المضاعفات الكروية علي قضايا الأمة العربية
نبيل عواد المزيني
باحث- الولايات المتحدة
لم اكن اتصور ولا احد من الزملاء الكتاب والباحثين ولو للحظة ان مبارة رياضية بين الشقيقتين مصر والجزائر سوف يكون لها تلك التداعيات السياسية والتأثيرات السلبية ليس علي العلاقات المصرية الجزائرية فحسب ولاكن علي مجمل قضايا أمتنا العربية الراهنة , ولا استطيع ان اتصور كيف سيسطر التاريخ ذلك الحدث وكيف سيقرأة احفادنا في المستقبل وماذا سيكون انطباعهم عنا , فحتي داحس والغبراء لم يكن يتهدد العرب في وقتها عدو خارجي بينما نحن الان محاطون من كل جانب بأعداء يريدون لنا الفناء ويستكثرون علينا البقاء حتي لو تابعين أذلاء . فقد تسببت تداعيات تلك المبارة في مضاعفات خطيرة بعد ان نجحت في تحويل الانظار وصرف الانتباة وتشتيت الجهد بعيدا عن قضايا حقيقية ومصرية تمر بها الامة العربية في هذة المرحلة الحرجة من تاريخها .
فعلي الصعيد الداخلي لا يجب صرف انتباه المواطن في كل من مصر والجزائر عن المشاكل التي تواجه من بطالة وتضخم اقتصادي وانتخابات رئاسية وغيرها من تلك الامور التي تهم المواطن في كلا البلدين عن طريق اللعب على وتر الحس الوطني وتوظيفة فيما هو ليس لة , كما لايجب أعطاء الفرصة لأعداء المشروع القومي العربي من اتباع المدرسة الاجنبية الفرنسية في الجزائر والتغريبية الامريكية في مصر كي يدفعوا بالشعبين الشقيقين خارج المحيط القومي العربي والارتماء في الاحضان الاجنبية سواء كانت شرقية أو غربية.
وعلي الصعيد الفلسطيني لايجب صرف انتباة وجهد المواطن العربي بعيدا عن الاخطار المحدقة بمدينة القدس ومسجدها الاقصى جراء سياسات التهويد التي ينفذها الاحتلال الاسرائيلي و تجري على قدم وساق وفي غياب وصمت عربي عجيب , فقد حذر الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني من مخططات "إسرائيلية" خبيثة لفصل أهالي القدس عن المسجد الأقصى المبارك و تفريغ الأقصى من العباد والمرابطين وأضاف قائلا "إن ذلك ينذر بأن هناك شيئًا خبيثًا وخطيرًا تحضر له المؤسسة "الإسرائيلية" ليصبح الأقصى وحيدًا بقوة السلاح" , كما صرح سكرتير الهيئة المقدسة لمناهضة الهدم والتهجير في القدس ناصر الهدمي قائلا " لقد اصبح العالم باجمعه شاهد عيان على ما يجري في مدينة القدس من تهويد وهدم ومخطط بعيد الامد لاجل سرقة هذه المدينة من ابنائها." ,
وعلي صعيد الحرب الطاحنة الدائرة في اليمن لا يجب صرف الجهد والانتباة بعيدا عن ازدياد حدة التوتر في منطقة الجزيرة العربية بعد ان صعدت إيران من موقفها العدائي تجاه اليمن والسعودية ونظمت تظاهرات من عناصر البسيج الطلابية أمام السفارة اليمنية والسعودية في طهران وقامو بتوزيع بيانا أعلنوا فيه دعمهم للحوثيين وأطلقوا شعارات ضد المملكة كما دعوا إلى طرد السفير اليمني والسعودي من إيران وطالبوا برد فعل على ما وصفه بمجازر ضد الشيعة في شمال اليمن , حيث وصف المسؤول في الباسيج الحرب في اليمن أنها " الحرب بين الحق والباطل" رافضا بأن احداث اليمن هي "حرب داخلية، ومطالبا الرئيس الايراني بالتحرك لدعم الحوثيين وهدد بتدمير سفارات عربية في طهران على رؤوس من فيها ", و يجري كل هذا في الوقت الذي تواصل قوات الدفاع الجوي الايراني المرحلة الثانية من مناوراتها المسماة المدافعون عن سماء الولاية اثنين والتي بدأت يوم الاحد .
كما لا يجب صرف النظر و الانتباة بعيدا عن تجديد ايران مزاعمها حول الجزر الثلاث الاماراتية , حيث كرر المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمان برست الادعائات والافتراءات بحق ايران في الجزر الامارتية العربية الثلاث تنب الكبرى وتنب الصغرى وبوموسى معتبرا اياها بانها ايرانة , ومزيفا للحقائق التاريخية قائلا "ان هذه الجزر وعلى مدى التاريخ كانت ومازالت جزءا لا يتجزأ من الاراضي الايرانية "
وثقتنا ان الأمة العربية لن تخلو من علماء اجلاء وحكماء عقلاء يجمعوا الشمل ويوحدوا الصف ويسروا الصديق ويكيدوا العدو , وكمثالا علي مبادرات علماء الامة الافاضل نجد دعوة السيد محمد ماضي أبو العزائم في بيانة الصادر علي موقع الطريقة العزمية بمصر والعالم الإسلامي (إسلام وطن) إلي العمل على امتصاص الاحتقان بين الشعبين الشقيقين في مصر والجزائر , وإلي مقاطعة الجرائد القومية والمعارضة والمستقلة و القنوات الفضائية التى أججت نار الفتنة و شاركت فيها بشكل مباشر(المصرية والجزائرية) أول أيام عيد الأضحى المبارك العاشر من ذي الحجة 1430هـ الموافق 27 نوفمبر 2009م ، ولمدة يوم واحد .
كما ان هناك الان بريق امل يبدو في الافق لنزع فتيل الشقاق بين مصر و الجزائر , فرغم تصريحات الدكتور هانى عزيز وكيل لجنة الشؤون الخارجية بالحزب الوطني المصري أن مصر ترفض أي وساطات عربية لرأب الصدع بينها وبين الجزائر , إلا أن الزعيم الليبي معمر القذافي قبل وبحكمتة المعهودة طلبا من الجامعة العربية كي يهدئ ألأجواء المتوترة بين مصر والجزائر وذلك بعد ان اتصل الامين العام للجامعة عمرو موسى به وطلب منه التدخل بوصفه رئيسا للاتحاد الافريقي , ونعتقد ان المكانة الرفيعة والاحترام المتميز الذي يحظي بة الزعيم الليبي لدي كل من مصر والجزائر خاصة و الدول الافريقية عامة سوف يمكنة من رأب الصدع وإعادة العلاقات بين الشقيقتين الي ماكانت علية , وحتي تتفرغ و تلتفت هذة الامة الي القضايا الحقيقة لا الوهمية , والحذرمن الاعداء الحقيقية لا المصطنعة الخيالية , وكي لا تستنزف الطاقات الشبابية للمواطن العربي في مهترات رياضية ومشاحنات داخلية في الوقت الذي نريدها لحماية حدود ومقدسات امتنا العربية من اعدائنا سواء من الجهات الشرقية او الغربية.