إعلان دمشق

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان من جماعة الإخوان المسلمين في سورية

(إعلان دمشق للتغيير الوطنيّ الديمقراطيّ) مُنطَلَقٌ للإجماع الوطني

يا أبناء سوريةَ الحرةِ الأبيةِ داخلَ الوطنِ وخارجَه..

إن ما يجري على ساحتنا الوطنية الداخلية، منذ أكثرَ من أربعة عقود، من انتهاكٍ لحقوق المواطنين، ومصادرةٍ للحريات الخاصة والعامة، وانتشارٍ للظلم والفساد، وما يحيطُ بقطرنا من تحدّياتٍ وأخطارٍ وتهديدات؛ يضعُ أبناءَ شعبنا جميعاً أمامَ مسئوليتهم التاريخية، ويجعلُ التغييرَ الوطنيّ الديمقراطيّ ضرورةً حتمية، ويحمّل جميع القوى الوطنية في مجتمعنا، مسئولية المبادرة للانخراط في المشروع الوطنيّ العام للتغيير السلمي الديمقراطي المنشود، فسوريةُ اليومَ في قوس الأزمة، ومجتمعُها مزّقتْه سياساتُ الاستبداد والإفساد، بعد أن كان مثلاً رائعاً لشعوب المنطقة في التلاحم والوحدة والحيوية المبدعة والإنجاز..

لقد حطّمَ الاستبدادُ بُنَى المجتمع، وأفسد المستبدّون كلّ مالم يقدروا على تحطيمه من مؤسسات المجتمع المدني، فعزلوا الشعب عن أيّ مشاركةٍ حقيقيةٍ في الحياة العامة، وألغَوا كلّ مرجعيات الرقابة وأدواتها، ليخلوَ الجوّ للفاسدين والمفسدين. ولقد أعرضت السلطةُ الحاكمةُ عن كلّ دعوات الإصلاح، وأصمّت آذانها عن كلّ النداءاتِ المخلصة التي انطلقت تدعو للتسامي فوقَ المصالح الذاتية والفئوية، وتقديم مصلحة الوطن العليا، في مرحلةٍ من أصعب المراحل التي يمرّ بها قطرُنا، وكأنّ خسارةَ الوطن وكرامة أبنائه لا تعني لهم شيئا، وها هم أولاء لا يزالون مستعدّين للمقامرة على حساب الوطن ومستقبله، ووحدة أرضه وإنسانه، مُقابلَ بقائهم متفرّدين في مواقعهم، يسومون شعبَنا سوءَ العذاب، ويسوسون وطننا بسياسات الفساد والإفساد والتنازل والإذعان..

يا أبناء سورية الحرة الأبية..

  لقد تبنّت جماعتنا مبدأ الحوار نهجاً أصيلاً مع كافّة القوى والتيارات السياسية، وأكّدت ضرورةَ العمل الوطنيّ المشترك، ودعت إلى وحدة الصفّ الوطنيّ، للنهوض بأعباء التحرير ومقاومة الاستبداد، والسعي لإيجاد البديل الوطنيّ الجامع، وذلك انطلاقاً من رؤيتها الشرعية ومسؤوليتها الوطنية، فأصدرَتْ ميثاقَ الشرف الوطنيّ في شهر أيار 2001، والمشروع السياسيّ لسورية المستقبل في شهر كانون الأول 2004، والنداء الوطنيّ للإنقاذ في شهر نيسان 2005، وأيّدت كلّ المبادرات الخيّرة التي قامت بها مختلف القوى الوطنية داخلَ سوريةَ وخارجَها، وأجْرَتْ مع معظم هذه القوى حواراتٍ مفيدة، ووصلت معها إلى توافقاتٍ وطنيةٍ ثنائيةٍ ومتعدّدة، يُعتبَرُ (إعلانُ دمشقَ للتغيير الوطنيّ الديمقراطيّ) الذي صدر في دمشق هذا اليوم، تتويجاً لها.

إنّ جماعةَ الإخوان المسلمين في سورية، إذ تعلنُ اليومَ تأييدَها الكاملَ لـ (إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي)، وانضمامَها إلى الموقّعين عليه، وتعتبرُه خطوةً متقدّمةً على طريق بناء الإجماع الوطنيّ العام، تمهيداً لانعقاد المؤتمر الوطني الشامل، ومدخلاً للتغيير الديمقراطيّ السلميّ في بلدنا الحبيب.. لتدعو كافّة القوى والشخصيات السياسية، والمنظمات والهيئات الوطنية، داخلَ الوطن وخارجَه، إلى الموقف الموحّد، والانضمام إلى هذا الإعلان التاريخيّ، لإعادة بناء اللحمة الوطنية بكل أبعادها.

يا أبناء سورية الحرة الأبية داخلَ الوطن وخارجَه..

إنه نداءٌ للتحرّر من الذاتيات الضيقة، ومن نوازع الخوف والكراهية والتوجّس التي أفرزتها سياسات المجموعة الحاكمة، واستجابةٌ لضروراتِ بناء المجتمع السوري الحيّ المتآخي، وبناء سوريةَ دولةً حديثةً لجميع أبنائها، دولةً إيجابيةً قوية، تشاركُ في صنع الحضارة والسلم والاستقرار. إنها للحظةٌ تاريخيةٌ لها ما بعدَها، نسألُ الله العليّ القدير، أن تكونَ منطلَقاً لمرحلةٍ جديدةٍ في تاريخ بلدنا الحبيب، يسودها الحرية والعدل والحبّ والتعاون والبناء.

(واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا..) (وقل اعملوا فسيرى اللهُ عملَكم ورسولُه والمؤمنون..) صدق الله العظيم.

لندن في 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2005          علي صدر الدين البيانوني

المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية

         

الأهداف :

ليس هذا الإعلان نهاية المطاف في العمل الوطني المشترك ، إنما بداية لمرحلة جديدة في عمل المعارضة السورية . نأمل أن تنتقل بنا من الواقع الحالي كمعارضات مبعثرة إلى واقع جديد ، يتمثل بوجود معارضة سورية مؤتلفة في حركة واحدة ، وموحدة حول برنامج مشترك .

متطلعين بأمل إلى المستقبل لتحقيق ما يلي :

العمل على تكوين ائتلاف وطني ديمقراطي واسع ،من أجل عملية التغيير وإقامة نظام ديمقراطي ، يحل محل النظام الشمولي القائم .

وضع برنامج مشترك للانتقال إلى النظام الديمقراطي ، يتيح للجميع حق التعبير والعمل والمشاركة ، للخروج من نظام الحزب الواحد إلى نظام تعددي حقيقي ، يوفر الحريات العامة للشعب ،ويؤمن تداول السلطة سلمياً . يتضمن البرنامج حرية الاعتقاد والرأي والتفكير والتنظيم للجميع على قاعدة المساواة التامة . ويدعو للانخراط في الرابطة الوطنية وتجاوز الحساسيات والعصبيات الطائفية وغيرها ، ويجعل المواطنة معياراً الانتماء .

اعتماد الديمقراطية كهدف وأسلوب عمل ، ضمن الحفاظ على حرية البلاد واستقلالها وصون سيادتها . بما يعني رفض الالتحاق بالقوى الدولية والانخراط في استراتيجياتها .

استراتيجية العمل :

حشد جميع القوى السورية ذات المصلحة بالانتقال إلى النظام الديمقراطي ، والتي تتوافق على الخطوط العريضة لبرنامج التغيير ، وتقبل الاختلافات والتباينات الموجودة وتحترمها . وهذا يفرض استمرار الحوار فيما بينها ، ومع القوى الاجتماعية الأخرى ، وتقبل النقد والملاحظات من منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية والشخصيات الوطنية . إننا نتطلع لمشاركة جميع القوى السياسية والاجتماعية والشخصيات الوطنية والثقافية للإقلاع في عملية التغيير . من هذا المنطلق ، بقي الإعلان مفتوحاً للجميع ، حتى لمن يقبل به من أهل النظام ، ولم يستثن أحداً . إنه تطلع إلى خط ثالث ، يقوم على إمكان تقدم شعبنا ليأخذ مصيره بيديه ، فلا يرضى باستمرار الاستبداد ، ولا يقبل التفريط بالسيادة الوطنية والاستقلال .

التفاهم مع جميع القوى العربية والدولية التي تتقاطع مصالحها مع مصالح شعبنا وحركة التغيير في سورية بالحوار ووفق توازن المصالح .

التأكيد على الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان .

تحديد سياسة التعامل مع الدول الأخرى على مبدأ المصالح المتبادلة .

إن وحدة الشعب واستقلال البلاد لا يكفلهما إلا التغيير الوطني الديمقراطي ، الذي يأتي محمولاً على قوى الشعب ومن خلالها .

وسائل العمل :

اعتماد الوسائل السلمية والديمقراطية المتاحة ، مثل التظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات وأشكال العصيان المدني الأخرى . مع نبذ العنف بكل أشكاله ومن أي جهة أتى .

يتوجه الإعلان إلى :

الرأي العام السوري ، إلى جميع المواطنين السوريين أولاً ، لإعلامهم بأن قوة جديدة قد ولدت للعمل من أجل التغيير. وأن بإمكانهم أن ينخرطوا في هذه العملية ، يقدمون الدعم والتأييد لها ، ويستمدون الأمل منها .

الرأي العام الخارجي ، للقول بأن سورية ليست قوقعة فارغة سياسياً . فقد ولدت بعد الاستقلال ، منذ ستين عاماً ، جمهورية ديمقراطية ذات نظام برلماني قائم على الانتخابات الحرة والتعددية السياسية وتداول السلطة . وهي تتمتع اليوم بوجود قوى شعبية لها تاريخ طويل في النضال الديمقراطي ، جديرة بالثقة ويمكن الحوار معها . وهي موحدة وراء شعارها الرئيس التغيير الوطني الديمقراطي . ولها برنامجها الذي يتلاقى مع روح التجديد في هذا العصر . يرفض الهيمنة والاستبداد والعدوان ، ويسعى إلى توطيد أسس السلم والعدالة والمساواة بين الشعوب ، ويمكن سورية من لعب دور عربي وإقليمي ايجابي وفعال .

* مداخلة ألقاها الرفيق جورج صبرة في المؤتمر الصحفي الذي تم فيه إشهار " إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي " في 16 / 10 / 2005

         

بيان من المجلس الوطني السوري

يعلن المجلس الوطني السوري تأييده وانضمامه إلى بيان فصائل المعارضة الذي صدر اليوم في دمشق، الموافق للسادس عشر من شهر تشرين الأول/ أكتوبر.  ويرى المجلس أن الإعلان عن هذه الوثيقة لهو دليل على نضج طروحات المعارضة الوطنية السورية، وبرهان على وحدة فصائلها الرئيسية، وخطوة هامة وجريئة على طريق التغيير الجذري والحتمي للنظام الاستبدادي الفاسد، وهو الهدف الرئيس للمجلس.  وإذ يرحب المجلس بدعوة إعلان دمشق إلى القوى الوطنية داخل النظام إلى الانضمام إلى صفوف الشعب وأخذ دورها الطبيعي في عملية التغيير، فإنه يرفض رفضاً قاطعاً التعاون مع الشخصيات والقوى التي ارتكبت جرائم بحق الشعب السوري.

واستمراراً للدور الذي لعبه المجلس في التواصل مع بعض فصائل المعارضة الرئيسية، والذي مر بالتوقيع على توافقات ثنائية وجماعية، وأثمر إعلان دمشق، استمراراً لهذا الدور يدعو المجلس جميع القوى والأحزاب والهيئات والشخصيات السياسية المستقلة السورية إلى الانتقال إلى الخطوة العملية القادمة المتمثلة في عقد مؤتمر وطني موسع يحول إعلان دمشق إلى برنامج للتغيير الديمقراطي، ويقدم بديلاً للنظام القمعي المتهاوي.

واشنطن، في 16 أكتوبر، 2005 

د. نجيب الغضبان

المجلس الوطني السوري