قرار الحكم الصادر بحق تيسير علوني

اللجنة الدولية للدفاع عن علوني

قرار الحكم الصادر بحق تيسير علوني

من المحكمة الوطنية الإسبانية في 26/9/2005

 آن الأوان الآن، كي ندخل في تحليل الأدلة التي تخص المدعى عليهم المقيمين في مدينة غرناطة وهم السيد تيسير علوني كات، وجمال حسين حسين، وحسن الحسين، والسيد محمد زاهر أسد وهو الذي ورد في نفس المدينة، في حين تم دراسة أدلته في سند قانوني أخر. المدعى عليه السيد/ تيسير علوني. وقد كنا قد تكلمنا عنه بشكل مكثف ضمن الحجة القانونية الموجهة ضد السيد عماد الدين بركات.

السيد تيسير ومهنته اقتصادي – صحفي فيما بعد-،  يحب السفر ومثقف، ومن خلال تصريحاته الجليّـة، مَـكّـن هذه المحكمة من أن تعلن وجود معسكرات لتدريب المجاهدين في أفغانستان بشكل ثابت وهو ما كان معروف وعلني وواضح. علاوة على أنه قد تم تـثـبـيـتـه من خلال الوثائق ومجموعة المعطيات التي كان قد تم ضبطها من طرف القوات البريطانية التي اقتحمت سنة 2001 هذه المعسكرات (من صفحة 35.671 إلى صفحة 35.679 من الجزء رقم 126 من ملف القضية).

بفضل تصريحات علوني،  فإن المحكمة قد وصلت إلى القناعة التامة والمطلقة عن اللذين أعطيناهما اسم "مصطفى" و"محمد" وماذا كانوا يمثلون. دون الاكتفاء بما قاله عنهما كل من السيدين/ عبدالله خياطة وكلج زويدي. إن الاثنين سابقي الذكر،  والمرتبطين بشدة بالسيد عماد الدين بركات جركس،  كانا مندمجين بشكل كامل في الشبكة الإرهابية "القاعدة"، إلى درجة أن المفـتـش العام من وحدة الجرائم(UCIE) ورقم هويته 14،620 كان قد صرح بأن ما بين بركات جركس وأسامة بن لادن لم يكن هناك سوى درجة واحدة، وكان يشغل هذه الدرجة السيد مصطفى.  إن تصريحات السيد علوني كات،  والمسجلة ضمن السند القانوني لبركات جركس،  باقترانها مع عناصر برهانيه أخرى، قد دفعـتـنا لتسجيلها ضمن رواية الأحداث،  كوقائع ثابتة وذلك حين قال: "وهكذا، فقد تم في بلدنا تأهيل مجموعة من الأفراد الذين شكلوا خلية إرهابية إسلامية متعاطفة مع شبكة القاعدة."

 من المستحسن الآن التعـمق في طبيعة الوقائع الجنائية التي ارتكبت من قبل السيد تيسير علوني، هذه الوقائع من الممكن تحديدها بشكل أساسي بسبب تقديم الأخير العون للسيد مصطفى والسيد محمد، مع علمه المسبق، بأنهما أعضاء في تنظيم القاعدة. وبناءً عليه، وبسبب هذا الظرف بالتحديد، كان له أن تمكن عن طريق الأشخاص سابقي الذكر من الوصول لإبن لادن.

حاول المدعى عليه تبرير علاقته بمن أسميناهما مصطفى ومحمد،  على أنها علاقة مبـنية على كونهما مصدر للمعلومات حول نشاطات تنظيم القاعدة وتوابعه والعالم الراديكالي الإسلامي. هذا وقد أكد لنا بأن السيد مصطفى لعب دور الوسيط مع حكومة طالبان في أفغانستان كي تسمح للسيد تيسير بفتح فرع لمحطة تلفزيون الجزيرة التي يعمل لديها.

من فحوى تصريحاته، يمكن استخراج ما يلي، وهو أن السيد علوني كات كان على علم مسبق بأن كل من مصطفى ومحمد كانا معروفين بـإنـتمائـهم كأصوليـيـن لشبكات إرهابية إسلامية، وضمن هذا السياق، يقيمهم المدعى عليه "كمصادر معـلـوماتـية". إلا أن هذه المعـلومة وحدها غير كافية لتوجيه تهمة التعاون مع منظمة إرهابية إلى السيد علوني كات، حيث أنه من الصحة بمكان، القول بأنه لمن الحقوق الأساسية حق نقل وإستلام المعلومات الصادقة بكل حرية وعن طريق أي وسيلة للنشر (مادة رقم 20،8 د {D} – سي أي CE ( فهذا يضعف من قيمة دلائـل الحجة الاتـهامية، بل وقد يحرمها من زخمها. إلا أن السيد تيسير علوني كان قد تعرف وإرتبط بعلاقات وثيقة مع مصطفى ومحمد قبل عمله مع تلفزيون الجزيرة، وعندما لم يكن موثق له أي نشاط صحفي (كان يعمل كمترجم في وكالة الأنباء الإسبانية EFE). هذا وقد تم تقدمه المهني بطريقة تعاكس ما كان قد صرح بها هو، وهي أن تلفزيون الجزيرة يعاقد السيد/ تيسير علوني بعد فترة طويلة من علاقته مع الشخصين سابقي الذكر ومع باقي المدعي عليهم من الإسبان والمنتمين للخلية التي يتم محاكمتها اليوم.

إن جدارة تيسير الصحفية قبل إجراء المقابلة مع ابن لادن  -علاوة على عدم توثيقها- لا يمكنها أن تكون سببا كافيا لكي تتعاقد معه محطة تلفزيونية تملك قدرة إعلامية غير عادية داخل العالم العربي، وهي محطة تلفزيون الجزيرة والتي يقع مقرها الرئيسي في دولة قطر. علاوة على ذلك، وفرضاً انه كان صحيحاً بأن كل ما فعله في أفغانستان كان لغرض الحصول على موافقةٍ  لطلبه في مقابلة بن لادن (وهي نظرية المدعي عليه التي لا تـقـنع المحكمة)، وإذا كان قد نجح في الحصول على هذا الهدف مستخدماً وسائل غير قابلة للمعاقبة من منطلق القانون الجزائي، فمن المستوجب إحترام ذلك على أنه مؤشر لكفاءته. ولكن، حين يكون قد حصل على ذلك بعد أن قام بأعمال جنائية قبل القيام بهذه المقابلة، فإن على هذا المهني أن يتحمل الأعباء التي يضمن قانون الجنائي محاسبته عليها وعلى الأعمال التي قام بها وهي الواردة ضمنياً في نص القانون.

هذا ما جرى لتيسير، إن الأدلة التي تحيط به نابعة من تصريحاته هو نفسه وهي التي قد تم فحصها بشكل موسع. إن تلك التصريحات التي تم سردها في ملف القضية في الثامن من أيلول لسنة 2003 (من صفحة رقم 34،301 إلى صفحة رقم 34،364) وفي جلسة المحاكمة (خلال دورتي الصباح والمساء ليوم السادس عشر من أيار الماضي- رقم 16 و 17)، نعود إليها الآن لتحليلها بتعمق أكبر حتى لا يبقى أي نوع من الشك حول ما هو آت:

1)     أن "مصطفى" و "محمد" كانا ينتميان لشبكة إرهابية تدعى القاعدة، وهو ما كان معلوم ومؤكد لدى السيد تيسير علوني.

2)     أن هذا الصحفي، وبسبب تحفزه للحصول على معلومات دسمة حول تلك الشبكة، قدم يد العون إلى الشخصين المذكورين  مقابل  الحصول على المعلومات التي كان يحتاج إليها.

السيد تيسير في البداية كان مصراً على أن هؤلاء الأشخاص (مصطفى ومحمد)، حسب اعتقاده، لم يكونا منتميين للقاعدة، ولاحقاً، بقيت تلك الأقاويل منفية من قبله. فقد كان قد قال عن مصطفى بأنه مجرد معارض للنظام السوري أثناء إقامته في إسبانيا. وقد أقام في مدينة مدريد أولاً، أما تيسير، فقد كان يقيم في غرناطة حيث ذهب ليعيش هناك لاحقاً السيد مصطفى وحيث كانا يتصادفان من وقت لآخر ضمن حفلات العشاء، وفي الدعوات وفي إحتفالات الأعياد (صفحة رقم 34،305). كان تيسير يحاول شرح طبيعة علاقته بمصطفى على طريقته، وكان يقول بأن ما كان بينهما هو: "تبادل للآراء حيث أننا من نفس الجالية وآمل أن يتفهم حضرة القاضي خصوصية العلاقات بين أفراد الجالية العربية، فمن الطبيعي أن يطلب شخص عربي تمضية ليلة هو وعائلته في داري، وأن يقول.. أنظر لقد مررنا من هنا و.. قد فكرنا بتمضية الليلة هنا.. فأنا أدعوه.. لا يمكن رفض ذلك.. وبهذا الشكل تتطور العلاقات فيما بيننا." (صفحة رقم 34،306). إلا أن المدعى عليه اعترف بأنه كانت له علاقة متواصلة بالسيد مصطفى، وحتى حين ذهب ليعيش في مدينة لندن، كانت بينهما عدة اتصالات هاتفية وقد زاره في بيته. وكان يعلم بأن هذا الشخص يعمل هناك  كمدير لمجلة الأنصار (صفحة رقم 34،307)، وكان يعلم بأنه انتقل بعد ذلك لأفغانستان للإقامة في كابول وحيث تمكن من العثور عليه هناك ليجري معه مقابلة صحفية لتوضيح بعض الشائعات التي نشرت في إحدى الصحف اللندنية حول موضوع أن السيد مصطفى كان يدير عملية انشقاق عن تنظيم القاعدة. إن المقابلة حدثت، وقد تحدث عنها السيد تيسير بقوله: "حيث قمت بنقل تلفزيوني مباشر على الهواء أجابني. . قال أنه لم يقم بأي إنشقاق "لأنه كي يكون هناك إنشقاق، فيجب أن أكون داخل التنظيم أولاً، وأنا لست كذلك". "علاقتي ليست بسيئة بأسامة بن لادن ولكني لا أنتمي لتنظيم القاعدة، لذا، فإن كل ما جاء في  صحيفة التايمس  TIMES هو مجرد متناقضات." (صفحة رقم 34،308) .

عندما قرر تيسير أن ينتقل لأفغانستان ليمارس هناك مهنته كصحفي وكمراسل لقناة الجزيرة، قام بالاتـصال بمصطفى، حيث قال في معرض حديثه: "لقد كان في ذاك الوقت يقيم في مدينة تيساو، وقد قال لي نعم، أنه من المستحسن إن تأتي  إلى هنا وأنا سأسهل عليك الأشياء وأقوم بتقديمك لبعض الشخصيات من حركة طالبان و .. و .. بناءً على ذلك، قررت بأن أغامر.. لقد كان عملٌ مغامر ولكن.." (صفحة رقم 34،312). كما أنه أقر بأن المدعو مصطفي كان يقود معسكراً للتدريب أسمه "قرجه" حين قال: "كان الناس يتحدثون عن ذلك" (صفحة رقم 34،314). أمام جلسة المحكمة،  أعطي السيد تيسير معلومة هامة حين أجاب على سؤال للمدعي العام وقال بأنه كان قد قدم طلب لمقابلة بن لادن إلى أحد الموظفين في نظام حركة طالبان، وقد كان مصطفى حاضراً، وكان قد أخبره الموظف بأن عليه أن يقدم الطلب موجهاً لوزارة الخارجية.  إن النتائج التي يمكن استنتاجها، لا يمكنها أن تكون إلا ما يلي:

_ أن العلاقة بين تيسير- مصطفى – شخصيات من حركة طالبان – أسامة بن لادن تظهر بشكل واضح وبحيث يمكننا التأكيد أن المقابلة الصحفية التي قام بها تيسير لإبن لادن، قد سعى لها السيد مصطفى وهو الذي عرّف السيد تيسير على شخصيات من حركة طالبان.

_ أن انتماء مصطفى للشبكة الإرهابية لتنظيم القاعدة واضح بضيائه الخاصة به، حيث أقر السيد علوني خلال جلسة المحكمة بأن المذكور أعلاه كان قد نشر كتاباً عنوانه "الحركة الدولية للجهاد"، وأنه اعترف في الكتاب بانتمائه لتنظيم القاعدة بين عامي 1988 و 1992 ، وقد أضاف تيسير قائلاً: "ولكنه لم يعد كذلك، لأنه يأخذ على تنظيم القاعدة بأنه قد دمر الحركة الجهادية." في السند القانوني الموجه لتحليل الأدلة حول السيد بركات جركس، كنا قد قلنا بأن هذا الإصطلاح "ولكنه لم يعد كذلك" يعتبر غير قابل للتصديق إذا أخذنا بعين الإعتبار مسيرة هذا الرجل الذي انتقل إلى مدينة لندن سنة 1995 ليدير مجلة الأنصار، وهي لسان حال المنظمة الإرهابية "المجموعة الإسلامية المسلحة"

(  .(GIAبعد ذلك، يظهر في أفغانستان، وهو يقود معسكراً لتدريب المجاهدين وبعلاقة ثابتة مع قياديي حركة طالبان.

فيما يتعلق بمن نطلق عليه اسم محمد، فقد صرح تيسير أمام المحكمة في الثامن من أيلول لسنة 2003 بأنه كان يعرفه بإسم أبو غالب وقال:"لقد بدا لي هو وزوجته أناس طيبين، وقد جاء لزيارتي وكان يبحث عن شقة هنا كي يقيم. أمضى ليلة أو ليلتين في منزلي وبعدها استقر في غرناطة، استأجر شقة وعمل مع سيتماريان ((Setmarian في متجر لمنتجات حرفية بشارع ليريا. أنا ساعدته فيما إستطعت به، في البحث عن الشقة، وفي الترجمة لبعض الأمور العقارية ولا شيء أخر، بالطبع كنا نتبادل الآراء فيما يتعلق بالشؤون السياسية وخلافه من الأشياء الأخرى المستجدة." (صفحة رقم 34،324). وعندما سأله المدعي العام : "هل كنت تعلم بإنتماء هذا الشخص لتـنـظيم القاعدة؟"  جاوبه تيسير:"لا، لا. إلا انه كانت له علاقة وثيقة مع سيتماريان." ومع ذلك،  فقد اعترف بأن كل من محمد ومصطفى كانا صديقين  حميمين خلال فترة تواجدهم في أفغانستان، وكانا يحضران معاً  كثيراً من المرات إلى مكتب الجزيرة في أفغانستان ليسلموه البيانات وكان ثلاثتهم يتبادلون الآراء حول الأوضاع وذلك حين حدد بدقة السيد تيسير بقوله:"لقد كنت أغتنم الفرصة لاستخراج المعلومات منهم حول طالبان وحول القاعدة أو تنظيمات أخرى.." (صفحة رقم 34،325).

قد يبدو من الغرابة أن يكون صحفياً، بحجم تيسير علوني، يستنفع من معلومات حول النظام الطالباني وشبكة القاعدة، يقدمها له شخصان بريـئـان  كان قد تعرف عليهم قبل سنوات عديدة في مدينة غرناطة. لولا أن التفسير الحقيقي لذلك الاستنفاع قائم على أساس كفاءة محمد و مصطفى حول الأمور سابقة الذكر، ولأنهم كانوا يشكلون جزءا من القاعدة معتبرين أنفسهم مصادر متميزة للمعلومات بالنسبة لتيسير، وهو ما كان ينتفع منه بشكل اعتيادي. و مع أن تيسير كان يتحفظ عن الحديث حول علاقته بمصطفى حين كان يقيم في غرناطة، إلا أنه تحدث  بشكل أوسع و أجلى عن علاقته مع محمد، ففي تصريحه أمام المحكمة اعترف بما يلي:

1)     أنه كان قد ساعد محمد على إيجاد مسكن له.

2)     أنه كان قد دونه كما لو كان قاطن في منزله الواقع في شارع/ بساخس دي تيبه رقم 9 الطابق الثاني، شقة رقم 3 في مدينة غرناطة، كما أنه سجل رقم هاتف منزله وذلك لتسهيل حصول السيد محمد على تجديد لبطاقة إقامته الدائمة في إسبانيا، حيث أن البطاقة التي كانت بحوزته كانت قد قاربت على انتهاء صلاحيتها.

3)     أنه كان قد سلمه في أفغانستان مبلغ 4000 دولار، وبهذا الخصوص، قال السيد تيسير وهو يقصد الحديث عن المساعدة الأولية:"لقد ساعدته بقدر ما استطعت، للبحث عن شقة، وترجمة بعض الأشياء.." (صفحة رقم 34،324)، وحول المساعدة الثانية قال:"وبهذا الشأن قدمت له يد العون أيضاً، إن هذا صحيح.." (صفحة رقم 34،325). فيما يتعلق بتقديم مبلغ 4000 دولار الذي سلمه له في أفغانستان، قال السيد علوني بأنه لا يذكر التفاصيل إلا أنه وافق على أنه قام بفعل ذلك:"لقد سلمته المبلغ وهذا ليس بالشيء السيئ، ما هو سيئ فعلاً أن تقول.. اسمع.. مبلغ مالي لعائلة فلان.. إن أنت رفضت فعل ذلك، فهذا شيء ينظر له بالفعل السيئ.. علاوة علي ذلك، أنا كان لي مصلحة مع هؤلاء الأشخاص للحصول علي المعلومات التي أنا بحاجة لها.." (صفحة رقم 34،327).

هنا تظهر من جديد مصلحة تيسير للحصول علي معلومات من هؤلاء الأشخاص، وهو كأنه يريد أن يفهمنا، بأنه ومن أجل إرضاء هذه المصلحة، قام بفعل ذاك المعروف للسيد/  محمد. إن ما هو غير قابل للنقاش هو أن المساعدة التي قدمها السيد/ علوني لمحمد حين وفر له مسكنه ورقم هاتفه كي يستطيع أن يجدد تصريح إقامته في إسبانيا، كان حاسماً لأن محمد حصل بعدها علي التصريح. علينا أن لا ننسي بأن محمد في ذلك الوقت، كانون الثاني لسنة 1998، كان في الواقع يعيش في تركيا، و كان بالنسبة له من الأهمية بمكان بأن يبقي مسجلاً كمقيم في إسبانيا، ولقد سهل عليه تيسير هذا الطريق. علاوة علي ذلك، فإن تسليم محمد مبلغ 4000 دولار في أفغانستان، كان بمثابة مساعدة كبيرة بالنسبة له.

السيد/ علوني صرح أمام جلسة المحاكمة بأنه فقط كان قد أرسل إلى عائلة أبو خالب مبلغ 4000 دولار حين غادرت العائلة تركيا علي عجل بعد الزلزال، وأن هذا المبلغ الذي سلمه في أفغانستان (4000 دولار) للسيد/ محمد، كانت قد استلمته مسبقاً زوجته في غرناطة، وعليه فإن هذا المبلغ يخص السيد/ محمد. إن محامي الدفاع للسيد/ علوني قد اجتهد كثيراً من أجل توثيق هذه الأطروحات، وقد أصر أن مبلغ أل 4000 دولار كان مصدرهم دَينٌ لحق السيدة سوسن كلج، وهي أخت المدعي عليه السيد محمد كلج زويدي، وقد كان هذا الدين علي شخص ثالث. إن هذا الموضوع ليس له أي أهمية في الحقيقة، لأنه ما هو مهم و جوهري في الموضوع هو "المعروف" الذي قام به السيد علوني للسيد محمد حين وفر له المبلغ المالي وهو متواجد في بلد بعيدة، كان من كان صاحب هذا المبلغ.

السيد علوني أمام جلسة المحاكمة وعند إجابته على أسئلة محامي الدفاع صرح بأن محمد كانت أوضاعه المادية جيدة، وأن زوجته تملك ثروة لا بأس بها، وأن عمله كان جيداً. وهنا نريد أن نتساءل، ما هو هذا العمل الذي يتقاضى عليه أجره في أفغانستان؟ ومن ناحية أخرى، أن تكون زوجته غنية فهذا لا يعني بأن السيد محمد وهو متواجد علي بعد آلاف الكيلومترات، قد لا يعاني من إحتياجات مادية. ولكن، وعلاوة على كل ذلك ، فلقد توسط في عملية تسليم المبلغ السيد عماد الدين بركات جركس – وهو الذي يظهر دائماً في كل المشاهد- كما تدخل كل من المدعي عليهم السادة/ محمد زاهر أسد ( وهو المقرب من تيسير)، و جمال حسين حسين. في حيثيات السند القضائي الموجه بحق السيد/ زاهر تم تدوين ما يلي:

"زاهر أسد صرح أثناء المحاكمة وبكل وضوح بأنه في الحادي والعشرين من كانون الثاني/يناير كان قد اتصل به هاتفياً من مدريد السيد/ بركات جركس، وأشار عليه بأن يذهب إلى مستودع السيد/ جمال حسين، وهناك سيسلمه مبلغ أل 4000 دولار الذي عليه أن يسلمهم إلي زوجة السيد/ علوني كات في منزلهم، وهو ما فعله على الفور، فذهب إلى مستودع أبو علي، حيث قال و بتحديد:"هذا الذي يجلس خلفي" وهو يؤشر علي السيد جمال حسين الذي كان جالساً علي مقعد المتهمين خلفه بالضبط. وبعد تسلم المبلغ، قام بـِعَدِه وسلّمه إلى زوجة السيد علوني."

السيد تيسير علوني يوصف كل هذه التصرفات علي أنها عادية، وهي من طبع الكرم عند المسلمين حيث ليس من اللائق رفض القيام بعمل معروف. ولكن ما هو واضح، هو أن مساعدة أفراد يقومون بأعمال إرهابية يشكل تصرفاً جنائياً، وأن كل من مصطفى ومحمد كانا إرهابيين حيث أنهم كانا ينتميان لشبكة القاعدة، وهي التي تمارس نوع من الإرهاب الشنيع، وهو ما لا يحتاج لإثباتات فهو علني وجلي.

في الجزء السادس صفحة رقم 2 من رواية سرد الأحداث الثابتة بحق السيد/ محمد زاهر أسد، كنا قد حددنا بأن المدعي عليه سابق الذكر قد حصل على المساعدة اللازمة من السيد/ تيسير علوني كات، وحيث تمكن بفضل مساعيه أن يحصل على تصريح إقامة شرعية في مدينة غرناطة، كما سهل له الحصول على عمل في البداية حتى يتسنى  للوافد الجديد تغطية نفقاته. أمام جلسة المحاكمة، حدثنا السيد/ علوني كيف تعرف على السيد/ زاهر وقال: "لقد تعرفت عليه في قسم الحوادث في مستشفى غرناطة أواخر عام 1998 ، وقد عرفني هو بنفسه عن طريق مكالمة هاتفية قائلاً بأنه من سوريا، وأنه داخل وحدة المتابعة في قسم الحوادث لمستشفي غرناطة. ذهبت إلى المستشفى وأخبرني الطبيب بأن حالته جيدة، وسألت المختصين فقالوا بأنه على ما يرام. مضى ليلة واحدة في منزلي. كان قد عاش لسنوات في مدينة مدريد ولكنه مؤخراً لم يكن موفقاً في عمله، فحرفته هي النجارة، وفي اليوم التالي رحل. بعدها بمدة إتصل بي كي أقوم بترجمة مقابلته لإحدى مصانع النجارة." (جلسة محكمة رقم 17 في الدورة الصباحية ليوم 16 أيار الماضي).

كان السيد تيسير يساعد بفاعلية السيد زاهر أسد من خلال إنجاز المساعي الضرورية حتى يحصل على إقامة شرعية في مدينة غرناطة، كما أنه وفر له مكان عمل في بداية تواجده هناك كي يتسنى له من تغطية نفقاته، وهي تصريحات كان قد إعترف بها بوضوح كامل أمام المحكمة (صفحة رقم 34،326)، كما أن السيد/ زاهر أسد كان قد أقر بها من خلال تصريحاته أمام المحكمة في 16 – جلسة رقم 17. و السيد/ علوني كان علي علم بأن زاهر ينتمي للمجموعة التي يترأسها بركات جركس، ليس لأننا على مقدرة لأن نعلن الآن بأن السيد/ تيسير كان  يعلم بأن زاهر كان قد إنتقل إلى معسكر لتدريب المجاهدين في مدينة زينيكا. فنحن لم نفعل ذلك لعدم توفر البراهين الكافية لدعم حقيقة الفقرة سابقة الذكر، ولكنه كان يعلم بذلك لأن زاهر كان يسلمه أشرطة فيديو تعكس أعمال المجاهدين في البوسنة (صفحة رقم 34،318)، وعندما كان بركات يسافر بتكرار لغرناطة، كان يجتمع بتيسير، وجمال حسين، وحسن الحسين، وزاهر أسد  وهو ما قد تم الإقرار به من قبلهم جميعاً. ولكن لماذا؟ يقول تيسير بأنه بسبب كرم الضيافة. أما حسين والحسين وزاهر فقد أقروا بأنهم كانوا يذهبوا لشراء بعض المنتجات وأشياء من هذا القبيل.

إلا أن المحكمة، واعتماداً على الكثير والكثير من المعلومات المتوفرة، وصلت لاستنتاجاتها الخاصة والمبنية على الحس العقلاني المشترك، فبعد سماع كل ما تم الإستماع إليه، يبدو أن هذا الحس هو أقل حسٍ مشترك. فالسيد تيسير علوني لم ينتم للمجموعة التي يرأسها بركات، ربما لأنه كان يشعر بأنه في موقع أرفع منه، إلا أنه تعاون مع هذه المجموعة وساعد زاهر أسد، وفوق كل هذا، فهو ساعد بشكل محدد كل من مصطفى ومحمد وهم أفراد ينتمون إلي القاعدة، إلا أنهم و بنفس الوقت، اندرجا ضمن مجموعة بركات جركس، متموقعين على مستوى أعلى منه داخل الشبكة وهي التي على ما يبدو معقدة التركيب. ولقد ساعدهم تيسير، وهو لم يفعل ذلك بشكل مجاني كعمل معروف يلزم على كل مسلم القيام به لصالح إخوانه، وإنما كان  له غرض الحصول على السبق الصحفي ومعلومات وافرة حول تنظيم القاعدة والنظام الطالباني الذي كانت تشكل أراضيه  مهداً للقاعدة. وكما أن الحقيقة المعلوماتية، ككل الحقائق، لا يمكن الحصول عليها بأي ثمن، فإن السيد تيسير علوني حين أراد الحصول على الحقيقة مساعداً أفراداً بحجم مصطفى ومحمد قد قام بإرتكاب جناية التعاون مع منظمة إرهابية، وهو ما يحاسب عليه الآن.

إن الوقائع التي تم البت بها على أنها وقائع ثابتة، تصنف ما جرى كجناية للتعاون مع منظمة إرهابية تم ارتكابها من قبل المدعى عليهم الذين دون أن يكونوا منتمين لهذه المنظمة، إلا أنهم قاموا بالتعاون معها، وهو ما جاء وارداً في المادة رقم 576 من قانون العقوبات. إننا نعني:

بأن السيد تيسير علوني كات الذي ساعد من أطلقنا عليهم أسماء مصطفى ومحمد، وهو على علم بإنتمائهم للقاعدة، وكان يؤويهم في منزله عند مجيئهم إلى غرناطة، وكان قد قيّد اسم السيد/  محمد كشخصٍ قاطنٍ في منزله عندما كان يقطن في تركيا حتى يتسنى له تجديد بطاقة إقامته الدائمة في إسبانيا، وكما أنه سلم نفس المعني السيد/ محمد، مبلغ 4000 دولار في شهر آذار لسنة 2000 حين كانا في أفغانستان.

نحن نبرئه من تهمة الانتماء لمنظمة إرهابية، ولدينا القدرة على الحكم وبناءً عليه نحكم على مرتكبي جناية التعاون مع منظمة إرهابية، التي تم تصنيفها، ودون أن يتلاقي الحكم مع الظروف التعديلية حول المسئولية الإجرامية، بما يلي:

الحكم علي السيد/ تيسير علوني كات، بعقوبة السجن لمدة سبع سنوات، وعلى دفع غرامة مالية قدرها خمسة يورو يومياً ولمدة عشرين شهراً، وبعقوبة إضافية خاصة يتم حرمان المتهم على أساسها من حقه في التصويت في الإنتخابات طول فترة الحكم.

ترجمه من اللغة الإسبانية/ جمال حلاوة (اللجنة الدولية للدفاع عن تيسير علوني)

طليطلة في 1/10/2005