مآزق أميركا متعددة الجنسيات
مآزق أميركا متعددة الجنسيات
جاسم الرصيف
من يتابع الخارطة الساخنة لمآزق أميركا شرق كرتنا الأرضية يجد أنها متعددة الجنسيات بإمتياز لاتحسد عليه !. فمن كوريا الشمالية ، مرورا بأيران ( النووية العظمى ) ، الى أفغانستان حيث تضغط شعوب أوربا على سحب قواتها العسكرية من تحالف المآزق الأمريكية ، نجد أن العراق مازال يتصدر الهموم الأمريكية رغم الطمطمة والغمغمة الإعلامية التي صارت بدورها مأزقا جديدا لإدارة أوباما التي ماعاد يحق لها أن تصف نفسها جديدة .
مياة أميركا ليست ( راكدة ) في المستنقع العراقي ، كما يخيل للبعض ، من خلال وسائل الإعلام ، بل هي ربما أكثر غليانا منها عمّا كانت عليه في أول سنة من عدوانها اللاأخلاقي على العراق وعلى جملة من الدلالات :
أولا : ثمة حقيقة نفطية تفيد أن الإحتياطي النفطي العراقي هو آخر إحتياطي ينفد في العالم ، لذا فقد إستنفطت إدارة أوباما وصارت تشتهي ( الخروج من الباب والعودة من الشباك ) كما يفعل كل إستعمار أجنبي لبلد ثري ،
وأول دلالات الإستنفاط هذه تلك التي ذكرها أوباما بنفسه عن إستبقاء ( 50 ) ألف جندي في العراق تحت راية تدريب القوات ( العراقية ) التي لن تبلغ الفطام حتى يحين غلق آخر بئر نفط حسب الأجندة الصهيونية المعلومة ، فضلا عن طلبه بزيادة قواته ب ( 20 ) ألفا آخرين ،
وثاني هذه الدلالات هو ماكشف عنه مؤخرا بأنها ستملأ فراغ الجنود المنسحبين بمرتزقة أجانب .
وهذا مايقود الى سؤال خطير وهام للشعبين الأمريكي والعراقي معا :
من سيموّل بقية الجيش الأمريكي وفرق المرتزقة الأجانب ، الذين سيكون عديدهم المرجح بحدود ( 200 ) ألفا بعد عام 2011 ؟!
الأمريكان قرفوا من حرب تستفيد منها الكارتلات التجارية الأمريكية الكبرى على حساب دافع الضرائب الأمريكي كما قرفوا ، وفق الشارع الأمريكي ، من فضائح الحكومة المحلية التي سمّيت زورا عراقية ،،
والعراقيون أكثر قرفا من قوات الإحتلال وحكومتها المحلية التي تلتهم حياة الناس يوميا بلا طائل مفيد ، ومن شبه المستحيل أن يوافق العراقيون على دفع ثمن إحتلال بلدهم مركّبا من حياتهم وأموالهم في آن .
مأزق أمريكي مالي مع شعبين في آن !! .
ثانيا : على الجهة الأخرى من الجانب العراقي ومآزقه الأمريكية الساخنة ، يجد المتابع القوى الوطنية الرافضة للإحتلال ، عسكرية ومدنية ،، وقد بذلت إدارة بوش ، ومازالت إدارة أوباما تبذل ، كل جهودها لإحتواء وتمييع الرافضين للإحتلال من خلال قنوات إتصال فتحتها الإدارتين مع هذه القوى التي تحلم وتعمل على إنهاء الإحتلال ، وبعضها ذهب فعلا عن ( حسن ظن ) بالأمريكان كما يبدو للتفاوض على سقف وطني لعراق مابعد الإحتلال ، فيما الجانب الأمريكي يريد الذهاب لتذويب هذه القوى في عمليته ( السياسية ) ، كما فعل مع ( الصحوات ) ، حيث يجلس المقاوم الوطني والعميل العلني على وليمة نهب ثروات العراق تحت خيمة أمريكية .
الأمريكان مازالوا يفكرون بأن ضم الرافضين للإحتلال تحت خيمتهم هو( عتبة الأمان الضامنة ) لإحتلال يدوم حتى نفاد نفط آخر بئر عراقي ، والوطنيون العراقيون أحبطتهم أحلام حمقى يظنون أنهم قادرين على ترويض الشعوب بالقوة والمال ،،
واذا ماتذكرنا أن قوى وطنية رفضت أصلا التفاوض السري مع الأمريكان ، ومازالت مصرّة على موقفها، نجد أن مأزق أميركا في العراق مازال ساري المفعول ، ويتفاقم مع زمن ظهور أجيال شابة ، كانت بعمر الطفولة قبل الإحتلال ، رافضة بالوراثة لما يجري في العراق ، وتضمن بدورها إستمرارية قتال ومقاومة لاأحد يحسد أميركا وعملائها عليها .
ثالثا : مأزق أميركا الأيراني في العراق جاء على جناح وهم عصر مضى في مقولة ( عدو عدوك صديقك ) التي تعاطاها الأحمق دونالد رامسفيلد بإستصحابه لحزبين أيرانيين أصلا عراقيين برقعا ، أوجزه محمود أحمدي نجاد بوصفه ( معجزة ) الثعلب الأيراني الذي خدع الصياد الأمريكي وأوقعه في ذات الفخ المنصوب لإصطاد مغفلي الشرق الأوسط المفترضين ! .
وللأيضاح أكثر وصف نجاد في تصريح آخر ، وبعد خمس سنوات من التقية الفارسية والغباء الأمريكي ، ذلك بأن الجنود الأمريكان مشاريع قتلى وأسرى اذا مافكرت أميركا بضرب أيران بسبب مشروعها النووي الذي ظهر الى الوجود بعد إحتلال العراق ، لأن جيشا أيرانيا تحت برقع عراقي يعايش الأمريكان في ذات المضبعة في بغداد .
وطريف المأزق الأمريكي مع أيران في المستنقع العراقي هو أنه مأزق لجهات عربية ساندت الأمريكان لإحتلال العراق ، وكانت ومازالت على علم ، بشريك التقية الأيرانية ،، ولكن الطرفين المخدوعين اللذين وقعا في فخ الثعلب الأيراني أصبحا مثل ( بلاّع الموس ) كما يقول المثل العراقي : إستخراجه من الزردوم قاتل ، مثلما هو قاتل إبتلاعه على أرض أجنبية .
وهنا يفرض السؤال نفسه :
هل تستطيع أميركا وأصدقائها ، عربا وغير عرب ، التخلص من هذه المآزق متعددة الجنسيات قبل 2011 ؟! .
الجواب : مستحيل !!
الا ّ اذا غيرت أميركا إتجاه سفن سياساتها متعددة الجنسيات ب ( 180 ) درجة رافعة راية السلام الحقيقي بدلا من راية القرصان القوي الأحمق.