رأي على طريق ... قانون الأحزاب
رأي على طريق ... قانون الأحزاب
محمد عبد المجيد منجونه
وجهت اللجنة المركزية لحزب البعث بضرورة طرح مشروع قانون الأحزاب..للمناقشة العامة..
و هذه الخطوة أثارت لغطاً كبيراً..حول مراميها..و توقيتها..و الكيفية التي تقوم عليها..و آلية تنفيذها..
ولعل الإعلان عنها و من اللجنة المركزية يشير إلى أن القرار و تنفيذه إنما هو من مسؤولية الحزب مما يضيف إلى الحزب مهمة جديدة تأخذ أبعاداً متعددة...,إذ أن الحوار ـ كما يفترض ـ سيكون مع مكونات شعبنا وأطره الأهلية{أحزاب ـ نقابات ـ جمعيات}...,فهل يتحقق هذا.. ـ الحوار الشامل ـ مع كل الأطياف السياسية المعارضة,ثم ما هو مآل هذه الحوارات و المناقشات.
ولعل من المبكّر إصدار حكم على ما سيلي هذا التوجيه الصادر عن مركزية البعث.إلا أن الحالة تفرض التمهيد لهذا القانون / الذي تحدثت عنه دوائر السلطة منذ أكثر من ثلاث سنوات و مازال في إدراجها/ باتخاذ خطوة لابد منها ألا وهي إلغاء المادة الثامنة من الدستور..لأن بقاء المادة كما وردت في الدستور..{رغم معارضة كل الأطراف السياسية و على رأسها حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي و كل المستقلين في مجلس الشعب الأول بعهد الرئيس حافظ الأسد إلا أن البعث حينها أصّر عليها كما وردت و لم يقبل آنئذ حتى إضافة /آل التعريف/ لكلمة الجبهة } أدى منذ البداية إلى إنهاء الجبهة و أحزابها و إلحاقها بقاطرة البعث تتعيش على عطاياه و المواقع التي يمنحها لها.
و يطرح السؤال نفسه:
كيف تقوم أحزاب لها برامجها الخاصة و طموحاتها كتعبير شعبي و هي محكومة مسبقاً بسقف المادة الثامنة من الدستور:{حزب البعث الحزب القائد بالدولة و المجتمع و يقود جبهة وطنية تقدمية..؟؟} وصحيح أنه بالفترة الأخيرة حدث تطور على واقع الجبهة {كسماح بفتح مقرات لهذه الأحزاب,و إصدار صحف,وقبض معونات من خزائن الدولة} كما وسمح لها بالعمل في صفوف الطلبة.
إلا أن حصيلة هذا التغيير..؟توضح كم كانت هذه التغييرات شكلية و تزيينية ليست فاعلة و مؤثرة أو مطوره لعمل حزب السلطة و أحزابه بالجبهة.
فعلى سبيل المثال:الطلبة بالمدارس تمسك بهم منظمة الطلائع و الشبيبة ثم الاتحاد الوطني للطلبة..و كلها هياكل في خدمة النظام و توجهاته و ليست في خدمة تطلعات قطاعاتها.ومن خلال هيمنة النافذين في هذه الهياكل يتم ـ دفش ـ الطلبة للدخول بالحزب لأسباب عدة ليس أقلها إغرائهم بمصالح و مكاسب تبذر الفساد في نفوسهم.
من هنا فإن إلغاء المادة الثامنة من الدستور{ليس في العالم نظام يقول ما يقول دستورنا,حتى في زمن الاتحاد السوفيتي لم يقل دستوره أو أي دستور من دول ما يسمى آنذاك بالمنظومة الاشتراكية هذا القول}و هكذا تتوفر الأرضية الموضوعية للمشاركة في الحوار.و الخروج بتوافقات حوله.
و رغم الميل الشعبي..إلى اعتبار ما دعت إليه اللجنة المركزية...ملهاة لن يكون لها أي تأثير على ما تراه و تفرضه قوى النظام,و الإعلان هو رسالة للخارج يقول فيها النظام أنه يسير نحو تغييرات ديمقراطية.
ففي ظل عقلية التمسك بهيمنة الحزب على الدولة و المجتمع و تحويلها إلى مزارع للحزبيين يستبيحون حرماتها و كل مقدس فيها.لا يستقيم حوار و لا يعطي نتائج تخرج الوطن مما هو فيه.
على كلٍ إن كان ثمة بقية من رغبة لدى النظام ـ رغم إحباطاتنا ـ في إحداث خطوة على طريق التحرر من حالة الإختناقات و الأزمات التي تمسك بخناق الوطن و المواطن.فلابد من إلغاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية و إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ووضع قانون جديد ديمقراطي للانتخابات..يعيد للشعب قراره و اختياراته..,و قانون للأحزاب لا سقف يحول دون تطوره إلاّ سقف مصلحة الأمة و الوطن..؟؟
و هل يمكن لمثلنا أن يتفاءل و يقول ثمة رغبة لتحقيق ذلك..؟
إن ما ظهر و ما تم التوجه إليه خلال السنوات الخمس الماضية لا تعطي ما ينعش الأمل بحدوث التغيير الديمقراطي المنشود من خلال السلطة و حزبها..و أن كل ما في الأمر مراهنة على الزمن و مروره..وعلى التوتر مع الخارج..و تصعيد الأخير التهديد لسورية الوطن و المواطن..
* محامِ/حلب