منطق اللامبالاة عند الكيان الصهيوني والنظام السوري

منطق اللامبالاة

عند الكيان الصهيوني والنظام السوري

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

كل فرد أو مخلوق له حقوق وعليه واجبات . ولعل المثل الواضح في أدق المخلوقات النمل والنحل وتفصيل الواجبات والحقوق لكل فرد من تلك المخلوقات .

وعند أرقى المخلوقات وهو الإنسان ,تتعدد عنده الحقوق وتتعدد عنده الواجبات , في كونه خليفة الله في الأرض .

ومن مضمون الحقوق تلك والواجبات , نشأت النزاعات بين البشر وتعددت القوميات واللغات والدول . وتمايزت الأفكار والثقافات .

ودارت الصراعات بين المجتمعات البشرية , وتعددت أشكالها فمنها الصراع الثقافي والإقتصادي والعسكري . وتصارع الإيديولوجيات  المختلفة والكل يسعى لأن يكون الأفضل والأقوى والمسيطر .

وتمايزت كل دولة عن الأخرى بمقوماتها الثقافية والفكرية والإقتصادية , وعشنا سيطرة قطبين على المجتمع البشريي ككل .القطب الشرقي والقطب الغربي . ليتحول بعدها لقطب واحد والذي ماكان ليبدأ حتى بدأ ينتهي لتحل مكانه أو تشاركه أقطاب متعددة .

وفي منطقتنا العربية والسرطان الذي أصابها بوجود دولة إسرائيل , وفرض واقعها على الأمة العربية بالقوة .

ومن منطلق واقعية كيان ذلك الوجود الغريب في الأمة , وعدم امكانية مقاومته عسكريا مما جعل من حكام الأمة العربية التوجه نحو السلام في بيانهم الصادر في قمة بيروت والإجماع عليه , والذي ينص على انسحاب اسرائيل من الاراضي العربية المحتلة , مقابل السلام والتطبيع الكامل مع العدو الصهيوني .

وكانت النتيجة عدم اكتراث الكيان الصهيوني بتلك المبادرة وضربها عرض الحائط .

مؤتمر أوسلو ومؤتمر مدريد . والخطه الرباعية وتدخل الدول الأوربية ومحادثات السلام مع السلطة الفلسطينية كلها جابهتها اسرائيل بعدم المبالاة وما هي إلا أوراق تطبع وترمى في المكان الذي كتبت فيه .

النظام السوري جلس بالمفاوضات معه في القرن الماضي وأطلق على النظام حملة لواء سلام الشجعان . وكانت النتيجة :

جلسات وحوارات وصفحات كثيرة ملئت وجفت الأقلام من ذلك وآمال كبيرة بنيت في الشجاعة والتصميم والإرادة القوية في مفهوم النظام لتصل إلى ريشة صغيرة قذفتها الرياح لمكان بعيد .

وفي القرن الحالي وتغير قائد عملية سلام الشجعان وحل الإبن محله وتنازل عن جزء من الأرض لواء اسكندرون هدية لتركيه لكي تلعب دور الوسيط بين سورية واسرائيل والهدايا المتبادلة بين الطرفين , وصحن حمص أرسل خصيصا لألمرت (طعمي الفم تستحي العين ) ولكن الكيان الصهيوني كعادته لم يهمه من الأمر إلا صحنا من الحمص الشامي .

وبعد فشل تلك المحاولات العلنية وتوسط الأشخاص والمنظمات ورجال الأعمال , ومناشدة القائد الدول والحكام وآخرها كان , مناشدة أكرانيا لكي تكون الوسيط وحمامة السلام .

وكل تلك المحاولات وما خفي كان أعظم لم تلق لها إسرائيل أي اهتمام , وكأن الأمر لايعنيها لامن قريب ولا من بعيد . فحدودها آمنة من قبل سورية منذ أكثر من ربع قرن .

ومنطق اللامبالاة هذا ينطبق على النظام السوري في موقفه من المعارضة السورية أيضا , وتكاد تلك الوساطات التي قدمت للنظام تتساوى مع تلك الوساطات التي قدمها النظام لإسرائيل والنتيجة كانت عدم المبالاة في الحالتين .

فالفصيل الأقوى في المعارضة والأكثر عددا هم الإخوان المسلمون , والمطبق عليهم قانون ال49 والذي ينص على الإعدام لكل من ينتمي إلى الإخوان المسلمين .

ومع وجود عشرات الآلاف منهم مشردين في بقاع الأرض والكثيرون منهم ليس لهم وطن ولا أرض ولا هوية إلا بشق الأنفس .

والحكاية هنا تتكرر ويدخل على الخط الوساطات بين النظام والإخوان وكانت منها فردية أو جماعية أو دولية . وطلب من الإخوان مبادرة ما تجاه النظام الحاكم , لإثبات حسن النية تجاهه .

وبالفعل طرح الإخوان مبادرتهم في وقف النشاط المعارض , وانفصلوا عن جبهة الخلاص , ومدو أيديهم للسلام مع وجود وساطات دولية وشخصيات اسلامية مرموقة .

وكانت النتيجة عدم المبالاة من النظام فيما طرح من قبل تلك الوساطات ومبادرة الإخوان , وحلحلة الأمور بين الطرفين والسلام بينهما , ومع كل تلك المبادرات والوساطات وتركيه بالذات .

فلم تر المعارضة إلا مزيدا من الإهمال وتشديد النظام قبضته الأمنية على الشعب السوري والمعارضين له وكان آخرها اعتقال الحقوقي الثمانيني هيثم المالح , وعبد الرحمن الكوكي .

وكأن الأمر لايعنيه لامن قريب ولا من بعيد , فهو آمن مطمئن من إي خطر يهدده من المعارضة في الحاضر والمستقبل ليتساوى اعتقال المالح بعد كل الوساطات والمبادرات , مع قصف إسرائيل بالطائرات الموقع النووي في سورية على حد زعمهم .

وهنا سؤال يطرح نفسه :

ماهي الطرق والوسائل الممكن اتباعها لإخراج الطرفين من  الامبالاة تلك؟