النقابة الشغيلة

النقابة / الشغيلة أو الشروع في انفراط العلاقة.....21

محمد الحنفي

[email protected]

علاقة الملف المطلبي بواقع الشغيلة:.....4

والملف المطلبي لا يبقى متوقفا عند حدود معينة، لأن ذلك التوقف يعني الجمود، والواقع ليس جامدا، فهو متحرك باستمرار، سواء تعلق الأمر بالواقع السياسي، أو الواقع الاقتصادي، أو الواقع الاجتماعي، أو الواقع الثقافي.

وبقاء المطالب ثابتة لا يعني إلا جمودها، وتجاوزها، وعدم صلاحية طرحها، لعدم مناسبتها مع واقع الشغيلة، وعدم تعبيرها عن حاجياتها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

وهذا التناقض القائم بين المطالب في شموليتها، وبين الواقع، لا يتم تجاوزه إلا بجعل المطالب تتحرك أيضا، تبعا لحركة الواقع. وتحرك المطالب لا يتأتى إلا بإقحام الشغيلة في مواكبة حركة الواقع، والعمل على ملاءمتها مع الشروط الجديدة التي تعيشها الشغيلة، والتي يجب أن تبقى حافزا على إعادة النظر في المطالب الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

وإعادة صياغة البرنامج المطلبي للنقابة يأتي بناء على مستجدات الواقع، والتحول الذي عرفته المطالب، حتى تستطيع الشغيلة من خلال النقابة المبدئية أن تؤثر في الواقع، وأن تجعله في خدمة مصالح الشغيلة.

وتحيين المطالب، وملاءمتها، يتخذ مجموعة من المستويات، حتى يتم استحضار اهتمامات الشغيلة في مختلف المستويات الوطنية العامة، والقطاعية، والجهوية، والإقليمية، والمحلية.

1) فعلى المستوى الوطني العام، نجد أنه من الضروري قيام الشغيلة بدراسة البرامج الحكومية، والوقوف على خطورتها على مستقبل الشغيلة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

والتفكير في الكيفية التي تمكن الشغيلة من معرفة:

ما هي أوجه الحيف التي تلحق الشغيلة مما تمارسه الحكومة في المجالات المختلفة؟

وماذا يجب عمله من أجل مواجهة ذلك الحيف؟

وما هي المطالب المتناسبة مع ما تمارسه الحكومة؟

وهل هي مطالب قديمة؟

وهل هي مطالب جديدة؟

وهل هي متطورة، أم جامدة؟

وما هو البرنامج النضالي المطلبي، الذي يجب أن تضعه النقابة المبدئية لمواجهة مخططات الحكومة، التي لا تخدم إلا مصالح الطبقات المستفيدة من الاستغلال المادي، والمعنوي، من أجل فرض الاستجابة للمطالب العامة المتلائمة مع ما تقوم به الحكومة في جميع الميادين؟

والعمل على تعبئة الشغيلة، وسائر الكادحين، في هذا الاتجاه، من أجل ممارسة الضغط اللازم على الحكومة التي ترغم على تلبية المطالب المعروضة عليها، وبناء على ما قامت به في برامجها التي تعمل على تنفيذها على أرض الواقع، و لى تأثير تلك البرامج على واقع الشغيلة، ومعها الجماهير الشعبية الكادحة، التي تتلظى، باستمرار، بنار السياسات الحكومية التي تهدف إلى قيام استغلال متواصل عميق للشغيلة، ولسائر الكادحين.

 2) وعلى المستوى القطاعي، نجد أن الحكومة من جهة، ومن خلال قطاعاتها المختلفة من جهة أخرى، تحاول باستمرار تضييق الخناق على الشغيلة، في كل قطاع على حدة، لصالح المستفيدين من ذلك القطاع، وضد العاملين فيه، حتى يتأتى للمستفيدين مضاعفة استفادتهم.

ولذلك نجد أنه من واجب شغيلة كل قطاع على حدة، القيام بدراسة وضعية القطاع، وما يستهدفه من سياسة الحكومة، ومن المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي.

و هل المطالب القطاعية القائمة تستجيب لمواجهة المستجدات القطاعية؟؟

أم أنها لا بد أن تتحين، وأن تتلاءم مع تلك المستجدات، حتى تستجيب لحاجيات الشغيلة القطاعية؟

وهل البرنامج النضالي المطلبي للنقابة المبدئية يصلح لمواجهة ما تقوم به الحكومة، وما يقوم به المستفيدون من الاستغلال المادي، والمعنوي؟

وما هي الأضرار التي لحقت شغيلة القطاع؟

أم أن ذلك البرنامج في حاجة إلى التحيين، والملاءمة، حتى يكون اكثر استقطابا، وأكثر تأثيرا على الإدارة القطاعية المعنية بتلبية مطالب الشغيلة القطاعية المادية، والمعنوية، أو على الحكومة، فيما يخص مطالب الشغيلة القطاعية العامة؟

و بدون تلك المواكبة، وذلك التتبع، وتلك الملاءمة، وذلك التحيين، من قبل الشغيلة القطاعية، تبقى الجهات المستفيدة من استغلال مختلف القطاعات متمكنة من الاستغلال، ومن العمل، على تضليل الكادحين، حتى لا يسعوا إلى مقاومة ما يمارس عليهم في قطاعاتهم المختلفة، وتبقى الشغيلة ضحية الاستغلال الممنهج، وتبقى النقابة المبدئية عاجزة عن تحريك الشغيلة، وجعلها تمتلك الوعي النقابي الصحيح.

وحتى لا تصير الشغيلة القطاعية عاجزة عن القيام بدورها في كل قطاع على حدة، لابد من التتبع، والاستيعاب، والملاءمة، والتحيين للمطالب القطاعية، وللبرنامج النضالي القطاعي، في إطار النقابة المبدئية.

3) وعلى المستوى الجهوي، حيث نجد أنه يمكن أن تقوم السلطات الجهوية باتخاذ قرارات مجحفة للشغيلة بصفة عامة، وللشغيلة القطاعية بصفة خاصة، ترضى الجهات المستفيدة من الاستغلال على المستوى الجهوي، وحتى لا تشعر الشغيلة بدورها في تحسين أوضاعها المادية، والمعنوية، نظرا للتضليل الذي يمارس عليها من قبل السلطات الجهوية، التي صارت جزءا لا يتجزأ من الجهات المستفيدة من الاستغلال.

ولذلك نجد أنه من واجب الشغيلة بصفة عامة، والشغيلة المركزية بصفة خاصة، أن تعمل على اكتساب المعرفة الدقيقة بالسياسة الجهوية في البلاد التي تعني الشغيلة، حتى تتبنى جوانب الحيف التي تلحق الشغيلة المركزية، والقطاعية، وطرحها للمناقشة في إطار النقابة المبدئية المركزية، والقطاعية، وبمساهمة الشغيلة على مستوى الجهة، وتحديد المطالب الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، والتدقيق في تلك المطالب، والتمييز بين ما يهم القطاع، وما يهم المركزية الجهوية، والعمل على وضع برنامج عام، وقطاعي، يمكن اعتماده للنضال من أجل تلبية المطالب الجهوية العامة، والقطاعية، لرفع الحيف عن الشغيلة على مستوى الجهة، ولمحاصرة ما يقوم به المسئولون الجهويون من ممارسات لخدمة المستغلين (بفتح الغين) على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، مما يجعل الشغيلة تزداد معاناة، وقهرا، واستلابا، وتضليلا.

ولذلك فقيام الشغيلة بالمواكبة، والتتبع على المستوى الجهوي، يجعلها على بينة مما يحاك ضدها حتى تقوم باللازم، وحتى تتضامن، وتتوحد، من أجل مواجهة ما يحاك ضدها، عن طريق تقوية النقابة المبدئية، التي هي الأداة التي يمكن اعتمادها في قيادة النضال الجهوي، لجعل الشغيلة حاضرة في الساحة بنضالاتها المطلبية، ولجعل الإدارة الجهوية تستجيب لمطالب الشغيلة على المستوى الجهوي.

4) وعلى المستوى الإقليمي، حيث نجد أن السلطات الإقليمية التي لها علاقة مباشرة مع الواقع في الإقليم، ومع المسئولين في القطاعات العامة، وفي القطاع الخاص، تجتهد، باستمرار، في ابتداع سياسة إقليمية تستهدف إرضاء المسئولين من جهة، وإرضاء المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي للشغيلة، وإرضاء أصحاب الامتيازات، والمسئولين الجماعيين، الذين يقعون تحت دائرتها، لنجد أن من واجب الشغيلة، وبواسطة الإطارات النقابية المركزية، والقطاعية، العمل على امتلاك المعرفة الدقيقة بما يمارس على المستوى الإقليمي، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حتى يتبين للشغيلة، ومن خلال نقابتها المبدئية:

ماذا يجب عمله من أجل إيقاف التدهور الذي تعرفه وضعية الشغيلة على المستوى الإقليمي؟

وما هي المطالب الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية التي يجب طرحها على المستوى الإقليمي؟

وما هو البرنامج النضالي المطلبي الذي يجب اتباعه، حتى تحافظ الشغيلة على المستوى الإقليمي على مكانتها، وعلى دورها في رفع الحيف عن الجماهير الشعبية الكادحة؟

والشغيلة عندما لا تهتم بما يجري على المستوى الإقليمي فإنها ستزداد تدهورا، وسيعتبر تدهورها سببا في تعميق تدهور الجماهير الشعبية الكادحة، وعلى النقابة المبدئية، أن تعمل على إيقاف تدهور وضعية الشغيلة بتفعيل التنظيمات النقابية المبدئية على المستوى الإقليمي، لاستنهاض الشغيلة من أجل أن تقوم بدورها النضالي من أجل رفع الحيف عنها، والتخفيف من الحيف الذي يطال الجماهير الشعبية الكادحة، بفعل السياسة اللا ديمقراطية واللا شعبية التي يسلكها المسئولون الإقليميون، كامتداد للاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، التي ينهجها المسئولون على المستوى الوطني.

5) وعلى المستوى المحلي، حيث الالتصاق المباشر بالواقع المستهدف بالسياسة في بعدها الوطني، وفي بعد الجهوي، وفي بعدها الإقليمي، نجد أن معاناة الشغيلة مما يمارس محليا أكثر تأثيرا؛ لأنها تدخل فيها اعتبارات أخرى، و تتعدد مصادر المعاناة، وتكثر الجهات المعنية بالعمل النقابي، وتكون الشغيلة أكثر استلابا، وأكثر تأثيرا، أو تأثرا بما يجري في الحياة اليومية، مما لا علاقة له بعلاقات العمل، سواء تعلق الأمر بالقطاع العام، أو بالقطاع الخاص.

وهذا الوضع هو الذي يزيد من تعميق معاناة الشغيلة عن طريق رفع وتيرة الاستغلال المادي، والمعنوي. وبناء على ذلك، فواجب الشغيلة يقتضي التتبع اليومي لما يجري، والعمل على معرفته معرفة دقيقة، ومعرفة الشروط الموضوعية التي أدت إلى إفراز ذلك الواقع:

وما مصادر تلك الشروط؟

وهل هي ذات بعد وطني؟

أو ذات بعد جهوي؟

أو ذات بعد إقليمي؟

أو ذات بعد محلي؟

وما هي العلاقة القائمة بين هذه الأبعاد الأربعة؟

وما هو البعد الأكثر تأثيرا في تردي الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية للشغيلة؟

هل هو البعد الوطني؟

أو البعد الجهوي؟

أو البعد الإقليمي؟

أو البعد المحلي؟

لأن إجابة الشغيلة على المستوى المحلي على هذه الأسئلة، من خلال تنظيماتها النقابية المبدئية، تستطيع أن تحدد:

ما هي المطالب التي يجب الاهتمام بالنضال من أجل تحقيقها؟

وما هو البرنامج النضالي الذي يجب اتباعه على المستوى المحلي؟

هل هو البرنامج الوطني؟

أو البرنامج الجهوي؟

أو البرنامج الإقليمي؟

أو البرنامج المحلي؟

لأجل رفع الحيف الذي يلحق الشغيلة التي تلتمس باستمرار:

كيف تتجاوز وضعيتها المتردية؟

وما هو العمل من أجل تحسين أوضاعها المادية، والمعنوية؟

والشغيلة عندما لا تعمل على إزالة الحيف الذي يلحقها محليا، فإن الحيف سيزداد تأثيرا في واقعها. و ستبقى محرومة من التمتع بحقوقها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وسيزداد المستفيدون من الاستغلال استشراء، وسيتم نهب الخيرات لصالحهم، ولصالح الجهات الخارجية التي تقف وراءهم.

و لذلك، فالشغيلة على المستوى المحلي، إما أن تقاوم ما يمارس عليها محليا، وفي أبعاده المختلفة، وبواسطة النقابة المبدئية، والعمل النقابي المبدئي، وإلا، فإن الشغيلة، ستفقد القدرة على المقاومة التي تعتبر شرطها للمواجهة، من أجل القضاء على الاستغلال المادي، والمعنوي، بتحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.

وهكذا نجد أن تحيين الملف المطلبي، وملاءمته مع الواقع على المستوى العام، وعلى المستوى القطاعي، وعلى المستوى الجهوي، والإقليمي، والمحلي، يمكن الشغيلة من المعرفة الدقيقة بواقعها على جميع المستويات، وماذا يجب عمله في كل مستوى، وما هي المطالب ذات الأولوية على المستوى الوطني، أو الجهوي، أو الإقليمي، أو المحلي، لتزداد بذلك وعيا بالواقع، وبذاتها.