اعتقالات واسعة في صفوف السنة في إيران
دبي- سعود الزاهد
رجل دين سني يرفض تسليم المدارس الدينية للحكومة الإيرانية
استدعاء للمحكمة
"ضغوط الحكومة ضد السنة"
مولوي عبدالحميد تحدث عن مضايقة السنّة خلال رئاسة نجاد
مع تفاقم الوضع الأمني في إقليم سيستان وبلوشستان شرقي إيران ذي الأغلبية السنية على خلفية العملية الانتحارية الأخيرة، وجه أحد كبار رجال الدين السنة في الإقليم انتقادات شديدة لما اعتبره "سياسات حكومة أحمدي نجاد ضد السنة في البلاد" معربا عن امتعاضه من "الإجراءات الحكومية السرية والعلنية" حسب تعبيره.
وكشف مولوي عبدالحميد إسماعيل زهي، إمام جمعة السنة في مدينة زاهدان عاصمة إقليم بلوشستان، خلال خطبتي صلاة الجمعة الأخيرة عن "ضغوط تعرض لها السنة خلال الأعوام الأربعة الماضية من عمر حكومة أحمدي نجاد" حيث انعكست هذه الانتقادات بشكل واسع في المواقع الفارسية غير الحكومية.
ويعرف مولوي عبد الحميد بأنه يتحلي بالوسطية والموضوعية، وقد ندد مرارا باستخدام العنف من قبل جند الله بقيادة عبد الحميد ريغي. كما يحظى بشعبية واسعة بين البلوش السنة، إلا أن الانتقادات التي وجهها للحكومة تبيّن عمق الفجوة بين السنة الوسطيين والحكومة الإيرانية الراهنة.
وتأتي هذه التصريحات في أعقاب حملة اعتقالات شنتها السلطات في صفوف رجال الدين السنة تلت هجوم جماعة "جند الله" المسلحة على اجتماع لقادة الحرس الثوري وبعض رؤساء القبائل في منطقة سرباز الحدودية الشهر الماضي.
هذا وكانت السلطات المحلية قد أعلنت، أمس الثلاثاء 3-11-2009، عن اعتقال مجموعة من رجال الدين السنة في إقليم بلوشستان بتهمة التعاون مع الأجانب، معتبرة وجود تلاميذ وطلاب من جنسيات غير إيرانية في المدارس الدينية للسنة البلوش يشكل انتهاكا لنظام المدارس الدينية في البلاد.
ونقلت وكالة الأنباء الطلابية "ايسنا" عن مدعي عام محكمة سيستان وبلوشستان محمد رضا مرزبه قوله إن "المحكمة قد حذرت رؤساء الحوزات الدينية السنية من مغبة قبول طلاب أجانب، لكنهم لم يأخذوا هذا التحذير بمحمل الجد". وفي الوقت نفسه رفض المدعي العام الربط بين الاعتقالات والأحداث الدموية الأخيرة.
وأعرب مولوي عبد الحميد عن شديد قلقه تجاه الأوضاع التي تسود الإقليم، وخاطب حكومة أحمدي نجاد بقوله "كفوا عن ممارسة الضغوط المتزايدة على أهل السنة واتركونا نعيش جنبا إلى جنب دون هاجس الخوف".
استدعاء للمحكمة
هذا ونشر الموقع الرسمي لدار العلوم السنية في مدينة زاهدان ما جاء في خطبتي صلاة الجمعة التي أمها مولانا عبد الحميد، والتي انتقد فيها بشدة خاصة في في خطبته الثانية استدعاء أعداد كبيرة من رجال الدين السنة البارزين في بلوشستان إلى محكمة رجال الدين الخاصة بالشيعة في مدينة مشهد المقدسة عاصمة إقليم خراسان رضوي.
وفي معرض إشارته إلى تفاقم ممارسة الضغوط الطائفية ضد أهل السنة في ظل حكم أحمدي نجاد قال "في طريقي إلى الحج توقفت في طهران والتقيت بعض كبار المسؤولين الحكوميين، فأبلغوني بأنه طفح الكيل تجاه أهل السنة، وأنهم لا يطيقون الحرية المذهبية التي يتمتع بها أهل السنة وكانهم كانوا يخططون لبعض الإجراءات، وطرحوا في تلك اللقاءات بعض المخططات التي ليس من المصلحة التطرق إليها هنا".
وجاء في تقرير الموقع أن الخطيب اتهم بعض كبار المسؤولين في حكومة أحمدي نجاد بالإساءة العلنية لمعتقدات أهل السنة وعادة تستخدم هذه العبارة للتلويح الى سب بعض الصحابة حيث قال "المشكلة الأولى كنا قد شهدناها في تلك الفترة (الدورة الأولى لرئاسة أحمدي نجاد) تمثلت في الإساءة غير المسبوقة لمقدسات أهل السنة الأمر الذي أدى إلى نشوب اشتباكات في مدينة زاهدان ولكن تم تسوية المشكلة بشكل ما".
كما تطرق لى قيام السلطات بهدم مدرسة "عظيم آباد" الدينية قائلا إن هذا الإجراء ترك مرارته علينا جميعا رجالا ونساء وشيبا وشبابا، متسائلاً "كيف يتم هدم تلك المدرسة الدينية العظيمة لاهل السنة؟ فنحن انتقدنا ذلك وبعثنا برسائل إلى المسؤولين وحاولنا الحد من توسيع نقاش المشكلة، ولكن للأسف فإن المسالة لا تزال ترواح مكانها".
"ضغوط الحكومة ضد السنة"
كذلك، انتقد مولوي عبد الحميد ما اعتبره استئناف ضغوط المؤسسات الحكومية ضد أهل السنة مشيرا إلى "استدعاء رجال الدين السنة بشكل غيرمسبوق واعتقال علماء بارزين بذريعة قبول طلاب أجانب من أفغانستان وطاجيكستان".
وأضاف "إنهم يتشدقون بمثل هذه الذرائع بهدف ممارسة الضغوط ضد رجال الدين السنة" معتبرا محاولات الحكومة لتنظيم شؤون المدارس بأنه يهدف إلى "السيطرة على المدارس الدينية السنية" مشيرا إلى أن "السلطات تهدد بالمواجهة القانونية" في حالة رفض مطالبها.
إلى ذلك وجه إمام جمعة أهل السنة في زاهدان كلمته إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد و دعاه إلى الجلوس خلف طاولة المفاوضات قائلا "إننا نعرف مصدرهذه الضغوط والخطط" ثم واصل يقول: "إن ممثلي الولي الفقيه في الاقليم.. يريدون اتخاذ القرار بخصوص المدارس الدينية للسنة، فنحن نحترم ممثلي الولي الفقيه ونحترم الولي الفقيه نفسه"، ولكن تساءل لماذا يريدون اتخاذ القرارات بخصوص المدارس الدينية السنية؟ إن قرار المدارس السنية بيد السنة أنفسهم وليس بيد ممثلي الولي الفقيه. منتقدا المضايقات الطائفية التي تطال أهل السنة خلافا لنص الدستورالإيراني.
وفي الختام حذرمولوي عبد الحميد السلطات الإيرانية قائلا: "أقولها بصراحة: نحن لن نسلم مدارسنا الدينية ومساجدنا إلى الحكومة أو إلى رجال الدين الشيعة."
وكان مولوي عبدالحميد إسماعيل زهي قد دعم مير حسين موسوي خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتشن وسائل الإعلام الحكومية العائدة لأحمدي نجاد حملات ضده بين الفينة والأخرى وتتهمه بالطائفية.
ولم تبد الحكومة الإيرانية أية ردة فعل تجاه انتقادات إمام جمعة أهل السنة في زاهدان كما لم تنشرها أي من وسائل الإعلام الحكومية.
ومن ناحية أخرى كتب موقع روز آنلاين نقلا عن مراقبين لشؤون السنة أن هذه المشاكل بدأت مع انتخاب محمود أحمدي نجاد، حيث أقدمت حكومته على إغلاق مساجد لأهل السنة و منعتهم وزارة الداخلية الإيرانية من إقامة صلاة الجمعة في طهران، كما قامت الحكومة باعتقالات عشوائية في صفوف البلوش لمجرد الظن بوجود علاقة بينهم وبين جماعة "جند الله" في إقليم سيستان وبلوشستان.
وأشار الموقع إلى الضغوط التي يتعرض لها السنة في الأقاليم الأخرى مثل آذربيجان وكردستان وبندرعباس.
وتقول السلطات الإيرانية إن المدارس الدينية للسنة قد تستخدمها المنظمات الإرهابية لبث الفرقة بين الشيعة والسنة، ولم تخف تخوفها من تغلغل القاعدة القريبة من الإقليم جغرافيا.