أطلقوا سراح ميشال كيلو

نداء من الطاهر وطار

أطلقوا سراح ميشال كيلو

الطاهر وطار

السيد بشار الأسد، حاكم سوريا العزيزة، منذ اشهر دعيت الى الرقة للمشاركة في ملتقى يتعلق بالكاتب العظيم المرحوم العجيلي، وكانت الدعوات ملحاحة، فهذا سليمان نبيل من اللاذقية، يلح، وهؤلاء رفاق وإخوة من الرقة يتصلون، يستحثون.

قلت لا، في صمت، بيني وبينهم، ولو ان بعضهم يعلم، ان سوريا ضمن قائمة الجمهوريات الملكية التي قررت مقاطعتها كما قاطعت نظام صدام حسين، انطلاقا من جدلية العلاقة بين ما نؤمن به وما ندعو إليه، كمبدعي هذه الأمة في هذا العصر الشفاف، الواضح وضوح الشمس في رابعة النهار، كما يقول العرب، مع ان زمنهم كله رابعة.

لم أشع الدعوة والرفض، ولم اجعلها قضية تبجحية او تهريجية، وظللت اكتم الأمر. حز في قلبي، ان اتعرض للعزيزة سوريا، وهي تعاني ما تعاني. عز عليّ، ان امنح ذريعة لخصومها ولأعدائها، وللمتربصين بها.

شق عليّ ان اجد نفسي في موقف واحد من اعدائي ومع خصومي. كان بإمكاني اصدار بيان مقتضب، من اجل مساندة زملاء ورفاق وإخوة، يعانون الأمرين، اقول فيه، لا استطيع ان اتواجد في بلدكم اشرب وأزهو وألهو، وأوافق على اللوائح والعرائض الممجدة.

وانتم في الغبن، بين السجون، وبين المطاردات، وبين المنافي. كان ذلك يكون هدما لكل القيم والمثل التي اؤمن بها وأدعو إليها وأدفع الثمن الغالي من أجلها. لكن سوريا العزيزة في الميزان فسكت، وبين نفسي وبيني، صراع.

هل ظلمت هؤلاء الرفاق؟ هل انحزت الى صف المعادين للعزيزة سوريا؟ هل اختلط عليّ الامر فلم اعد افرق بين الاولويات؟ المهم يا سيادة الحاكم، بلعت المسألة، وسكت. ولكن اليوم والأخبار تتواتر علينا، بأن محاكمكم قضت بالحكم على العجوز ميشيل كيلو بالسجن، ولا تهم المدة، اليوم، او الشهر او السنة او الدهر، فكلها تساوي أمرا واحدا هو الحكم بالسجن، على شيخ قضى حياته في الإبداع، والنضال، ومحاولة بث الثقافة وروح العلم في أمتنا العربية الغلبانة.

أذكر يا سيادة الحاكم، انني كنت في دمشق في المؤتمر العاشر لاتحاد الكتّاب العرب على ما اذكر، فجاءني رفاق يشكون الوضع في سوريا، ممدوح عدوان، شوقي بغدادي، سعد الله ونوس. المسألة وما فيها انهم منعوا من الكتابة في الصحف، وهي كلها كما تعلم، حكومية حزبية، مغلقة.

الطريف، في القضية كلها، ان أباكم سيادة الرئيس حافظ الأسد، لم يف بعد بوعده الذي قطعه في استقباله لهم ست ساعات كاملات، بإعادتهم الى اركانهم في الصحف، ليقولوا ما يقولون. ضحكت، قلت لهم، نحن نقضي ستة اسابيع في انتظار موعد مع محافظ شرطة.. انكم في الجنة يا ناس.

ألا ليتك يا بشار الأسد ترث الحكمة من أبيك، كما ورثت الحكم فتأمر بإطلاق سراح كل المثقفين المساجين، مع العلم، ان زمن والدك، لم يكن شفافا.