وقفة مع الزميل باسل ديوب
وقفة مع الزميل باسل ديوب
د.خالد الأحمد *
وصلتني رسالة من الزميل باسل ديوب بالبريد الالكتروني ، وفي هذه الرسالة عدة ايجابيات منها :
1 أشكر للزميل باسل ديوب قراءته بعض موضوعاتي التي أنشرها في المواقع السورية وأتمنى لو أنه قرأها كلها لكفاني مؤونة الاجابة على رسالته ، وقد سبق أن وضحت مايريد الاجابة عنه في الموضوعات التالية : السلطة تهدم مسجد السلطان ، ووحدات الأمن تجبر الشباب المسلم على القتال ، وهذان الموضوعان موجودان في عدة مواقع سورية منها : مر كز الشرق العربي ، وأخبار الشرق ، وأدباء الشام ، ومرآة سوريا ....وغيرها . وأتمنى من كل غيور على سوريا قراءة هذين الموضوعين المشار لهما .
2 من ايجابيات رسالته اعترافه بأن النظام قمع التمرد المسلح الذي حصل في السبعينات والثمانينات قمعه بدموية وهستيرية . يقول [ لقد ارتكبت السلطة من الفظائع ما ارتكبت خلال التصدي لكم ] .
3 ومن ايجابيات رسالته أنه يقرأ بعض الرأي الآخر ، ويطرح القضية للحوار ويقول [ اليوم نتناقش كأصدقاء في حلب وحمص وحماة ودمشق ] ... وهذه بوادر ايجابية أتمنى أن تترسخ في سوريا ليسود الحوار بدلاً من السلاح . وأتمنى أن نقرأ الرأي الآخر كله
وليس بعضه فقط .
وفي رسالته السلبيات التالية كما رأيتها :
1 خشونة الألفاظ والتعميم الذي لاييسلكه الباحثون الموضوعيون يقول : [ هتكتم كل المحرمات الوطنية أساساً لم تكونوا تعترفوا بوطن فالدين هو وطنكم ... ]
ويقول : [ كم كان الاخوان حمقى وأغبياء ... ]
ويقول : [ الناس هنا تكرهكم كما تكره القمع ]
وأذكر الزميل باسل بأن الاستبانة التي وزعتها المخابرلات على البعثيين المدنيين قبل بضعة شهور ، بينت أن (24 % ) من البعثيين المدنيين ينتخبون الاخوان المسلمين لو أجريت انتخابات نزيهة . كما بينت أن ( 51 % ) من البعثيين المدنيين ينتخبون الاتجاة القومي الاسلامي لو اجريت انتخابات حرة ونزيهة ، فهل أصدق ماتقوله يازميل باسل أم أصدق نتيجة الاستبانة وهي دراسة موضوعية !!!؟
والتعميم لغة الانفعال ، والانفعال ليس منهجاً علمياً ، ومن المؤسف أن العلمانيين يتصفون بالانفعال ويستخدمون التعميم ، بعيدين عن الموضوعية ومعرفة الحقيقة ، لأن الانفعال يرتبط بالذات والآهواء لذلك يبعد صاحبه عن معرفة الحقيقة .
2 يدعي الزميل باسل ديوب بقوله [ قد ترى في كلامي ما لايرضيك وقد تتهمني اتهامات وتبحث عن خلفيتي الدينية والمذهبية ... ]
وهذا تسرع من الزميل باسل ديوب هداه الله ، فأنا متأكد أنه مواطن سوري ، وأنه زميل لي في الاهتمام بالشأن السوري والقضية السورية ، وحريص مثلي على سوريا المستقبل التي نعمل من أجلها لجميع أبنائها دون تمييز بسبب الدين أو العرق أو المذهب ، نحن يا زميل باسل نريد أن يعترف بنا كسوريين ، عشنا قرابة ربع قرن لاتعطى لنا وثائق تبين أننا سوريون وقد عانينا من ذلك معاناة قاسية ومريرة ، كنا نشتري الوثيقة ( جواز وغيره ) بمبالغ كبيرة ومرهقة ، ولما تفضل الرئيس بشار بمنحنا جوازات لمدة سنتين أزاح عن كاهلنا هماً كبيراً ومعاناة مريرة . ونحن المنفيين قسراً نطالب بحقنا في الحياة مع المواطنين السوريين ، وقد مارسنا أسلوب المواطنة أساساً للتعامل خلال الخمسينات ونؤكده اليوم ، ولانأت به جديداً . يازميل باسل لم نعرف الطائفية في سوريا إلا في عهد البعث ، كنا في الخمسينات وبداية الستينات ، مواطنيين سوريين ، نتزاور ونتعاون ، وكان المجلس النيابي السوري يضم الاخوان المسلمين والبعثيين والماركسيين ، وقد مارس اتلاخوان المسلمون بقيادة مؤسسهم في سوريا الشيخ مصطفى السباعي يرحمه الله مارسوا التعددية السايسة والديموقراطية منذ الخمسينات ... لماذا لاتقرأون التاريخ !!!؟؟
أيها الزميل باسل ديوب وأمثاله ، أرجو أن تقرأوا التاريخ ، من عدة وجهات نظر ، وليس من وجهة نظر السلطة فقط ، وأرجو أن تصبروا لأن الحقيقة مرة كالعلقم : وهذا هو التاريخ الذي عرفته وأنا متأكد من صحته :
العنف في السبعينات والثمانينات
مروان حديد يرحمه الله : دخل مسجد السلطان عام (1964) ليعتصم فيه ويقود اضراباً ( والاضراب عمل سياسي ) ، وكان هذا من غير موافقة الاخوان ، فقامت السلطة بمجابهته بعمل عسكري وهو هدم المسجد والمئذنة ، ودفعت مروان إلى الانفصال عن الاخوان لأنه اقتنع أن السلطة التي هدمت المسجد لاينفع معها العمل السياسي ولابد من العمل العسكري ضدها ، ولما كان الاخوان لايوافقونه لا على العمل السياسي ولا العسكري انفصل عن الاخوان ، واسس الطليعة المقاتلة ، ووجد سهولة في تأسيسها والتحاق الشباب بها لأن السلطة كانت تضطهد الشباب المسلم ، والدعاة ، وتشتم الرجعية صباح مساء في إعلامها والمقصود هم العلماء والدعاة والحركة الاسلامية ، وتؤكد السلطة في الستينات أن هؤلاء هم الطابور الخامس وأن القضاء عليهم مقدم على القضاء على الصهيونية .... هذا دفع الشباب من أبناء الاخوان وابناء المسلمين عامة للالتحاق بالطليعة المقاتلة ..
وكانت السلطة تدفع هؤلاء الشباب إلى القتال ، لتبرر لنفسها البطش والارهاب بالحركة الاسلامية التي تعهد حافظ الاسد بالقضاء عليها منذ المؤتمر القطري في (1965) حيث قال مامعناه : [ أما الاخوان المسلمون وأنصارهم لاينفع معهم الا الاستئصال من أجل إزاحتهم من طريق الثورة ] ...
وفي عام (1973) وخلال مقابلة حافظ الاسد مع الشيخ خالد الشقفة رئيس جمعية العلماء في حماة قال حافظ الاسد : [ لأقطعن اليد التي لم يستطع عبد الناصر أن يقطعها ] ..
وأرجو من الزميل باسل وكل حريص على مستقبل سوريا أن يقرأ موضوعي [ ماذا تعرف عن حافظ الاسد المنشور في أدباء الشام ، ساحة حرة ] ...
الزميل باسل ديوب : الاخوان المسلمون ليسوا مسؤلين عن العنف في السبعينات والثمانينات ، المسؤول الأول هو السلطة والمسؤول الثاني هم الطليعة المقاتلة الذين لم يتحملوا إرهاب السلطة ضد المسلمين خاصة والشعب عامة فحملوا السلاح ضدها ، وآمل أن أنشر موضوعاً عن الطليعة المقاتلة قريباً .
وأقوى دليل على ذلك شهادة حافظ الأسد لهم ، والحق ماشهدت به الأعداء ، يقول حافظ الأسد كما جاء في رسالة الدكتوراة لنيقولاس فان دام ، وعنوانها : الصراع على السلطة في سوريا ، في ص 142 من الطبعة العربية الثانية : جاء مايلي :
شهادة حافظ الأسد للإخوان المسلمين السوريين
يقول فان دام في ص 142 ط 2 نقلاً عن إذاعة دمشق في (23 /3/1980 ) :
قال الرئيس حافظ الأسد :
( أريد أن أوضح أمراً يتعلق بحزب الإخوان المسلمين في سوريا ، الإخوان المسلمون في سوريا ليسوا جميعاً مع القتلة ، بل كثير منهم ، القسم الأكبر منهم ضد القتلة ويدين القتل ، وهذا القسم يرى أنه يجب أن يعمل من أجل الدين ورفع شأن الدين لا من أجل أي هدف آخر . هؤلاء أيها الشباب لا خلاف لنا معهم إطلاقاً ، بل نحن نشجعهم ، نحن نشجع كل امرئ يعمل من أجل الدين ومن أجل تعزيز القيم الدينية ولهؤلاء الحق بل وعليهم واجب أن يقترحوا علينا وأن يطالبونا بكل ما من شأنه خدمة الدين ورفع شأن الدين ونحن لن نقصر بل لن نسمح لأحد أن يسبقنا في هذا المجال ) .
هل قرأت هذا يا زميل باسل ؟ أما أنا فقد سمعته أيضاً من حافظ الاسد من شاشة التلفزيون السوري عام (1980) ومعناه المحدد أن الاخوان المسلمين لم يشاركوا في عمليات العنف في السبعينات ، كما يتضح من كلام الرئيس حافظ الاسد .
أيها الزملاء السوريين : اذا لم نعرف الحقيقة التاريخية ، لن نستفيد من الماضي ، لقد دفع السوريون دماء كثيرة في عقد السبعينات والثمانينات ، أراقها النظام ، بعد أن دفع الشباب المسلم ، شباب الطليعة المقاتلة إلى حمل السلاح دفاعاً عن أرواحهم ودمائهم ودينهم ، وجعل ذلك مبرراً أمام كثير من الشعب السوري كي يقضي على الحركة الاسلامية فيه ، وقد تعهد حافظ الاسد بهذه المهمة .
وكي لاتعود سوريا إلى ذلك الماضي لابد من دراسته ومعرفة الحقيقة التاريخية ، كب نعتبر من الماضي ونستفيد منه ومن دراسته ، وبالتالي لاتضيع تلك الدماء الطاهرة البريئة سدى ، ونتعلم من أخطاء الماضي كي نخطط لسوريا المستقبل ، سوريا لجميع أبنائها
وإلى لقاء قادم أيها الزميل باسل ديوب ، وصدورنا مفتوحة للحوار الموضوعي البناء والهادف للتفاهم ومعرفة الحفيقة ، لنبني سوريا الديموقراطية الحرة التي لاتستقصي أحداً من أبنائها .
* كاتب سوري في المنفى