الجهل بالسياسة الدولية سبب مصيبة أمتنا
الجهل بالسياسة الدولية سبب مصيبة أمتنا
محمد هيثم عياش
يتساءل المخلصون من أبناء أمتنا الاسلامية عن أسباب ما آلت اليه أوضاع الأمة الاسلامية من فقر وتخلف ونزاعات أعطت الفرصة للغرب بالتدخل في شئون العالم الاسلامي مطالبة حكومات المسلمين بانتهاج اصلاحات على السياسة الداخلية تكمن في تطبيق الديموقراطية والسماح بالحريات العامة مهددة إياها بالتدخل عسكريا اذا لم تنصاع لهذ الأوامر .
وقد تدخلت القوى الكبرى في شئون العالم الاسلامي من جديد بعد أن خرجت منه أثناء الحركات الاستقلالية وكان تدخلها من خلال ما أبقته من مخلفاتها في المجتمع الاسلامي العربي فلم تنعم أي دولة من بلاد الشام او العراق وغيرها بشيء من الحريات العامة الا لسنوات قليلة جدا فالانقلابات التي جرت في سوريا منذ رحيل الفرنسيين عنها الى ان استولى حزب البعث والنظام النصيري عليها كان لها أكبر تأثير على ما يعاني السوري منه . صحيح ان سوريا شهدت سنوات قليلة من الحريات العامة قبل سيطرة حزب البعث عليها الا ان هذه الحرية طواها النسيان اذ رحل ذلك الجيل الذي حارب من أجل الحرية وجاء جيل لم يعرفها قط فقد ولد في عهد حرية البعث واشتراكيته واذا ما اردنا ان نتكلم عن الاسلام وعن الحريات العامة مع الكثير من هؤلاء ، ينظرون الينا وكأننا هبطنا من المريخ . لقد آلى الأمر جراء المطالبة بالحريات العامة في سوريا الاستعانة بالولايات المتحدة الامريكية من أجل أن تكشف كربات ما يعانيه الشعب السوري من نظامه ، وقبل أن تقع الطامة الكبرى بتدخل عسكري في سوريا فاسمحوا لي التطرق الى العراق .
فالعراق الحبيب يرنح تحت احتلال غاشم من الادارة الامريكية وبعض الدول المؤيدة لها وما جاء هذا الاحتلال الا من جهل بعض فئات الشعب العراقي بالسياسة الدولية ومكرها وليس من الخيانة فالكثير من اولئك الذين حثوا الإدارة الامريكية والحكومة البريطانية على تخليص الشعب العراقي من حكم /الطاغوت / صدام حسين لم يكونوا على علم بنوايا السياسة الامريكية في المنطقة كما كانوا يذيعون سرهم وأهدافهم وخططهم في حكم العراق للادارة الامريكية والحكومة البريطانية وغيرهما فقد نسوا ان الادارة الامريكية ما زالت تبحث عن شرطي لها في المنطقة بعد رحيل شاه ايران يقوم بإخماد أي حركة اسلامية تريد الخير لبلادها في المنطقة فقد أخفقت في اسناد هذا الدور للطاغوت صدام حسين ، وبجهل هؤلاء الذين أصبحوا خونة في نظر أعدائهم وأصدقائهم فان الحرية لن تعود الى العراق على مدى أجيال قادمة .
الا أنه وبالرغم من نجاح الادارة الامريكية بتحقيق مكاسب ما في سوريا والمنطقة من خلال تعاملها مع الطاغوت حافظ أسد الذي استطاع من خلال مجازره في سوريا ولبنان أن يكم أفواه الحركة الاسلامية فيهما الا أنها لم تستطع تثبيت أقدامها في سوريا بشكل مرضي وها هي تعد العدة لاحتلال سوريا من خلال استقطابها لجهلة لا يعرفون سياسة الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة وأطماع الإدارة الأمريكية في سوريا التي تعتبر أكثر المناطق غنى الا أن النظام السوري جعلها أكثرها فقرا .
أن الجهل بالسياسة والتاريخ الدولي يعتبر الأساس الوحيد لما وصلت اليه أوضاع المسلمين وقد علمنا من خلال سياسة الحرب والدبلوماسية الى ان كتمان السر ومعرفة خفايا سياسة العدو هي السبب القوي للانتصارات التي حققتها الامة الاسلامية ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فان كل ذي نعمة محسود كما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عيونا / أي مخابرات/ يأتون له بكل صغيرة وكبيرة عن أخبار العدو ، وإذاعة السر عن الهدف الذي نصبو اليه لأعداء الاسلام والعروبة يعتبر أحد الأسس الاولية للهزيمة ، وقد قال عمرو بن العاص رضي الله عنه اذا ما هو أذاع سره لأحد وأفشاه فهو في حل فقيل له ولِمَ فقال كنت أحق بكتمان سري . وجاء في الأثر عن معاوية رضي الله عنه انه قال فضلت على علي بن أبي طالب رحمه الله بأربع كنت رجلا أكتم سري وكان رجلا ظهره وكنت في أطوع جيش وكان في أخبث جيش وتركته وأصحاب الجمل فقلت ان ظهروا عليه فهذا ما أريده وان ظهر عليهم اتخذتها على دينه وكنت أحب لقريش منه .
ان الشعب السوري بحاجة الى مساعدة تخرجه من محنته التي يعاني منها من ظلم نظام حزب البعث والطائفة النصيرية هناك الا أن هذه المساعدة يجب ان تكون من قبل حكومات دول اسلامية تنظر بعطف شديد الى ما يعنيه الشعب السوري من ويلات الظلم وليس من قبل الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا،فبريطانيا كانت وراء مقتل مجدد القرن الرابع عشر الهجري الاستاذ حسن البنا رحمه الله وما الولايات المتحدة الامريكية الا ذنبا لتلك الدولة كما أنه اذا ما أراد المخلصون من أبناء الشعب السوري رفع هذه المعاناة فيجب عليهم الاستعانة سياسيا ومعنويا بتلك الدول التي لا تملك أطماعا اقتصادية وسياسية في سوريا والحيلولة دون تدخل عسكري امريكي في سوريا يجعلها فريسة احتلال من جديد.