مأساة مجاهدي خلق .. في معسكر أشرف بالعراق
مأساة مجاهدي خلق ..
في معسكر أشرف بالعراق
عبد الله خليل شبيب
جماعة مجاهدي خلق جماعة إيرانية معارضة منذ زمن الشاه ..وقد قدمت تضحيات كثيرة في سبيل مبادئها ومواقفها – أيا كان رأينا أو رأي غيرنا في تلك المباديء والمواقف .
واستمرت معارضة الجماعة للنظام بعد زوال عهد الشاه ومجيء نظام الثورةالإسلامية ..
وبالطبع استمر الصدام بين الجهتين .. وتشتت الجماعة في أنحاء الأرض
.. وكان من الطبيعي أن تستغل جماعة مجاهدي خلق التناقضات والخلافات في المنطقة .. وسرعان ما وجدت لها ملاذا قويا في ظل العهد السابق في العراق خصوصا بعد احتدام الخلاف بينه وبين إيران التي شن عليها حرب السنوات الثماني العجاف .. بلا هدف مقنع ولا طائل ..وبدون مبررات مقبولة أو مقنعة .. وحتى الحجج المعلنة .. تم التنازل عنها بسهولة فيما بعد !
.. ولما جاء الغزو الأمريكي للعراق وجدت جماعة مجاهدي خلق نفسها في وضع شديد الحرج .. حيث أن أكثر [ مستدرجي الغزو ومؤيديه ] تربطهم بإيران علاقات متينة وعضوية قوية .. وبالتالي فهم ضد كل من يعادي نظام الثورة الإسلامية في إيران .. فحاولت الجماعة تأمين نفسها .. وأخذت بعض الوعود والتعهدات ..من العهد الجديد ومن المحتل .. وخضعت – مضطرة – للشروط التي فرضوها عليها ..وتقوقعت في معسكر أشرف الذي هو أشبه بمعسكر اعتقال ..
وما إن هدأت الأمور نسبيا ..وخفت المقاومة ضد المحتلين ونظامهم ..حتى استدارت الحكومة العراقية .. – بغض نظر قوات التحالف والأمريكان المحتلة والمتعهدة للمنظمة بتركها في سلام مادامت لا تخالف الشروط المفروضةعليها .. ومنها ألا تعمل ضد إيران أي عمل عسكري ..إلخ
.. واستعرضت حكومة المالكي عضلاتها على المنظمة وهاجمت معسكر أشرف الذي انحصر فيه أفرادها وقواتها.. وقمعت بعض المظاهرات ..التي انطلقت احتجاجا على الظروف غير الإنسانية التي وصل إليها حال [ المحتجزين ] حيث ساءت أوضاعهم المعيشية .. وشح الماء والطعام وغيره لديهم ..وحوصروا حصارا خانقا ومهينا .. مما دفعهم للاحتجاج .. فتدخلت القوات العراقية ..وقمعت احتجاجهم بعنف بالغ أدى لسقوط عدد من القتلى والجرحى ..وجرت عدة اعتقالات واختفاءات ..إلخ وحاول مجاهدو خلق الاستغاثة بأي أحد من منظمات حقوق الإنسان ..أو حتى الاحتلال ..أوأية جهة تساهم في حمايتهم من بطش السلطة العراقية
.. ولا زالت أوضاعهم صعبة للغاية .. وقد أصمت سلطات الاحتلال آذانها .. ولم تف بتعهداتها لهم على ما يبدو .. كما يبدو أن لإيران دوراً قوياً في التحريض على ما حصل لهم ..
..ومرة أخرى – بغض النظر عن موقف أي أحد من تلك المنظمة .. فإن معاناة أفرادها – وفيهم عائلات وأطفال ونساء .. لا بد أن تلفت نظر الجهات الإنسانية ..ولا بد أن يوضع حل لهؤلاء المشردين والمحصورين في مخيم أشرف بالعراق خاصة .
.. وأولى تلك الجهات التي يجب أن تتحرك – ولو بدافع إنساني – لحل مشكلتهم وإخراجهم من ورطتهم ..هم خصومهم الرئيسيون ( الحكومة الإيرانية ) .. التي من المفترض أن يدفعها مبدؤها الإسلامي .. للبحث عن التفاهم ..والوئام والعفو .. حيث أن هؤلاء مواطنون إيرانيون لهم الحق في وطنهم – كغيرهم - .. ويمكن دخول أطراف محايدة ليتفاوض الطرفان ويتفاهما على حلول وسط ..تضمن أن تعود الجماعة وأفرادها إلى وطنهم – ولو كمعارضين سلميين – تحت ضمانات وحدود وشروط معينة- إلا إذا كانت السلطة الإيرانية ترى رأيا آخر ..أو لديها بعض التحفظات ..أو الأدلة على جنايات لا بد أن يحاسب عليها أصحابها !
وحتى هذا الأمر يمكن التفاهم عليه ..إذا صدقت النوايا ..وتصرف النظام الإسلامي بروح إسلامية حقة ..وبترفع عن الأحقاد والثارات ..
ومما يجب أن يدفع النظام الإيراني إلى التماس حلول وسط ..ما آل إليه وضعه بعد الانتخابات الأخيرة ..حيث توسعت المعارضة له واشتدت ..ورفعت أصواتها ..ومنها ( أعمدة رئيسة من مكونات النظام ) ..ولا يمكن أن يُجمِع كل هذا العدد الضخم على باطل ..أو أن تكون ( ثورته ) بدون أسباب جوهرية !
فالدولة الإيرانية الآن – وفي هذه الظروف بالذات – داخليا وخارجيا – بحاجة ماسة لتقلل أعداءها وتزيد أنصارها .. ولا تعطي خصومها مزيدا من الحجج والمماسك التي يزيدون بها ضغطهم عليها .
.. وما كان ينبغي للحكومة العراقية أن تبطش [ بضيوفها ] كل ذلك البطش .. حتى لو طلبت منها إيران ذلك ..
.. وما هكذا عوَّد العراق ضيوفه ! بل كان طيلة الزمن مضيافا كريما .. يمد يده للمستجير والغريب والمستغيث والملهوف ويرعى الجوار أكمل رعاية كما هي التقاليد العربية أصلا والإسلامية كذلك .. فهل غير العراق تقاليده العربية ؟!
..
أما قوات الاحتلال والغزو ..فهي – بداهة – معادية للجميع ..ولا يهمها إلا ما يسهم
في تحقيق أهدافها التي هي ضد الوطن وأهله وكل ما يتعلق بمصالحه ..التي غالبا ما
تتعارض مع الاحتلال .. من حريات وحقوق ومقومات وثروات .. يطمع المحتل في السطيرة
عليها وسلبها من أصحابها الشرعيين ..ولا يمانع في إلقاء [ بعض الفتات] مما ينهبه ..
لأُجَراء محليين مؤقتين ..يحمون مطامعه وجنده ويشكلون مقدمة لهم وسورا واقيا لحفظهم
!
.. على أية حال .. لابد أن تجد الجهات المعنية ( إيران و العراق ) حلا لمنظمة
مجاهدي خلق .ولأفرادها المشتتين والمشردين والمحاصرين في مخيم أشرف خاصة ..
..وعلى الأمم المتحدة والجهات الإنسانية أن تتدخل لحمايتهم كبشر من بني الإنسان لهم حقوق كحقوق أي إنسان .. !
لقد قامت بعض الجهات الغربية والأوروبية ببعض الجهود – وإن كانت منقوصة وغير بريئة غالبا .. لكنها بداية لا بد أن تزيد حتى تكف [ حكومة الاحتلال العراقية ] عن تنكيلها بضيوف العراق !
.. همسة أخرى لإيران ..وحكومتها وثورتها الإسلامية : لماذا كل هذا البطش والتنكيل بعرب إيران في مقاطعة ( عربستان أو الأهواز ) حيث تحكمها الدولة الإيرانية حكما شبه عرفي أو عسكري .. وتنكل بمواطنيها العرب ! وتهضم حقوقهم .. وتهمل الخدمات في المنطقة إهمالا كبيرا بالرغم من أنها مصدر لكثير من الثروة النفطية للدولة الإيرانية .. ..وما هكذا تفعل الدول العادلة والنظم الإسلامية التي من المفروض أن تتعالى على الأحقاد والعصبيات المنتنة وتعطي لكل ذي حق حقه إن أرادت أن تكون للمسلمين جميعا وليس لجنس معين أو عنصر خاص أو قومية واحدة !