ندرة التناغم الإيجابي بين الأخوة الأعداء
في الفضاء الخارجي
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
يشترك الأخوة الأعداء والذين أقصدهم من منبت واحد هو الجمهورية العربية السورية , ويفرقهم عن بعضهم حدود مصطنعة وأخرى حقيقية . فلا هؤلاء يستطيعون الولوج لعندهم وكذلك الطرف الآخر .
وطال الزمن وتعددت السنين وكل يبني في داخله أفكارا شتى ويتأثر بها في مكان عيشه الجديد .
وانهالت اتهامات الطرفين للبعض . وتراكمت في النفوس لتصل المدى والذي ليس من السهل العدول عنه كله , وحتى جزءا منه إلا عن طريق بذل جهود جبارة للتخلص من إرث الماضي والحاضر.
إن أي صفة ظاهرية لأي مخلوق مرتبط وجودها بثلاثة عوامل رئيسية:
1- العامل الوراثي والمتعلق بالشفرة الوراثية الموجودة عند الكائن القادمة من الأبوين.
2- العامل البيئي وتعدد تأثيراته على الصفة.
3- التداخل بين العامل الوراثي والبيئي واختلاف قوة التأثير بين العاملين .
ولتوضيح الأمر أكثر وعلاقة التكوين الموجدة للظاهرة سواءا ,أكانت صفة ظاهرية ,أو أن تكون ظاهرة اجتماعية .
فلا بد من إيجاد مبررات ما , للعلاقة التي تربط المعارضة السورية مع الموالاة , والتي توصف العلاقة بينهم بالأخوة الأعداء .
القطيعة بين الطرفين امتدت لعدة عقود , وناتجة أصلا من التأثير البيئي المرتبط مع التأثير الوراثي في أنهم أخوة بالأصل , لينتج عن التداخلات اليئية وتأثيراتها السلبية أخوة وأعداء في نفس الوقت .
وبعد انتشار الشبكة العنكبوتية وأصبحت وسائل طرح الآراء والأفكار ممكنة تكون هناك فضاءات متعددة أبرزها :
فضاء معارضة للنظام القائم في سوريه
فضاء موال للنظام
ولكل طرف له موقعه الخاص ليشيد بما عنده وما يعتبره حقا , ويهاجم الطرف الآخر ويعتبره شاذا في فكره وعقله . ومتهما إياه بشتى الإتهامات .
ولكن الغرق الوحيد بينهما هو أن الموالاة في وطنها وعلى ترابها وتنهل من خيرات منبتها .بينما الطرف المعارض محروم من وطنه حيا وميتا .
واستمرت الحرب الكلامية بين الطرفين وازدادت سجالا بينهما وكل طرف متمسك بالذي يملكه ويعتبره حقه وملكا له . وهو الذي يعكس في آرائه على أنه هو من يقف موقف الصدق ويمتلك الحقيقة كلها .
ويشاء المولى عز ويجل أن يلتق الطرفين بعد عدة عقود من القطيعة التامة أن يلتقوا في موقع وهمي عنكبوتي واحد .
هو جمعية المثقفين العرب .
واستحضر الطرفين كل مافي جعابهم من آثار بيئية وثقافة وفكر وليدلي بدلوه وليعبر عن مافي داخله , من ضغينة وثقافة الإقصاء للآخرين لعشرات السنين .
واستمرت المعركة الكلامية والكل يحاول أن يشد الحق لجانبه والباطل يرميه على الطرف الآخر .
وبعد أن نفث كل شقيق حقده على شقيقه الآخر , ووصلت الأمور لطريق ضيق لتخرج بعض الآراء من هذه المعركة في طرح مبادرة جادة للعمل على التقارب والمصالحة .
وهنا ظهرت بعض التناغمات الإيجابية في أمكانية الحوار بين الأخوة الأعداء ومن خلال ذلك العمل على الصلح وحلحلة الأمور المعقدة للوصول إلى المصالحة الحتمية والتي لابد من أن تكون واقعة عاجلا أم آجلا .
هذه التجربة التي خضناها وما زلنا نعمل على إنجازها يمكن أن نتبناها في المصالحة بين المعارضة والنظام .
والسؤال المهم والذي يطرح نفسه الآن :
ماهي الوسيلة المتبعة للوصول بنتائج التجربة تلك لتعمم على النظام ككل والمعارضة ككل ؟
والإجابة على ذلك سهلة مبدأيا ويمكن تبنيها , من حيث أنه يمكن التحاور بين المعارضة والنظام وتفيدنا في إزالة الحدود والعوائق المترسخة في عقول النظام من أنه :
ليس من الممكن إزالة تلك العوائق والمترسخة في النفوس لعشرات من السنين مضت .
أقول من خلال هذه التجربة وبنتائجها البسيطة التي وصلنا إليها أنه من الممكن إزالة تلك العوائق والعداوة بين الأخوة والوصول إلى جكم العدل وسيطرة عدالة القانون .
فلم تمنعنا المترسبات الماضية والموجودة في داخلنا من أن نتحاور , ونحل مشاكلنا وننعم بوطن يضم أبناؤه وأحفاده الممتدة من أعماق الجذور والمترسخة والمثبتة في تلك البيئة الطيبه .
والخلاصة المنبثقة عن عرضي هذا ونتائج ذلك يمكن أن تبنى على قاعدة متينة مدى قناعة النظام الحاكم في سوريه وحرصه على أبناء وطنه في أن يضع يده بيد المعارضة والجلوس معا على طاولة الحوار للوصول إلى إنهاء العداوة والصراع بين الطرفين والذي سوف يعود بخيره على الجميع .