المعلمون أَولى من النواب
المعلمون أَولى من النواب
د. بلال كمال رشيد
تناقلتْ صفحات التواصل الاجتماعي قرار رفع الرواتب التقاعدية لمجلس الأمّة مدى الحياة بكثيرٍ من السخط والغضب والتهكم ، و أخذ المنتقدون يحاكمون أداء المجلس ودوره ، وبطرح أسئلة عديدة ،فماذا استفاد الشعبُ من مجلس الشعب ؟؟
بالأمس القريب انتقد بعض النواب نقابة المعلمين حين لجأت للإضراب سعياً لإقرار علاوة بسيطة للمعلمين ، كما انقسم الشعب بين مؤيدٍ ومعارضٍ لقرار النقابة ولكلٍّ وِجهته وَحُجته ، أما الآن فإن الشعب كلَّه يقف وِقفة واحدة ، ومن مختلف الاتجاهات والمشارب ، ضد رفع رواتب النواب وبِحُجةٍ واحدةٍ وأسئلةٍ مُوحدةٍ ، فكيف ندعي ونتدرع ليل نهار بعجز الموازنة ونواجه بها بالمنطق والأرقام كل طالب علاوة وزيادة ، كيف تهب الموزانة وتمنح نفسها للنواب وتتمنع عن المعلمين ، وتمتنع عن رفع الغلاء عن المواطنين ؟؟
وتسأل ويسألون : هل رواتب النواب بحاجة إلى نظر أو إعادة نظر ، هل قصرت رواتبهم وعجزت عن مسايرة الغلاء و( البرستيج الاجتماعي ) ؟ ، وهل هم من المرتبة الدنيا أو الوسطى لنسعى إلى تقديمها إلى المرتبة الأُولى ؟؟
ومَنْ الذي جاء ببعض النواب إلا المال ، فنال بعضهم ما نال ، وأخذ حق غيره ، واستوزر ، وتكلم بلسان حاله ولم يعد لساناً لمنتخبيه ، وتكلم باسم الشعب كلاماً عابرا ً دون أن ينفذ قرار لصالحهم ،ولم يُفد منتخبيه بقضية واحدة .
في موسم الترشيح كان بعضهم يتغنى بـ ( النيابة تكليف لا تشريف ) وإذ به الآن يريد أن يغتني بها مدى الحياة تكليفاً وتشريفاً .
ما الذي علق في ذهن المواطن عن بعض النواب ؟ ،وقد رأوا في بعضهم إما نائمين أو غائبين أو متعاركين ولم يجدوا صفةً من صفات النائبين ؟؟!!
أقول بعض النواب ولا أُعمم ، ففيهم من النساء والرجال من يستحقون الاستثناء مما نقول ، فلم يأتِ النواب من فقرٍ ، ولا يشكون مما يشكو منه الشعبُ ، فالأَولى أن يحققوا مطالب الشعب وما أكثرها قبل تحقيق مطالبهم وما أصعبها !! ، والمعلمون أَولى برفع رواتبهم من النواب ، فهم شريحة كبيرة من المجتمع ، وتأثيرهم في كلِّ بيت ، وهم المجتمع ذاته ، وهم يأتون المهنةَ ويثبثون عليها ، ولا يخرجون منها إلا إليها ، أما النواب فيأتي بهم انتخابٌ لِدورةٍ أو دورتين ، تمتد أعواماً ، يأتون إليها ويخرجون منها أغنياء أو وزراء ، فماذا بذلوا وماذا أعطوا أمام معلمٍ قضى حياته معلماً وَ يُنهيه التقاعد (مُتْ / قاعداً) ومنتهياً !!!
لو كنا نسير في الطريق الصحيح وكان النواب – فعلا – نوابَ شعبٍ يتكلمون بلسانه، ويحمونه بالتشريع ، وبمراقبة الحكومة ومنعها من قرارات الغلاء التي تنال لقمة عيش المواطن ، عندها لكان من حق النواب على الشعب أن يطالبوا بتكريمهم ورفع رواتبهم، نتمنى أن يعاد النظر في القرار حتى لا تصبح النيابة مغنماً وَسُلّماً للأعالي وَرُتب المعالي، نُريد قراراً حكيماً يلتقي فيه النواب والوزراء والشعب راضين مرضيين تحت مظلة الشعب الأردني في صفاءٍ ونقاء.