الغربة وحلم العودة إلى الوطن الأم

الغربة وحلم العودة إلى الوطن الأم

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

من أقوال محمد عبده (أن هذه الأمة لايصلحها إلا مستبد عادل يحقق لنا مالم نحققه لأنفسنا في قرون ) .وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم بما معناه(الظالم سيف الله في الأرض يقوم به عباده , حتى إذا أخذه لايرده) . حول ذلك والكلام وعن الإستبداد والظلم , علينا مناقشة الموضوع من جوانبه المختلفة في حلم العودة إلى سوريه من أمثالي والذين هم محرومون من رؤيتها أحياءا وأمواتا .

فالإستبداد عريق في وجوده بعراقة وجود الإنسان على الأرض مع شموله للظلم أيضا. فماسبب الإستبداد والظلم .

المثل الشعبي يخبرنا السبب(قالوا يافرعون مين فرعنك قال مالقيت أحدا ردني ). وعندما سؤل سليمان المرشد مؤسس الطائفة المرشدية من قبل القاضي هل أنت رب ياسليمان . فقال أنا رب هؤلاء الحمير ,قلت لهم أنا ربكم فصدقوني وعبدوني .

الظلم والإستبداد في دول يكاد ينتهي , أو بالأحرى انتهى , حتى عند الذين كنا نصفهم بأنهم أدنى شعوب الأرض عندما كنا نتهجم على غباء أحد من الناس , هل أنت من الكونغو؟ .

وفي عصرنا الحديث شاهدنا أمثلة كثيرة على سقوط الأنظمة القمعية. والتي بقي منها أخذت تعمل على إرضاء شعبها باللين والمودة وحرية التعبير بقدر الإمكان .

مع استبداد تشاسسكو في رومانيا أسقطه شعبه , وسقوط حائط برلين . ليليها سقوط الكثير من الأنظمة القمعية الواحدة تلو الأخرى .

وحتى على مستوى الوطن العربي عندما طغى أنور السادات هب الشعب المصري ضده وتخلص منه , وفي زمن الرئيس الحالي ترى الصحف تقول ماتشاء ضد أو مع , ولم تثبت حالة إعدام سياسية واحدة والكثير من المحكومين بالإعدام تزوجووا وخلفوا بنين وبنات . وفي ليبيا يسعى نظام الحكم إلى الصلح مع معارضيه .

إلا في سورية لم يتغير شيء والوضع ظلم واستبداد وفساد منذ أكثر من أربعين سنة وحتى الآن .

هل سألنا أنفسنا عن الأسباب الكامنة وراء ذلك ؟

يمكن أن أجيب عن هذا السؤال بمصيبة أحاطت بابنتي الكبيرة هذا اليوم , والتي أدت بها إلى انهيار عصبي , ولا أدري نتائجه عليها وكل الذي أقوله أرجومن الله أن يعافيها ويخرجها من هذه الأزمة التي تمر بها.

فتاة عمرها 24 سنه .

الكثير من الشباب خافوا من التقرب إليها وخطبتها , لأن أباها من المعارضه , ويشاء الله أن يقع في حبها شخص وأراد الزواج بها . ولكن أباه رفض رفضا قاطعا مانعا ابنه من الزواج بها خوفا على نفسه كما يدعي . مما أدى بالفتاة إلى هذه النتيجة المرة والقاسية .

حول هذا الموضوع ومناقشته  . والإنهيار العصبي والذي أصاب الفتاة  , والناتج عن وهم الخوف في نفوس السوريين , والذي أصاب المجتمع السوري . سواءا أكان الخوف في محله أم وهما . أيكون خوف الأب في هذه الحالة خوفه حقيقي أم وهمي ؟.

هي فتاة سوريه تعيش في سورية وما علاقة البنت بمسيرة أبوها حتى يصل به الخوف في أن يحطم ابنه وابنتي . أليس هذا هو الخوف الوهمي والذي طبع عليه الشعب السوري ؟

ومنه يمكن الوصول إلى نتيجة مفادها :

أن النظام في سوريه لم يكن قمعيا ولا نظاما مستبدا , لافي الماضي ولا في الحاضر , لأن الجزاء من جنس العمل , وشعب وصل به الجبن والوهن والإستسلام , إلى هذه الدرجة المتدنية , لايليق به نظاما إلا النظام الحالي , أو أشد منه قساوة واستبدادا .

وخلاصة الموضوع :

فالعودة إلى الوطن لمن مثلي وقد تعود على الحرية وأمثالي كثر , العودة إلى وطنهم والحياة مع شعبهم ستكون له قبرا قبل أن يموت , ونظرة منه إلى أي مواطن في سوريه ستكون له جلدا وتعذيبا أكثر من تعذيب المخابرات .لأنه سوف يجد الجبن و الخوف في كل من يلقاه ويخشى السلام عليه ولو التقى به في عمق المحيط أو في الغابة  الكثيفة من منتصف الليل .

فهنيئا لكم ياحكام بلدي بهذا القوم , بقوتكم ومقدرتكم استطعتم  تحويل هذا الشعب إلى أرانب , لاتلد إلا في الظلام وتحت الأرض , إلا في النذر اليسير منهم لم تستطيعون ولن تستطيعون جعلهم أرانب كباقي من في القبور.

لذلك وصيتي لمن يعرفني , وإن مت خارج وطني , حتى جسدي لاأرضى أن يدفن فيها , مابقي حال شعبها هكذا

في هروبه والمستمر من أربعة عقود.