مشهرا فوق رقابنا من حكامنا.

 يا سيد جورج غالاوي ألا فكرت في أعداد المهجرين من الشعوب العربية ( عربها وكردها ، مسلمها ومسيحيو ها ، شبابها وكهولها ، نساؤها ورجالها ، أصحاؤها ومرضاها ...فمن في رأيك سبب هذه الفوضى والعذاب والقهر ... إنهم شخصين فقط لا غير :

حاكم حقير خائن لوطنه وأهله بلا ضمير ولا وجدان ، بلا إحساس ولا إنسانية .

وحكومات أجنبية متآمرة علينا داعمة لظالمنا ، مساندة لعدونا ، متجاهلة أمرنا .

يا سيد غالاوي لو عرفت ( وأستغرب أنك لا تعرف) أن ما يدعيه حاكم سوريا ، الذي تدافع عنه ، هو وأبوه من باع  أجزاء كثيرة من الوطن مثل لواء إسكندرون وهضبة الجولان وشرد المخلصين من أفراد الشعب ، تلكم الملايين الذين أحصتهم وزيرة شؤون المغتربين ( بثينة شعبان) بثمانية عشر مليونا هجروا وطنهم خوفا على أرواحهم ، عندما رأوا بأم أعينهم ما حل بإخوانهم وأقربائهم الذين افترستهم أذناب السلطة ومزقت أجسادهم باسلوب تعف عن مثله الوحوش الضارية .

إن هذا الطاغوت ، وصل إلى الحكم بغدر وخداع ، وتسلط على الرقاب بدموية ووحشية ، وسرق خيرات البلاد وأرزاق العباد بخسة دناءة لم تعهدها  البشرية منذ العصور السحيقة .ولم يقتصر سلطانه على سوريا فمد حبائله ومؤامراته على دول الجوار وكان لبنان أضعفها وأسهلها.

استغربت أن تصل في انتقادك لسيد يريد حرية بلده ويقف في وجه من يربك شعبها وحكومتها ويقتل خيرة رجالها ، فما سبب وقوفك ضده ؟ شيء محير أن تقف مع القاتل ضد الضحية ، ومع مصاص الدماء ضد المقتول ، ومع السارق ضد المسروق أهكذا تأمرك الحرية التي تنتعش في بلادك ؟ والديمقراطية التي نشأت وترعرعت في كنفها ؟

أتدري يا سيد غالاوي ، أنك لو نطقت بكلمة واحدة ضد الفرعون السوري فإنك لا تستطيع أن تضمن حياتك إذا وطئت رجلك أرض بلده ، وهو على استعداد لتلفيق مئات الأكاذيب عن سبب وفاتك ، فهذا ديدنه في كل ما سجل من قضايا القتل والاختفاء والفقد بينما تشير كل الأصابع إليه ، سواء ما حصل في بريطانيا ،فرنسا ،إيطاليا ، اليونان ، تركيا ، الهند ، الأردن ، لبنان ، الكويت ، العراق .....كل الجرائم التي حصلت سجلت ضد فاعل مجهول ، لكن الشعب السوري يعرفه يقينا ولكن لا يجد من يقف معه ليبوح بما يعرف من أسرار هذا الإخطبوط اللعين .

 أما وقد حانت فرصة فريدة في إنشاء المحكمة الدولية  التي ستكشف ما يشيب من هوله الأطفال، فهل ستتراجع عن كلامك الذي أطلقته ضد رجل يطالب بحرية بلده من يد من استعمرها وسرق خيراتها واغتصب نساءها وقتل من شبابها عدد وفير .

لعلك معذور بسماعك لشعارات رنانة يطلقها الحاكم المهرج تدغدغ مشاعر المقهورين فيصدقه أمثالك ، لكن الشعب السوري وشعوب المنطقة كلها الذين خبروا دجله وأحابيله وعرفوا كذبه في كل ما يقول ويطنطن به من شعارات جوفاء وكلمات عجماء لا تقدم ولا تؤخر ، إلا أنها رأسماله في ألاعيب شغلت المنطقة نصف قرن في هراء .

هذا الذي تدافع عنه رفع شعارا براقا هو ( أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ) وإذا بمكره وخداعه زادت مشاكل البلاد العربية وزاد انقسامها في كل أمر مطروح من أمورها ، واحتال على الدول العربية وابتزها عقودا طويلة ولم ينفذ شيئا مما وعد به ، والأنكى من ذلك أن أحدا من هذه الدول لم يتجرأ على مصارحته فيما ابتزه من أمواله تحت شعاراته الكاذبة ، تجنبا لاستباحة بلدانهم لجرائمه الماكرة ومخططاته الحقودة .وما استغلال الدول النفطية لعقود طويلة تحت شعار بترول العرب للعرب ، ودول الصمود ودول الدعم ، ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة إلا نماذج من شعارات براقة المظهر خبيثة القصد والمرمى ، حتى إذا لم يعد هناك من حيل أخرى رفع شعار ( إن لم نستطع التحرير الآن فلندعها للأجيال القادمة )

أريد منك أن تتأكد من كل كلمة كتبتها لك ، اسأل ممن تراه حولك من السوريين ، فهم أكثر من يعرف خبايا هذا الخائن وغدره وليصدقك الحديث ، وسوف أسمع كيف ستعتذر للشعب السوري واللبناني و الفلسطيني والعراقي والأردني والسعودي والمصري ...وعلى رأس اللائحة ستعتذر من السيد وليد جنبلاط الذي تجاوزت في هجومك عليه كل أساليب اللياقة الأدبية المقبولة .