من النكبة إلى النكسة ثم إلى النصر
من النكبة إلى النكسة ثم إلى النصر
محمد هيثم عياش
مرت علينا قبل ايام ذكرى مرور 59 عاما على نكبة فلسطين عندما أعلنت منظمة الامم المتحدة تقسيم فلسطين الى دولتين عربية وصهيونية ، ومرت هذه الذكرى مرور الكرام عل بعض الدول العربية الاسلامية بينما مرت على الشعب الفلسطيني مرور السيف الصارم الذي يقطع الجسد مصحوبا بآلام واي آلام ، كما مرت علينا خلال هذا الاسبوع وبالتحديد يوم الثلاثاء من 5 حزيران مرور نكسة حرب الخامس من حزيران عام 1967 كما يحلو لبعض الدول العربية التي شاركت في هذه الحرب تسمية الهزيمة بالنكسة . فعلى يد أولئك الأبطال الذين كانوا قبل وقوع الحرب يستعرضون عضلاتهم أمام شعوبهم بأنهم سيعيدون فلسطين ويهددون اليهود برميهم في البحر واذا بهذه البطولة وعندما وقعت الحرب اصبحت جبانة .
والفرق كبير بين ايام النكبة ويوم النكسة فعندما أعلنت منظمة الامم المتحدة قيام دولة للصهاينة وتقسيم فلسطين عجزت ألسنة الشعراء عن وصف تلك الحادثة الجسيمة مثل اليوم الذي احتل الصليبيون القدس فقد عجز الشعراء زمن الدولة العباسية عن وصف ماساة المسلمين اللهم الا شعراء عبروا عن الفاجعة بأبيات امتلأت بالأسى فقد قال أبو المظفر الايبوردي
مزجنا دماء بالدموع السواجم فلم يبق منا عرضة للمراحم
وشر سلاح المرء دمع يفيضه اذا الحرب شبَّت نارها بالصوارم
ثم ينتقد أ قادة الدولة العباسية والفاطمية فيقول وقتها
أتهويمة في ظل أمن وغبطة وعيش كنوار الخميلة ناعم
وإخوانكم في الشام يضحي مقيلهم ظهور المذاكي أو بطون القشاعم
تسومهم الروم الهوان وأنتم تجرون ذيل الخفض فعل المسالم
الا أن زمن الحروب الصليبية يختلف عن زماننا هذا فقد كان الجهاد عل قدم وساق الى ان استطاع المسلمون وبعد تسعين عاما من سقوط القدس تحريرها من جديد ولم يعودوا اليها الا بعد أكثر من الف عام ، فقد حرص المسلمون اشد الحرص على استعادة فلسطين وكان العلماء والشعراء في مقدمة الجيوش الاسلامية ولم يهنأ الصليبيون براحة منذ تدنيس أول جندي منهم ارض الاسلام وقد كان التفاؤل بالنصر الشغل الشاغل للمسلمين فعندما ظهر عماد الدين زنكي على الساحة الاسلامية وفعل بالصليبيين الأفاعيل استبشر الشاعر ابن منير الطرابلسي بعماد خيرا فقال :
بعماد الدين أصبحت عروة الدين معصوما بهذا الفتح المبين
وذلك بعد أن استعاد عماد الدين الرها من الصليبيين ، وحث ابن القيسراني عمادا بفتح القدس فقال :
وغدا يلقى على القدس لها كلكل يدرسها درس الدرين
ولما استطاع نور الدين الشهيد محمود بن زنكي رحمه الله توحيد البلاد الاسلامية ودوّخ الصليبيين في مواقع كثيرة قال ابن منير الطرابلسي يستحث بنور الدين ويتصور بأن المسيح عيسى عليه السلام قد جاء نور الدين يستنجده من أجل استعادة بيت المقدس فيقول :
ابقاك للدنيا وللدين مَنْ خلاَّك في ليلهما نيِّرا
حتى نرى عيسى من القدس قد نجا الى سيفك مستنصرا
ولما استطاع نور الدين استلام دمشق استبشر المسلمون بفتح بيت المقدس قال ابن القيسراني :
اذا مـا دمـشـق مـلـكتك اذا سـار نور الدين في الجيش غازيا فانهض الى المسجد الاقصى بذي لجب وائـذن لـمـوجلك في تطهير ساحله | عنانها تـيـقَّـن مـن فـي ايـليا أنه فـقـولا لـليل الإفك قد طلع الصبح يـولـيك أقصى المنى فالقدس مرتقب فـانـمـا أنـت بـحـر لُـجُّه لجب | الذبح
ولما استطاع صلاح الدين الايوبي فتح حلب وأعاد توحيد الدول الاسلامية من جديد استبشر المسلمون قرب فتح بيت المقدس فقال القاضي محي الدين بن الزكي مبشرا صلاح الدين بفتح بيت المقدس :
وفتحكم حلبا بالسيف في صفر قضى لكم بافتتاح القدس في رجب
وقد تم ذلك في عام 579 هجرية .
كان ذلك عندما كان الاسلام عقيدة وجهاد ، أما ومنذ وقبيل نكبة فلسطين ووصولا الى نكسة حزيران والهزائم بعدها فقد اختلف الامر لأن زعماء ذلك الزمان طالبوا الى ضرورة قبول الامر الواقع بقيام دولة للصهاينة في ربوع فلسطين والعيش مع هذا السرطان الذي استطاع جراء انهزاميو ذلك الزمن الوصول الى القدس والاستيلاء عليها بعد تسعة عشرة عاما ويعود ذلك لأن تحرير فلسطين كانت شعارا للأحزاب القومية والعروبة التي اصبحت عقيدة بعض الزعماء العرب الذين ضاعت على ايديهم القدس وسيناء والجولان ، فقد أمر رئيس سوريا السابق الذي أهلكه الله الجيش السوري بانسحاب كيفي من الجولان قبل سقوطها بيومين وذلك عندما كان وزيرا لدفاع ذلك البلد وقام بتصفية ضباط رفضوا أوامره وباع الجولان بثمن بخس دراهم معدودات لقاء وصوله الى الرئاسة في سوريا بحركة تصحيحية أهلكت الحرث والنسل وأكد وزير خارجية سوريا وقتها ابراهيم ماخوس بأن الصهيونية والابريالية الامريكية والرجعية في السعودية كانوا يريدون من وراء حرب حزيران القضاء على البعث الا انهم عجزوا والثورة الاشتراكية ستبقى ، وأما سيناء التي ضاعت على يد جمال عبد الناصر الذي كان يعد الصهاينة بالويل والثبور وقذفهم في البحر فقد اختفى في جحر ثعلب ثم ظهر بعد ذلك ليعلن استقالته الا أن المصريين خرجوا الى الشوارع متباكين عليه ونادى علامة المغرب مالك بن نبي رحمه الله بأن الله انتقم لسيد قطب من جمال عبد الناصر فلم يكن الله لينصر قاتله كما ساهم شعراء عرب بتضليل اولئك الزعماء يصفونهم بالصناديد كما يصفون العرب بأنهم ابطالا ، فهد المغنية المصرية كانت تغني وتؤكد بأن من يحكم سوريا ومصر والأردن والعراق سيحررون فلسطين وتقول على ما أذكر بأن مليون عربي بطل لا يعرفون للوجل معنى ، لقد ساهم حكام تلك البلد بنصرة اليهود على المسلمين فقد منعوا المقاومة الفلسطينية من الدخول الى فلسطين وذلك حفظا على المعاهدات الدولية مع الصهاينة بل أمر رئيس سوريا الراحل حافظ اسد جيشه بعدم اطلاق اي رصاصة ضد جيش الكيان الصهيوني الذي استباح لبنان في عام 1982 وأخرج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان بل شارك جيشه بمحاصرة طرابلس من البر عندما حاصرها الصهاينة من البحر والتزم ابنه الصمت عندما وقعت الحرب في عام 2006 بين حزب الله والكيان الصهيوني ثم لما وضعت الحرب اوزارها خرج عن صمته وهاجم الحكام العرب ووصفهم باشباه الرجال وكان قبل ذلك يتشدق بالبطولة وأحقية المقاومة .
وبالرغم من ماساتنا في فلسطين وسوريا ولبنان ومعاناتنا من الجهل والخيانة الا أن النصر آت لا محالة لأن هناك من الزعماء المسلمين من يريد تحرير القدس هل تذكرون كلمة الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله إثر حرب رمضان من عام 1973 ، بأنه قال سنصلي ان شاء الله في القدس قريبا وأكد لوزير خارجية اللاويات المتحدة لامريكية السابق هنري كيسنجر استعداد السعوديين بالعودة الى ركوب الإبل اذا ما ضربت أمريكا منابع النفط من أجل تحرير فلسطين الا أن واشنطن أرسلت اليه من يغتاله ، ونحن على يقين بأن النصر آت والبشارت بعودة القدس موجودة وقد لمسنا بعضها بأيدينا فعندما اندلعت الانفاتضة الفلسطينية أواخر الثمانيات استبشرنا بالخير فقد كان الاستاذ عصام العطار حفظه الله معه واكثر المسلمين يستبشرون باستعادة الاقصى جراء تلك الانتفاضة الذي بذل الغرب ومعهم بعض العرب القضاء عليها . ان النصر آت وذلك وعد من الله الذي أكد بأنه لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا .