ألف تحية لحركة حماس

ألف تحية لحركة حماس

د.خالد الأحمد *

طالعتنا أخبار أمس الخميس أن حركة المقاومة الاسلامية ( حماس ) ، وهي حركة الإخوان المسلمين الفلسطينيين ، حصلت على أغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني ، وحصدت (76) مقعداً ، من ( 132) مقعداً مجموع مقاعد المجلس ، بينما حصلت فتح على (43) مقعداً فقط ، وحصل المستقلون على (13) مقعداً .

تصريحات الأخ خالد مشعل :

وقد صرح الأخ خالد مشعل يحفظه الله وأعرب عن عدة أمور هامـة مثل :

1.   سوف تشكل حماس الحكومة بالمشاركة ، وليس بالاستحواذ على جميع وزارات الحكومة ، ومن حقها الاستحواذ عليها ؛ لأنها حصلت على أغلبية مقاعد المجلس ... ولكن حماس هنا تترجـم سياسة الإخوان المسلمين العالمية التي تـرى الحكم ( غـرماً ) وليس ( غـنماً ) ، ومادام الحكم ، والوزارة ، والمسؤولية غـرمـاً ، فليتحمل الجميع هذا الغـرم ... وسبق أن عرض بعض الصحابة على خليفة المسلمين وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما طعن ، عرضوا عليه أن يولي ولده عبدالله بن عمر رضي الله عنه ، والصحابة رضوان الله عليهم يعلمون مدى فقـه وتـقوى عبدالله بن عمر رضي الله عنه ، والتزامـه بسيرة رسول الله r ، حتى أنه كان يسير على الطريق الذي مشى عليه رسول الله ، فيميل عن الطريق بضعة أمتار ، ولما سئل لماذا تميل هكذا ؟  قال : هكذا فعل رسول الله r .. ولكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : يكفي آل الخطاب أن يحمل وزر الأمـة واحد منهم ... وهذا تصريح واضح أن الحكم غـرم ، ولذلك رفض خليفة المسلمين عمر رضي الله عنه أن يحمل اثنان من آل الخطاب هذا الوزر وهذا الغرم .

وقال لي الأخ أمير حركة مجتمع السلم الجزائرية السابق الشيخ محفوظ النحناح يرحمه الله ، لما سألته يومذاك : ماذا ستفعل لو نجحت في انتخابات رئاسة الجمهورية الجزائرية ، فقال يرحمه الله : كنت سأوزع الوزارات على القوى الوطنية الجزائرية ، وأحتفظ ببعض الوزارات لحركة مجتمع السلم ، فنحن - معشر الإخوان المسلمين ـ نعتقد أن الحكم غـرم وليس غنماً ولذلك نوزع الغرم على الجميع ليسهل حمله ، وليتنافس الجميع في أداء الأمانة وحمل الرسالة ، ولايتحملها فريق وا حد فقط ... لأنه عندئذ سوف يفشل في حمل الغرم كله ... هذا هو فكر الإخوان المسلمين وهذا منهجهم ، وهذه نواياهم فليسمعها الجميع ...

2- وأعلن الأخ خالد مشعل أن حركة المقاومة الاسلامية ( حماس ) تطالب بالأراضي العربية المحتلة عام (1967م) ، وهذا يدل على الحكمة ، والواقعية ، فلم يعد القول ( سنرمي اليهود في البحر ) قولاً مقبولاً في عصر حقوق الإنسان ، وعصر الديموقراطية ، وحسب فهمي لاترى الحركة الاسلامية مانعاً من قيام حكم ديموقراطي حقيقي في فلسطين المحتلة ، يعطي عرب فلسطين حقوقهم كاملة ،  وأن يقوم حكم ديموقراطي حقيقي في دولة فلسطينية تقوم جنباً إلى جنب بجوار الدولة اليهودية ، وفي المستقبل سينتصر الحق والسلام على المكر والخداع [ والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون ] .

وهذا يعني أن تكف دولة العصابات الإسرائيلية عن أعمال الإرهاب والبطش الذي تمارسه ضد الفلسطينيين ، وكذلك تكف حركة المقاومة ( حماس ) عن المقاومة المسلحة .. وتتفرغ حركة المقاومة الاسلامية ( حماس ) إلى العمل الدعوي ، والجهاد السلمي ، باللسان والبيان ، بوسائل العصر الحديثة ، ونتذكر ما تناقلته وسائل الإعلام أخيراً وهو أن ( 80 % ) من الفرنسيين الذين دخلوا دين الإسلام هم من الديانة اليهودية .

3- ولاننسـى أن نترحم على أرواح الشهداء ، وما أكثرهم ، قادة حماس ، الذين رووا أرض فلسطين بدمائهم الزكية الطاهرة ، من الشيخ أحمد ياسين ، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي ، وعشرات القادة يرحمهم الله تعالى ، وذكرني استشهادهم بجملة أثمن من الذهب قالها الشهيد سيد قطب يرحمه الله :

[ إن كلماتنا ستظل عرائس من الشمع ؛ حتى إذا متنا في سبيلها دبت فيها الحياة وكتب لها الخلود ] ... فقد مات شهداء المقاومة الاسلامية ( حماس ) من أجل دينهم ، كما مات عشرات الألوف من شهداء الحركة الاسلامية في سوريا وأفغانستان ... وهاهي الحركة الاسلامية في العالم تكتب لها الحيـاة ويـدب فيها الخلود ، لمَ لا ، وهي دعوة الله عزوجل ... والله غالب على أمره ..

4- يذكرنا نجاح حماس بماقاله أحد الصحفيين العرب ( غير مسلم ) قال معلقاً على حصول جبهة الانقاذ الجزائرية على أكثر من (80 % ) من أصوات مجلس الشعب الجزائري عام (1990) قال يومذاك : لو أجريت انتخابات نزيهة في أي بلد عربي لحصل الاسلاميون على هذه النسبة أو قريباً منها ... وسمعت من عشرات المصريين يعلقون على الانتخابات المصرية الأخيرة : قالوا لو كانت الانتخابات حرة ونزيهة ، ولولا أعمال البلطجة التي مارسها الحزب الوطني الحاكم لحصل الاخوان المسلمون على (400) مقعد من أساس (440) ...

5- وقد نجحت حماس في جهاد السيف ، وجعلت العدو الصهيوني يحسب لها حساباً حتى أن آخر جملة قالها شارون : أوقفوا صواريخ القسـام ودق على الطاولة وسقط على الأرض ولم ولن يقم بعدها إن شاء الله ...

وننتظر ، وندعو الله ونبتهل إليه أن تنجح ( حماس ) في جهادها السياسي ، وعودنا الإخوان المسلمون أنهم ( فرسان النهار رهبان الليل ) ، وأنهم يطلبون المـدد والعون من الله عزوجل في حربهم وفي سلمهم ... ونعلم أن لدى (حماس ) كوادر ثمينـة ، تستطيع أن تقوم بالعملية السياسية خير قيام وأن تحقق للشعب الفلسطيني كرامته وعزتـه ... وسوف يدرك الفلسطينيون والعالم العربي والاسلامي والغرب والشرق أن تجربة ( الطيب أوردغان ) في بلدية استانبول سوف تتكرر في غـزة ، وفي محافظات مصر ، وفي غيرها إن شاء الله تعالى ... 

ونحن ـ أبناء الحركة الاسلامية في العالم ـ ندعو الله عزوجل أن يثبت الأخوة في حماس وأن يرص صفوفهم ، ويوحد كلمتهم ، وينصرهم على أنفسهم ، فيفوزوا في الجهاد السياسي كما فازوا في الجهاد المسلح ، والله على كل شيء قدير ... وأنتم أيها الأخوة أبناء الحركة الاسلامية في العالم أجمع لاتنسـوا إخوانكم في حماس من الدعـاء في صلاتكم بجوف الليل ، وفي سفركم ، ادعوا الله لهم أن يوفقهم ...

                  

* كاتب سوري في المنفى