أحمد عز الرجل الحديدي في مصر المحروسة

أحمد عز

حسين علي محمد حسنين

كاتب وباحث/ عضو إتحاد كتاب مصر

[email protected]

· يطلق عليه فى مصر بالرجل الحديدى والمحتكر الأول فى سوقى الحديد والمناصب السياسية الرفيعة.

·  مستمع جيد ، قادر على إقناع الآخر، يمتلك أعصابا باردة ، ومهذب  للغاية خاصة أمام الكاميرا.

· يسيطر على نحو 68 % من السوق المحلى ، وتبلغ صادراته نحو 84 % من إجمالى صادرات حديد مصر.

يطلق عليه فى مصر الرجل الحديدي ، والمحتكر الأول سواء فى سوق الحديد أو المناصب السياسية الرفيعة . كما يطلق عليه أيضا فتى الحكومة المدلل ، والشاب المعجزة

ولد احمد عز فى 12 يناير عام 1959 وهو الابن الثاني لأسرة صغيرة . وتنتمي عائلته الى محافظة المنوفية التى كان ينتمي إليها الرئيس الراحل أنور السادات ، ثم الرئيس الحالي حسنى مبارك . كان والده ضباطا بالجيش وصل الى رتبة لواء( يتردد فى محافظة المنوفية أن والده كان زميلا للرئيس الراحل أنور السادات بالكلية الحربية) . بعد إحالة والده للتقاعد وفى ظل الانفتاح الاقتصادي الذى أعلنه الرئيس السادات فى عام 1974 اتجه الأب الى مجال العمل الحر وتحديدا الى استيراد الحديد من الخارج خاصة دولة رومانيا .  درس الإبن احمد عز الهندسة (شعبة مدني) بجامعة القاهرة وتخرج بتقدير عام (مقبول) عام 1982 ، ومن ثم لم يستطع استكمال دراسته العليا بجامعة القاهرة لنيل درجة الماجستير والدكتوراه مما اضطر والده الى السماح له بالسفر الى ألمانيا للحصول على درجة الدكتوراه هناك . ويقال أن احمد عز حصل على درجة الماجستير من المانيا ولكن مصادر قريبة الصلة منه تؤكد انه لم يحصل على أية شهادة علمية ألمانية  سوى تعليم اللغة . وهكذا عاد احمد عز الى مصر (دون الحصول على الدكتوراه) وقرر الدخول فى العمل الحر وتحديدا حديد التسليح أى مهنة والده .

كانت لدى احمد عز الخبرة التى تعلمها من والده فى مجال حديد التسليح ، بالإضافة الى الأموال التى حصل عليها من والده وعن طريقها فتحت البنوك المصرية ذراعيها لأحمد عز الذى دخل مجال الإنتاج . وبدأ الشاب بمصنع صغير للحديد فى مدينة السادات الواقعة فى زمام محافظة المنوفية ، وانشأ مصنعا آخر للسيراميك الفاخر بنفس المحافظة.      أما عن شخص أحمد عز فهو مستمع جيد ، وله قدرة عالية على عرض وجهة نظره وإقناع الآخر، كما انه يمتلك أعصابا باردة للغاية خاصة فى المناقشات الطويلة الصعبة والحادة ، وله أيضا قدرة عالية على كسر حاجز حدة النقاش ، وفوق كل ذلك له إمكانية فائقة فى ترتيب أوراقه جيدا قبل وأثناء النقاش مهما كانت حدته . أضف إلى ذلك أنه شخص اجتماعي من الطراز الأول ، وله قدرة عظيمة على التلون مع تغير الموضوعات حتى لو لم يكن على صلة مباشرة بها وقد ساعده على ذلك انه وسيم وحسن الهندام ومهذب الى درجة كبيرة خاصة أمام الكاميرات وفوق كل ذلك أنه يمتلك المال . هذا وبمزيد من العلاقات استطاع احمد عز أن يفتح الأبواب الموصدة فقد تقرب من وزير الصناعة الأسبق سليمان رضا وحاز على ثقته وإعجابه .. وبذلك استطاع عز أن يصبح وكيلا لاتحاد الصناعات المصرية بالتعيين .  لم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، بل تعدى ذلك الى احتكار العديد من المناصب داخل الحزب الوطني الحاكم  وخارجه ، وطبقا لتقارير إعلامية وبرلمانية حصل أحمد عز على المناصب الآتية : (1) فى عام 2000 أصبح احمد عز رئيسا لجمعية مستثمري مدينة السادات التى توجد بها مصانعه السابق الإشارة إليها .   (2) وفى نفس العام عين عز  رئيسا لأمانة الحزب الوطني بمدينة السادات ( وهى من المدن الحديثة التى أنشأت فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات).  (3) وفى أكتوبر عام 2000 انتخب احمد عز عضوا بالبرلمان عن مدينة السادات وتحديدا دائرة منوف بمحافظة المنوفية (يطلق عليها محافظة الرؤساء نظرا لأن الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس الحالي حسنى مبارك من نفس المحافظة) . لكن المثير فى انتخاب احمد عز انه لم يحصل إلا على نحو 20% من جملة الأصوات عن دائرة منوف أما بقية الأصوات فقد حصل عليها من مدينة السادات(وهو ما يعنى أن غالبية أصواته كانت من المدينة الصناعية الجديدة).   (4) ترأس احمد عز لجنة الحفاظ على الأراضي الزراعية أثناء انعقاد مؤتمر الحزب الوطني السنوي (26-28 سبتمبر 2003) وهى لجنة شكلتها أمانة السياسات بالحزب الحاكم ، ثم ترأس عز تلك اللجنة رسميا فى 21 نوفمبر 2003. وقد أدى ذلك المنصب الرفيع الى إصابة الكثير من المراقبين بالدهشة نظرا لآن الشاب غير متخصص إطلاقا  بالزراعة .   (5) كما حصل على عضوية الأمانة العامة للحزب الوطني الحاكم أثناء انعقاد المؤتمر العام الخامس .  (6) ثم رأس احمد عز أمانة العضوية بالحزب الوطني ، وهى أمانة ذات نفوذ كبير بالحزب الحاكم .   (7)وعز هو عضو المكتب الدائم لأمانة السياسات بالحزب الوطني.   (8) وهو أيضا عضو بالمجلس الأعلى للسياسات بالحزب الوطني. (9) احمد عز أيضا هو رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان حيث تم ترشيحه لهذا المنصب داخل الحزب الوطني؟!! ( يعتبر هذا المنصب قمة نفوذ احمد عز وارفعها وأهمها على الإطلاق خاصة وأن تلك اللجنة لم يترأسها فى السابق سوى فقهاء المالية العامة ، وهو ما يعنى أن هذه اللجنة تحديدا يجب أن تكون محرمة تماما على رجال الأعمال لأنها تتطلب رقابة بالأساس على الجهات التى يتعامل معها رجال الأعمال ، لكن أحمد عز كسر هذه القاعدة وأصبح الآن رقيبا على أعمال وزير المالية ومصلحتي الضرائب العامة والمبيعات ورقيبا على الجمارك . ( يلاحظ هنا أن كل تلك الجهات السابق الإشارة إليها تتعامل مع رجال الأعمال وشركات الإنتاج الصناعية والتى منها شركات عز وهو ما يضع علامات استفهام كثيرة حول ذلك المنصب ؟؟).   (10) عز أيضا عضو بمجلس الأعمال المصرى-الامريكى .   (11) وهو عضو بمجلس إدارة معهد التخطيط القومي .   (12) وعضو بمجلس إدارة الشركة القابضة للكهرباء التى تتحكم فى خريطة الكهرباء المصرية.  (13) وعضو بمجلس إدارة المجتمعات العمرانية الجديدة المسئولة عن تخطيط وإدارة كل المدن الجديدة بمصر.

وعلى صعيد رجال الأعمال ، يلعب أحمد عز دورا رئيسا فى إنتاج الحديد داخل السوق المصرى والتصدير للخارج أيضا . وفى هذا الخصوص تشير التقارير الإقتصادية إلى أن أحمد عز هو المسيطر الأول على صناعة وتجارة الحديد المصرى حيث يمتلك ما نسبته 70% من الحديد المصرى ، ومن أهم الدلائل على ذلك تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات. ويذكر أنه فى عام 2006 جاء فى تقرير اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب في تعقيبه على تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات حول حقيقة احتكار أحمد عز للحديد : أنه بالإشارة إلى تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات الخاص بإحتكار أحمد عز لصناعة الحديد فى مصر تبين أن  تحالف كل من شركتي الإسكندرية الوطنية للحديد بالدخيلة ومجموعة شركات العز قد  شكل صورة من صور المنافسة غير المشروعة قانوناً مع الشركات الأخرى والتى من شأنها القضاء على المنافسة تماماً بحيث لا يظهر سوى احتكار الشركتين للحديد والصلب في مصر.  ورصد التقرير العديد من أوجه المخالفات التي قام بها أحمد عز لحساب شركته "العز" مستغلاً مساهمته في شركة كبرى كحديد الدخيلة، وذلك من خلال مساهمته في رأس مال شركة الدخيلة ، فقد تم إبرام اتفاق نوايا في أغسطس 1999م بين شركتي الدخيلة ومجموعة شركات العز لشراء 1.6 مليون سهم من حصة اتحاد العاملين المساهمين في رأس المال، في حين قامت شركة العز لصناعة حديد التسليح بشراء 1.494 مليون سهم فقط دون شراء كامل القيمة المتفق عليها . أيضا أشار تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات إلى موافقة الجمعية العمومية غير العادية لشركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب بالدخيلة على زيادة رأس المال بإصدار ثلاثة ملايين سهم مع الموافقة على تنازل المساهمين القدامى عن إعمال حق الأولوية في الاكتتاب في هذه الزيادة مع تخصيصها بالكامل لشركة العز لصناعة حديد التسليح بقيمة إجمالية 456 مليون جنيه، سدد منها 136.6 مليون جنيه فقط، ولكن مع انعقاد الجمعية العمومية غير العادية لشركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب ثم الاكتفاء بما تم سداده لتصبح الزيادة 1.366 مليون سهم، أي أنه نظراً لعجز "شركة العز في سداد ما عليها، فقد تم تخفيض الزيادة المطلوبة في رأس مال الشركة من ثلاثة ملايين سهم إلى  مليون و366 ألف سهم فقط .

وعليه فقد خلصت اللجنة إلى نتيجة هامة، وهي أنه رغم تزايد حصة شركات العز في رأس مال شركة الدخيلة من 10.9% إلى 20.9% ثم إلى 32.7% عام 2003، ثم إلى 44.15% عام 2004م، وأخيراً بلغت الحصة 50.3% في عام 2005م، وذلك بناء على إيضاح أحمد عز نفسه ، وهو ما يعني عدم ضخ أموال جديدة للشركة إلا بقيمة المساهمة الثانية التي بلغت ما قيمته الإسمية 136.6 مليون جنيه في أواخر 1999م في حين أن المساهمات الأخرى تمثلت فى شراء أسهم من المساهمين القدامى بما لا يترتب عليه ضخ موارد تمويلية جديدة لشركة الدخيلة .

فى نفس الوقت أورد التقرير الملحق بمضبطة مجلس الشعب: أنه بمقارنة الأعباء التسويقية والإدارية بشركة الدخيلة عن باقي الشركات فى نفس المجال إتضح أن شركة الدخيلة  كانت الأعلى بين تلك الشركات من حيث الأعباء ، وأن التحالف الذي تم بين شركتي الإسكندرية الوطنية للحديد بالدخيلة ومجموعة شركات العز لا توجد قوانين تنظم قيام ذلك التحالف ولا إجراءاته ، لذا فإن أي تعاون بين الشركات تلك يجب أن يكون له شكل قانوني يستند إليه، وهو ما لم يحدث . وبالطبع فإن ذلك  يثير تساؤلات عديدة حول قانونية هذه التحالفات ، خاصة في ظل ما يمثله تحالف عز الدخيلة من نسبة 0.3% من الإنتاج العالمي في حين أن حجم الإنتاج في مصر من حديد التسليح لا يتجاوز 0.5% من حجم الإنتاج العالمي.   وهنا أشار تقرير اللجنة الإقتصادية بمجلس الشعب إلى نقطة هامة ذكرها الجهاز المركزي للمحاسبات بشأن طبيعة التحالف بين شركتي الدخيلة وعز بخصوصص حديد التسليح، وهى أن هذا التحالف يمثل النصيب الأكبر من حجم هذه الصناعة، وأن نسبة صادرات التحالف بلغت  83.2% من إجمالي صادرات جمهورية مصر العربية .  هذا وقد رصد التقرير الظواهر التي أمكن التوصل إليها بشأن التحالف ، وكان أولها رئاسة أحمد عز لمجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركتي الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب بالدخيلة وشركة العز لصناعة الصلب المسطح بالسويس ، إضافة لرئاسته لمجالس إدارات شركة العز القابضة للصناعة والاستثمار والعز لصناعة حديد التسليح، وباقي شركات مجموعة العز القابضة للصناعة والاستثمار والعز لصناعة حديد التسليح، وباقي شركات مجموعة العز، ومما زاد من سطوه شركة حديد عز هو تولي بعض موظفيها لمجلس إدارة شركة الدخيلة بالإضافة لمركزية أعمال قطاعات المبيعات والمشتريات بشركات مجموعة العز وشركة الدخيلة .

وأشارت اللجنة في تقريرها إلى أن هذه الظاهرة الاقتصادية تمثل احتكاراً من شأنه أن يتحكم في السوق المصرية لإنتاج الحديد والصلب، وأن ذلك لا يشكل فقط صورة من صور المنافسة غير المشروعة قانوناً مع الشركات الأخرى المنتجة  للحديد والصلب سواء كانت من شركات القطاع العام أو من شركات القطاع الخاص، بل أن هذه الظاهرة تقضي تماماً على المنافسة الشريفة فى هذا السوق.  ليس هذا فقط ، فقد أكد التقرير على عدم قانونية عقود المعاوضة من خلال ثلاثة ملاحظات : (أولها) أن موافقة الجمعية العامة العادية لشركة حديد الدخيلة في 31 مايو 2001 على إبرام عقود البيع لشركات العز باعتبارها عقود معاوضة يعد مخالفاً للقانون ولنص المادة 99 من القانون 159 لسنه 1981م الخاصة بإصدار قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم، وذلك للآتى:  أنه لا يجوز لأي عضو من أعضاء مجلس الإدارة في أي وقت أن يكون طرفاً في أي عقد من عقود المعاوضة التي تعرض على المجلس لإقرارها، وإلا اعتبر كل عقد يبرم بينهما باطل . (ثانيا) أن شركات العز تشتري مربعات الصلب "البيليت" بأقل من سعر التكلفة الصناعية بنحو 6%، رغم أن متوسط تكلفة استيراد المربعات بشركة العز لحديد التسليح حوالي 848 جنيهاً للطن . (ثالثا) وجود مخالفة في عقود بيع مربعات الصلب "البيليت" وعقود بيع المكورات المختزلة حيث إتضح أن شركة العز حققت مكسباً نحو أربعة ملايين جنيه تقريباً ، وهو ما يُعد خسارة لشركة الدخيلة، وهي الملاحظات التي علقت عليها اللجنة بأنها بالغة الأهمية، ورغم ذلك لم يلتفت إليها الجهاز المركزي للمحاسبات رغم ما بها من مخالفات وأخطاء في تطبيق أحكام القانون 159 لسنه 1981م .

من ناحية أخرى ذكرت اللجنة أن شركة الدخيلة حصلت على العديد من المزايا أهمها الحصول على قروض ميسرة من اتفاقية القرض بين الحكومة المصرية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، كما أن الشركة لها طاقات إنتاجية كبيرة ويتم التعامل معها باعتبارها مشروعاً إستراتيجياً . ولكن هناك أعباء التمويل تتحملها الشركة، كما ينبغي أن تكون أقل من ذلك، وبالتالي تكون أسعارها أقل، وفي المقابل فإن باقي الشركات لا تتمتع بمثل هذه المزايا الأمر الذي يجعل تكلفة إنتاجها أعلى.. ولكن رغم ذلك فإن أسعار البيع المطروحة والخاصة بالدخيلة وشركات العز هي أسعار موحدة رغم أن التكاليف بينهما مختلفة.      وانتهت اللجنة في تقريرها إلى عدة توصيات أهمها : (1) الإسراع بإصدار التشريعات والضوابط الخاصة بمكافحة الاحتكار وحماية المستهلك مع إنشاء شركة لتجميع الخردة من كافة القطاعات بمصر بما يساعد على خفض أسعار بيعها محلياً. (2)  المحافظة على شركة الدخيلة باعتبارها كياناً مستقلاً يساعد في تحقيق التوازن السعري في المجتمع مع ضرورة الفصل بين إدارتي المبيعات والمشتريات في كل من "الدخيلة" وشركات "العز" ، لأن "الدخيلة" شركة متكاملة وتحصل على مزايا عديدة من الدولة، كما أن توحيد أسعار الشركتين معاً يؤدي لرفع أسعار الدخيلة على المستهلك .