الحمد لله ليس هناك حدود مشتركة بين مصر والجزائر
الحمد لله ليس هناك حدود مشتركة
بين مصر والجزائر.. وإلا..!!
محمد فاروق الإمام
لا تزال أصداء الأزمة بين مصر والجزائر في تصاعد حيث ناشد رموز في نقابتي المحامين والفنانين، الرئيس مبارك باتخاذ القرار الذي يريده شعبه والمتمثل في قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر، وطرد السفير الجزائري.
وطالب المشاركون في المؤتمر العام الذي نظمته نقابة المحامين الأمن السوداني بتقديم التقرير الأمني عن المباراة لرفعه إلى الفيفا، معلنين عن إعداد مذكرة قانونية ضد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لتقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتباره مسؤولاً عما حدث، واستغلال مباراة مصر والجزائر كذريعة ومكسب سياسي وورقة للعب بها ضد خصومه.
وقال حمدي خليفة نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب، إن مجلس النقابة في حال انعقاد دائم، ويدعو الحكومة المصرية للتحرك الجاد والسريع لإعادة كرامة وحقوق المصريين، معتبراً أن تراجع الحكومة سيكون مؤشراً سيئاً لأنه سيكون أول من ينتقل ويعارض أي تخاذل في هذا، داعياً المؤسسات الحقوقية للتصدي لما وصفه بـ (إرهاب دولة منظم ضد الشعب المصري)، ومتعهداً بالدفاع عن المصريين الذين تم الاعتداء عليهم سواء في السودان أو في الجزائر من خلال لجنة قانونية.
هذا التصعيد يذكرنا بما حدث بين دولتي السلفادور وهندوراس في أمريكا اللاتينية قبل أربعين سنة، وما جرته مباراة بكرة القدم بين منتخبي الدولتين من مآسي وكوارث عليهما، وللذكرى نستعيد فصول ما حدث باقتضاب، علّه يكون في تذكار مثل هذه الحادثة ما يجعل للشعبين الشقيقين في مصر والجزائر حافزاً للتوقف عن التحريض وإلهاب المشاعر وتجييرها في غير صالح البلدين والأمة العربية جمعاء.
ما حدث بين السلفادور وهندوراس حول من منهما سيفوز ويحصل على تذكرة التأهل لكأس العالم 1970، وانتهت المباراة الأولى بفوز هندوراس على ملعبها 3- صفر، وانتهت المباراة الثانية التي أقيمت في السلفادور بنفس النتيجة لصالح السلفادوريين. وحدثت اعتداءات على رعايا الدولتين من قبل بعض المشجعين في كلا البلدين. وأمام هذا المشهد العدواني تقرر إقامة مباراة فاصلة بين الدولتين على أرض محايدة وهي المكسيك، وتحدد لها يوم 15 حزيران 1969 وجرت المباراة طبيعية بين الفريقين حتى أطلق الحكم صفارته معلناً احتساب ضربة جزاء لصالح أحد لاعبي السلفادور، وكانت النتيجة عند هذه الأحداث تعادل الفريقين 3- 3 ورأت السلفادور أن ضربة الجزاء صحيحة، فهي تضمن لها التأهل بالهدف الرابع، بينما رأت حكومة هندوراس أن الحكم انتهك القانون واشتعلت حرب التصريحات، وتطورت إلى مهاجمة الأحياء التي يقيم فيها سلفادوريون مما دفع السلفادوريين إلى الفرار إلى بلادهم تاركين ممتلكاتهم وبيوتهم طلباً للنجاة، وقدمت السلفادور شكوى للأمم المتحدة وهيئة حقوق الإنسان، ومع نهاية اللقاء كانت الدولتان قد نشرتا قواتهما على طول الحدود بينهما. وفي 3 تموز انتهكت طائرة من هندوراس أجواء السلفادور وأطلقت على كتيبة من السلفادور النيران داخل الأراضي السلفادورية مما أدى لقيام السلفادور بهجوم واسع النطاق ودخلت القوات السلفادورية إلى مسافة40كم، ولم تتورع هندوراس بل أرسلت طائراتها فضربت مدينة سان سلفادور وأكابوتلا بالقنابل. وبعد أسبوعين وتدخل الوساطات من الدول توقفت الحرب بعد أن أدت إلى دمار كبير وحصدت آلاف الأرواح من الطرفين.
حكومتا مصر والجزائر لم تدرك ولم تعتبر من الذي حدث قبل أربعين سنة في أمريكا الجنوبية، فتركت الجماهير الغوغائية المحتقنة إلى تفريغ انفعالاتها عشوائياً، وأزكت حب الانتقام والثأر عندها، وكانت النتيجة توترات سياسية، وارتفاع متزايد لدرجة البرودة في العلاقات السياسية بين البلدين، واستثمرت كلا الحكومتين الانشغال الجماهيري بكرة القدم عن السياسة، لإفراغ طاقتها ونقمتها واحتقانها في مباراة لكرة القدم، متناسية هموم أزماتها الداخلية المعاشية والحياتية وهدر حقوقها السياسية وانتهاكات حقوقها الإنسانية.
لا زال العرب بانتظار صوت العقلاء في مصر والجزائر يعلو على صوت جهال مصر والجزائر، لإخماد هذه الفتنة البغيضة العمياء، فهناك في الساحة العربية من الاستحقاقات والقضايا الأهم والأعظم لمعالجتها والغضب لأجلها، فلسطين وما يتعرض له المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين من عملية تهويد مقننة، وبغداد السلام المنتهكة بسنابك خيل الأعداء، والدماء النازفة في الصومال والسودان واليمن.. وتذكروا قول الله تعالى: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الفتح: 29 )!!