دماء المسلمين تسفح بلا وزن لها
محمد فاروق الإمام
[email protected]
إن ما يجري من عمليات تفجير واقتتال وحروب في باكستان والعراق واليمن والصومال أمر
محزن يقطع نياط القلب ويزيد ما نحن فيه من أحزان أحزان وآهات!!
الدماء التي تنزف من أجساد المسلمين والعرب بفعل المسلمين والعرب أنفسهم أمر مستهجن
ومستغرب، ليس من ثقافة ديننا الإسلامي الحنيف أو قيم عروبتنا مهما كانت الحجج
والدعاوى!!
أين عقلاء الأمة وأين الراشدين فيها من شلالات الدم التي تتدفق في بلاد المسلمين
والعرب دون تمييز؟!
هل عقمت الأمهات من ولادة العقلاء والراشدين في باكستان وبلاد الرافدين واليمن
والصومال حتى بات الحوار بين المتخاصمين والفرقاء في تلك البلاد للبندقية وأدوات
التفجير العمياء التي تحصد الناس كالذباب بالمئات يومياً.. دون قدسية لدور العبادة
أو احترام للبيوت والمنازل والأحياء السكنية والأسواق والمؤسسات الخدمية والإدارية
والعلمية والثقافية والصحية والفكرية؟!
نعم إنه إرهاب متبادل بأبشع صوره.. واحتكام لقعقعة السلاح ورصاصه ونيرانه وقتله
ودماره وتخريبه، دون اللجوء إلى كتاب الله والسنة المطهرة والاهتداء بفعل السلف
الصالح، وابتعاداً عن العقل والمنطق.. والكل يخوّن الكل.. والكل يكفّر الكل.. فإلى
متى يا حمقاء الأمة ستظلون سابرون في غيكم تتنكبوا هذا السبيل المدمر الذي لن ينجو
أحد منه؟! وإلى متى يا عقلاء الأمة ويا حكامها وأولي الأمر فيها تتفرجون على ما
يجري دون حراك أو تحرك أو فعل أي شيء يوقف شلالات الدماء وكأنكم لستم معنيون بها،
وتعتقدون أنكم ناجون منها!! والبلاء يعم ولا يستثني أحدا؟! والله يخاطبكم ويقول:
(واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون).
يا من تحتربون.. يا من تقتتلون.. أما سمعتم بالقانون الذي سنه رسول الله صلى الله
عليه وسلم يوم حجة الوداع وهو يقول: ((أيها الناس: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم
إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا هل بلغت؟
اللهم اشهد...)).
أيها المتقاتلون.. أيها المتحاربون.. ثوبوا إلى رشدكم واتقوا الله في دمائكم
وأرواحكم وأهلكم وعشيرتكم وأوطانكم، وتذكروا قول الله تعالى: (ألم يأن للذين آمنوا
أن تخشع قلوبهم لذكر الله) وتكفوا أيديكم عن فعل ما حرم الله وكره.. والقتل وسفك
الدماء هي من أشد الذنوب وأعظمها عند الله.. أما سمعتم بحديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو يقول: ((لئن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون على الله من أن يراق دم
امرئ مسلم))، ويقول أيضاً: (لزوال الدنيا أهون على الله عز وجل من قتل رجل مسلم)).
وبالرغم من غلاء دم المسلم فإنه بات رخيصاً في كل بلاد المسلمين، وأصبح الدم المسلم
رخيصاً على أهله لا يقام لإراقته وزن، وإن العالم كله من أقصاه إلى أقصاه لا يكاد
يغمض عينيه حتى يفتحها من جديد على مأساة جديدة تحصد مئات المسلمين.