حقيقة ما جرى في الثمانينات
حقيقة ما جرى في الثمانينات
خالد الأحمـد*
وقـع صراع مسلح بين والسلطة السورية ، استمر طوال النصف الثاني من عقد السبعينات والنصف الأول من الثمانينات ، ذهب ضحيته عشرات الألوف من المواطنين معظهمم من الشباب المسلم ، ثم النساء والأطفال والشيوخ ، وبضعة ألوف من الجيش والقوات المسلحة ، كان المفروض أن تقاتل الصهاينة في الجولان وتسترده منهم ، وسجنت السلطة عشرات الألوف أيضاً قتلت منهم بضعة عشر ألفاً داخل سجن تدمر الصحراوي . ومازال سبعة عشر الفاً من المفقودين ، كما شرد مئات الألوف عن وطنهم ومازالوا يقاسـون الغربـة والمحنـة ، هـم وأولادهم وأحفادهم ، ثلاثة أجيال مشردة من السوريين .
حتى تقول وزيرة المغتربين الحالية : أن عدد السوريين الحاليين ، والذين هم من أصول سورية ، ويعيشون خارج سوريا ، يساوي عدد سكان سوريا الحالي .
ويقول الدكتور هيثـم المنـاع قتل النظام السوري قرابة أربعين ألـفاً من المثقفين والفئـة الواعيـة من المجتمع ، مما تعجز دولة مثل سوريا في عددها السكاني توفير مثل ذلك العدد خلال تلك المـدة ، وقد ألحق ذلك أضراراً بالغـة بالشعب العربي السوري، وترك فيه جروحاً قد لاتندمل . خاصة أن السلطة السورية تملك وسائل الإعلام كلها ومن خلالها بثت مراراً وتكراراً أن الإخوان المسلمين سبب ذلك الاقتتال والضحايا والتشريد ، فزادت السلطة فوق القتل والسجن والتشريد ، نشـر الضلال والكذب وتزييف الحقيقة ، كما تعودت على تزييف الانتخابات .
فماهي الحـقيقـة ؟؟!!!
الســلطـة تهاجـم المسـلمين في الإعلام :
بدأت السلطة البعثيـة بشـن الهجوم الإعلامي على الإسلام منذ استلامها السلطة في 8/3/1963م ، فكتب إبراهيم خلاص في مجلة جيش الشعب يقول : ( إن الله والرأسمالية والإقطاع أصبحت دمى محنطة في متحف التاريخ .. ) ، كماكتب زكي الأرسوزي موضوعاً ورد فيه قوله ( اسـطورة آدم .. ) ، وكانت الأغنية البعثية تقول ( ميراج طيارك هرب ، مهزوم من نسر العرب ، والميج طارت واعتلت بالجو تتحدى القدر ) ، وبعد عام واحد فقط قامت السلطة بهدم مسجد السلطان ( أهم مسجد في حماة) ، لأن مروان حديد وبعض تلاميذ المدرســة المتوسطة اعتصموا بهذا المسجد ليحرضوا مدينة حماة على الإضراب ( والإضراب عمل سياسي وليس عسكرياً ) ، ومع ذلك واجهت السلطة ذلك الإضراب بضراوة وشراسـة ودخلت الدبابات مدينة حماة ، ودمرت مئذنة المسجد وقبتـه ثم دخلت الدبابات إلى داخل المسجد واعتقلت مروان والطلاب المرافقين له ، وقتلت العشرات من المواطنين .
ثم دخلت الدبابات مسجد خالد بن الوليد في حمص بنفس التاريخ ، ودخلت الدبابات المسجد الأموي في دمشق بعد عام ، وفي كل مرة كانت الدبابات تهدم وتقتل وترهب المواطنين .
النظام البعثي غيرّ منهج مروان حديد من العمل السياسي إلى العمل العسكري :
وبعد أن خرج مروان حديد من السجن صيف 1964م ، خرج بقناعة زرعتها فيه معاملة السلطة القاسية عندما هدمت مسجد السلطان ، ودمرت أطول مئذنة في مدينة حماة ، عندها قارن مروان حديد بين الفرنسيين والبعثيين ، وجد مفارقة مخيفة ؛ فالفرنسيون لم يدخلوا المساجد ، وكان الثوار الحمويون وغيرهم من السوريين يلجأون إلى المسـجد إذا طردهم الجنود الفرنسيون ؛ فيعود الجنود الفرنسيون ولايدخلون المسجد ، أما السلطة البعثية فقد جاءت الدبابات من حمص مصـرة على تدمير المسجد في حماة ، ومنذ وصولها فتحت نيران مدافعها على المئذنة والمسجد ، وكان بإمكانها تطويق المسجد وقطع التيار الكهربائي عنه ، ومن ثم قطع الماء والغذاء عن المعتصمين في المسجد وسوف ينتهي الأمر بتسليم أنفسهم بعد أسبوع أو أسبوعين على الأكثر ، ولكن السلطة البعثية كانت متعطشة لضرب الشباب المسلم ، وفتحت الباب أمام الشباب المسلم الذي دفعته السلطة بقوة إلى حمل السلاح .
الطليعـة المقاتلـة :
خرج مروان حديد من السجن بهذه القناعة ، وقد تغيرت قناعته من العمل السياسي الذي نشأ عليه في جماعة الإخوان المسلمين ، إلى العمل العسكري ، الذي لم توافقه جماعة الإخوان عليه ، كما لم توافقه على الاعتصام في مسجد السلطان عام (1964م) .
بدأ مروان حديد يرحمه الله ، يتصرف من نفسـه ، بعد أن انشق عن جماعة الإخوان ، التي وزعت تعميماً على أبنائها ، تطلب منهم عدم مساعدة مروان ، وتطلب منهم الابتعاد عن (جماعة )مروان ، وبدأ بتدريب بعض الشباب المسلم عرف فيما بعد باسم الطليعة المقاتلة .
لم يرض الإخوان عن عمل مروان حديد ، وكان راسخًا لدى الإخوان أنهم يدعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأنهم ينهجون أسلوب التربيـة ثم العمل السياسي والإعلامي من أجل دعوة المسلمين إلى الالتزام بدينهم وتطبيق الشريعة الإسلامية في حياتهم كلها ، كما هي حالهم في عقد الخمسينات ، وحاولت جماعة الإخوان المسلمين ثني مروان عن قناعته فلم تســتطع ، لذلك عممت على قواعدهــا عام (1968م) بأن يحذروا من مروان حديد ولايمشوا معه في مخططاتـه .
السلطة تجبر شباب الطليعة على القتال :
بدأ ت قوات الأمن تلاحق شباب الطليعة وتركزجهودها عليهم حتى اعتقلت شابين منهم في مدينة حماة (1975م) أحدهما من بيت (عصفور ) والآخر من بيت (الزلف ) وحققت معهم في قسم الأمن القومي بحماة ، واستخدمت معهم الأساليب الوحشية حتى استشهدوا تحت التعذيب ، وبعد ذلك ارتكبت قوات الأمن القومي خطأً آخر عندما سلمت جثتي الشابين المذكورين لذويهم وانتشر الخبر في حماة كلها أن هذين الشابين قتلا تحت التعذيب ، وآثار الكدمات بلونها الأزرق واضحة على صدر ورأس كل منهما يرحمهما الله . فماذا سيكون موقف الشباب الباقين الذين يعرفون هذين الشابين ، وقد ترجح لديهم أن الأمن القومي حصل على أسمائهم منهما تحت التعذيب الذي وصل حد الموت، لذلك قررهؤلاء الشباب أن لايسلموا أنفسهم لقوات الأمن إذا جاءت لاعتقالهم ؛ لأنهم سيموتون تحت التعذيب كما مات زملاؤهم ( عصفور والزلف )، وخير لهم أن يموتوا بالرصاص خير من الموت تحت التعذيب لأن موت الرصاص أسهل وأسرع وأشرف .
وهكذا أجبرت السلطة شباب الطليعة على حمل السلاح للدفاع عن أرواحـهم :
وهكذا دفعت وحدات المخابرات العسكرية والأمن القومي الشباب المسلم ( شباب الطليعة المقاتلة ) دفعتهم دفعاً إلى حمل السلاح وأجبرتهم على ذلك ، وربما عن عمـد لتتخذ ذلك مبرراً لإجهاض الحركة الإسلامية التي تنمو بشكل مضطرد في سوريا وخاصة في السبعينات ، بعد انكشاف عورة الاشتراكية ، ومبرراً أيضاً لتدميرمدينـة حمـاة بشكل خاص ، التي توعدها حافظ الأسد في المؤتمر السادس القطري لحزب البعث حيث قال : ( أما الإخوان المسلمون فلاتنفع معهم إلا التصفية الجسدية ) ، وقال شقيقه رفعت : سيجعل المؤرخين يقولون : كانت هنا مدينة تسمى حماة ... كماجرى فيمابعد.
ومما يؤكد قولي هذا أن أول رصاصة أطلقتها الطليعة كانت يوم (16/2/1976م) أي بعد موت هذين الشابين ، وفي رأس الرائد محمد غـرة مدير الأمن القومي في حماة الذي عذب هذين الشابين حتى الموت .
وقد ساعد الطليعة المقاتلة على جذب الشباب المسلم إليها ، النقمة العارمة لدى الشعب السوري عامة والإسلاميين خاصة على النظام الذي احتكر أقوات الشعب لأزلامه وزبائنته ، من الآلاف المؤلفة من رجال المخابرات ، وقوات الأمن ، وآلاف المخبرين ، وسرايا الدفاع والصراع ، والوحدات الخاصة ، التي كانت مهمتها قتل الشعب ؛ وليس قتل العدو الصهيوني .
وقد دفعت تلك النقمـة لدى الشعب عدة جماعات إسلامية إلى مناصر ة الطليعة المقاتلة ، فـفي حلب ؛ حمل بعض العلمـاء وطلابهم السلاح ضد النظام قبل الإخوان المسلمين ، وكذلك فعلت جماعات اسلامية في دمشق . وكان كثير من شباب الطليعة المقاتلة من تلاميذ العلماء الذين لاينتمون إلى الإخوان المسلمين ( لأن بعض أبناء جماعة الإخوان التزمـوا بقرار قيادتها بالبعـد عن جماعـة مـروان يرحمه الله ) .
وتمثل ذلك بشكل سافر بانتفاضة النقابات المهنية عام (1980) حيث شاركت فيها معظم نقابات الأطباء والصيادلة والمهندسين وغيرهم من المهن الحرة .
السـلطة تعلن الحرب على الإخوان المسلمين :
ثم تتالت عمليات الاغتيـال التي قامت بها الطليعـة المقاتلـة ، طالت بها عدداً من مسؤولي النظام السوري ،وأعوان المخابرات ، وضباط الأمن العسكري والقومي ، حتى كانت حادثة مدرسـة المدفعية (حزيران 1979م)، التي أصدرت جماعة الإخوان المسلمين بياناً في حينها استنكرت هذه العملية ، ونشـر ذلك في مجلـة المجتمع الكويتية شعبان (1399هـ) ، ومع ذلك فقد أعلن وزير الداخلية عدنان دباغ من التلفزيون السوري يطلب ويحرض الجيش والشعب على قتل أفراد الإخوان المسلمين ، وأعدمت السلطة (16) أخاً كانوا معتقلين عندها ، عندئذ وجد الإخوان المسلمون أنفسهم هدفاً سهلاً للمخابرات وقوات الأمن السوري ، وحفاظاً على غريزة البقاء والدفاع عن النفس قرر الإخوان السماح لأفرادهم بالدفاع عن النفس وكان ذلك في أواخر عام (1979م) ، وكان معظهم حريصاً على الخروج من سوريا حفاظاً علىدينه ودمـه وعرضـه . ولقناعته بعدم جدوى المواجهة المسلحة مع السلطة ، ومن الناحية العملية خرج أكثر يـة الإخوان المسلمين الذين فهموا منهج الإخوان ، وبقي الشباب المتحمس والمندفع بالعاطفة إلى الجهاد والشهادة ودخول الجنة .
وقد سمعت كما سمع جميع أهل سوريا حافظ الأسد يخطب في ذكرى الثامن من آذار (1980م) ويقول : ( أنا أعرف أنه يوجد عقلاء في الإخوان المسلمين ، لايوافقون على قتل المواطنين ) وحسب فهمي أنه يقصد معظم الإخوان المسلمين لأنهم لايرون جدوى المواجهة المسلحة ، لولا أن السلطة أعلنت الحرب عليهم بالإذاعة والتلفزيون وطلب وزير الداخلية عدنان دباغ في حزيران 1979م ، طلب من الشعب والجيش أن يقتلهم ، مما حرض بعض شبابهم علىمؤازرة الطليعة المقاتلة ، وكان ذلك في عام (1980م) أي بعد خمس سنوات من بداية المعركة .
وخلال عام (80) و(81) صارت السلطة تقتل المواطنين في الشوارع ، دون أن تعرف أسماءهم ، وقد فعلت ذلك عدة مرات في حماة وحلب وقـرى ادلب وجسر الشغور ، وفي كل مرة كانت تقتل المئات ، فصار كل إسلامي (طليعة ، إخوان ، صوفي ، سلفي ، تبليغي ، من طلاب العلماء … ) مستهدفاً للقتل ، وفي عام (81) و (82 ) صاركل حموي ـ حتى لوكان بعثياً أو مسيحياً ـ هدفاً للقتل . وقتل ألوف المواطنين الأبرياء.
الشـعب كله قـام ضد السـلطة :
يقول أبو أنس البيانوني المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا يحفظه الله : وهكذا قاد النظام المجتمع السوري إلى حالة من التفجر الداخلي ، كان وقودها شرائح مختلفة من أبناء شعبنا ، ولقد تجاوز عدد الضحايا تعدادنا التنظيمي أضعافاً مضاعفة ، وأدت سياسة القمع والإرهاب والحقد التي كانت تتـم في أقبيـة السجون ، وتصفية بعض المعتقلين من علماء ومثقفين ، إلى أن يرى الناس أنفسهم بين خيارين : إما أن يموتوا تحت سـياط الجلادين إذا وقعوا في قبضة أجهـزة الأمن ، أو أن يدافعوا عن أنفسهم بما يصل إلى أيديهم من وسائل الدفاع . وقد أصدر مجلس نقابـة المحامين في سوريا بتاريخ( 29/9/1979م ) بياناً جاء فيه : (إن ممارسات النظام نشرت جو الهلع والخوف والقلق ، وانتهكت حريات الأفراد والجماعات ، واستباحت حرمات المنازل ، حيث اصبحت أرواح المواطنين عرضة للإزهاق على يد سلطات الأمن ، وباتت شرعة الرهائن وتهديم البيوت وسيلة تأديب جماعية ، حتى امتلأت السجون بالرجال والنساء والأطفال ، والمثقفين كالأباء والمحامين والمهندسين والمدرسين ) . وهكذا وجد مجتمعنا نفسـه أمام حـرب طاحنـة ، سكت عنها المجتمع الدولي ، فاختار شعبنا خيار الدفاع عن النفس . ويختم أبو أنس قوله : وللأمانة نشير إلى أن القمع لم يقتصر على جماعتنا وحدها ، بل شمل أطراف المعارضة كلها ، من إسلامية وقومية ويسارية ، لكن حظنا من القمع كان هو الأكبر والأشـد قسـوة .
السلطة تجبر شباب الطليعة على القتال في مجـزرة حمـاة الكبرى :
ثم جاءت المأسـاة الكبرى في حماة عام (1982م) وخلاصتها أن سلطات الأمن عرفت بوجود حوالي (200 ـ 300) مقاتل من الطليعة احتشدوا في حماة ، فطوقت السلطة مدينة حماة بطوقين أو ثلاثة من الوحدات العسكرية ، وهجمت الوحدات الخاصة تريد القبض على قائدهم ( أبي بكر ) في حي البارودية بالحاضر ، وقد التقط أبو بكر المكالمة اللاسلكية بين ضباط الوحدات الخاصة ، يحددون العمارة التي يوجد فيها ، ويوزعون المهمات للهجوم عليها ، عندئذ سمح القائد أبو بكر لإخوانه بالخروج من مخابئهم والاشتباك في الشوارع ليموتوا فيها خيراً من الموت تحت الأنقاض ، لأن الوحدات الخاصة كانت تزرع المتفجرات حول العمارة المشكوك فيها ثم تطلب من سكانها تسليم أنفسهم قبل نسف العمارة . وعندما وجد هؤلاء المقاتلون الإسلاميون أنفسهم على حافة الموت ، موت التعذيب إذا سلموا أنفسهم ، أو الموت تحت ركام العمارة ؛ فضلوا الموت وهم يقاتلون عدوهم في الشوارع ، وهكذا نشبت معركة ضارية وشرسة استمرت حوالي اسبوعين ، اضطرت السلطة فيها إلى تدمير الجزء القديم من مدينة حماة كلها ، فقصفتها بالدبابات والمدفعية والصواريخ ، وقتلت هؤلاء المقاتلين وقتلت معهم حوالي ( 30 ـ 45) ألفاً من المواطنين الأبرياء .
ومرة أخرى كان الأجدى لوكانت السلطة متحضرة ، ويهمها المحافظة على المواطنين وحياتهم ، لحاصرت المدينة أشهراً ، وقطعت الماء والكهرباء والغذاء حتى اضطرت هؤلاء المسلحين إلى الاستسلام ، ولنا في الجزائر خير مثل ـ مع الفارق الكبير بين مقاتلي الشام ومقاتلي الجزائر فمقاتلي الشام كانوا يقتلون رجال المخابرات وأنصارهم فقط ، وما فعلوا كما يفعل المقاتلون الجزائريون من قتل النساء والأطفال الأبرياء [ وقد أُخترِق المسلحون الجزائريون ( الجماعة المسلحة ـ جيا ـ وأمثالها ) اخترقوا من قبل أعداء المسلمين ، فصاروا يقتلون المسلمين باسم هؤلاء الشباب الجهلة ] ـ ومع ذلك كله شجعت الحكومة الجزائرية آلافاً من المقاتلين الإسلاميين على تسليم أنفسهم في قانون الوئام المدني ، لو فعلت السلطة السورية كمافعلت الحكومة الجزائرية لوفرت حياة ( 30 ـ 45 ) ألف مواطن معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ .
وخلاصة القول أن السلطة البعثية بدأت القتل في الشباب المسلم عام (1964م) في حماة عندما دمرت مسجد السلطان ، ثم عام (1965م) في دمشق عندما دخلت الدبابات المسجد الأموي ، ثم بدأت بقتل شباب الطليعة تحت التعذيب (1975م) ، كل ذلك دفع الشباب المسلم من الطليعة إلى حمل السلاح لمقاتلة السلطة دفاعًا عن دينـه ودمـه وعرضه ، واستمر ذلك حتى أواخر عام (1979م) حيث أعلنت السلطة الحرب على الإخوان المسلمين وبدأت بقتلهم بشكل فعلي كما قتلت ألفاً منهم في سجن تدمر صيف (1980م)، ثم قتلت بضعة عشر ألفاً منهم خلال عقد الثمانينات داخل سجن تدمر ، مما دفع بعض الإخوان إلى أن يدافعوا عن أنفسهم ، بينما تمكن معظم الإخوان من الهجرة خارج سوريا . وفي كل مرة كانت السلطة تحصر الشباب المسلم وتجبره على القتال كما حصل عام (1982م) في حماة .
والمحلل التاريخي المنصف والمتتبع للأحداث يقول : عمدت السلطة قاصدة إلى إجبار الشباب المسلم على القتال في معركة غير متكافئة ؛ كي تقتله وتقضي على الحركة الإسلامية ، وقد قتلت عشرات الألوف من خيرة الشباب المسلم الغيورين على دينهم ؛ ولكنها عبثاُ تحاول القضاء على الحركة الإسلامية ، المغروسـة في جذور الشعب العربي السوري ، (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون ) . لقد حاول ذلك عبد الناصر في مصر عام 1954م عندما أعدم بضعة علماء منهم الشيخ الفرغلي وعبدالقادر عودة ويوسف طلعت وغيرهم من قادة الإخوان المسلمين ، وزج بعشرات الألوف في المعتقلات ، ثم كرر ذلك في عام 1965 عندما أعدم الشهيد سيد قطب يرحمه الله وأخوية هواش واسماعيل ، وزج بالألوف في السجون لم يخرجوا حتى (1972م) ، ثم مات عبد الناصر وبقي الإخوان المسلمون في مصر ، وأعلن حافظ الأسـد في أحداث الدستور (1973م) ؛ أعلن أمام وفد العلماء الحمويين الذين ذهبوا إليه يشفعون بالمعتقلين ، كما كان محمد الحامد يرحمه الله يفعل عند محمد أمين الحافظ ، ولكن حافظ الأسـد قابلهم بفظاظـة وقسـوة وقال : لأقطعن اليـد التي لم يستطع عبد الناصر أن يقطعها ... ثم مـات حافظ الأسـد ، وبقي الإخوان المسلمون في سـوريا . ] والله غالب على أمـره ولكن أكثر الناس لايعلمون [ .
والحمد لله رب العالمين
* كاتب ســوري في المنفـى