الإسلام في بريطانيا وأكذوبة تعايش الحضارات

الإسلام في بريطانيا وأكذوبة تعايش الحضارات

م. طارق حمدي ـ بريطانيا
[email protected]

ما زالت الحملة ضد المسلمين بعد أحداث السابع من تموز الجاري تتصاعد، وقد ألقت الحكومة البريطانية والإعلام اللوم علي التطرف المنتشر بين الجالية الإسلامية، بل وتطاول العديد من الصحافيين علي الإسلام مثل الذي قال إن القرآن يمجد العنف (شارلز مور ـ الديلي تلغراف 9/7/2005) رغم كثرة التنديدات بشأن ذلك الحادث.

وقد بدأ بعض الكتاب بالتصريح بأن فكرة بريطانيا متعددة الثقافات قد فشلت (سايمون هايفر ـ الديلي ميل 18/7/2005) ويجب الآن أن نجعل بريطانيا ثقافة واحدة، وحضارة واحدة، وقد حددت الـ ديلي تلغراف (وهي من أشهر الجرائد في بريطانيا وتبيع ما يقارب المليون نسخة يوميا) الأمور التي يجب علي المسلمين أن يتقبلوها إذا أرادوا العيش في بريطانيا. ففي افتتاحيتها في 14 تموز وبعنوان أسس القانون في هذا البلد ذكرت ما يلي: ليس لدي بريطانيا دستور مكتوب، ولا يوجد قسم ولاء، ولكن توجد قيم في حضارتنا، ونتوقع من كل مواطن في بريطانيا أن يتفق مع هذه القيم، وهي (نقلا من المقالة):

1 ـ البرلمان هو مصدر التشريع، وهذا يتعارض مع من يريد تطبيق الشريعة في بريطانيا.

2 ـ السيادة للشعب فهو الذي يختار البرلمان لوضع القوانين، فالسيادة ليست لله.

3 ـ الولاء يجب أن يكون للشعب البريطاني، لا أن يكون لطائفة دينية (كالأمة الإسلامية).

4 ـ الإيمان بالدولة العلمانية، ومن أكبر المشاكل أن عددا كبيرا من المسلمين لا يتقبلون الفصل بين الدين والدولة، فمحمد (صلي الله عليه وسلم) كان رسولاً وقائداً سياسياً .

وختمت الجريدة الافتتاحية بقولها إننا نعيش في مجتمع يتكون من مؤسسات جعلت ما لقيصر لقيصر وما لله لله. وانه يجب علي كل مواطن الانصياع لهذه المؤسسات .
ما يعني أن المطلوب من المسلمين الذين يريدون العيش في بريطانيا فوق الالتزام بقوانينها، اعتناق القيم السائدة فيها، بل وتبني علمانياتهم ـ عقيدة فصل الدين عن الحياة ـ فينحصر معني الإسلام ويتقزم بمجرد وضعه في قالب العبادات كالصلاة والصوم والتصرفات الفردية المحضة علي النمط الكهنوتي الذي يرفضه الإسلام.

وهذا اعتراف واضح بفشل العلمانية في التعايش مع الحضارات المختلفة والثقافات الأخري. حيث طالما زعم وتباهي دعاة العلمانية بأنها هي النظام الذي في ظله تستطيع أن تتعايش جميع الديانات ويتآلف تحته جميع البشر، ولكن نفس هؤلاء الدعاة يقولون الآن للمسملين أن من يريد أن يعيش في دولتنا العلمانية فلا بد أن يعتنق قيمها ويتبني عقيدتها السياسية والاجتماعية والثقافية، تماما كما أكره أرباب العلمانية المسلمات علي خلع الحجاب في فرنسا.

إن أكذوبة زعم العلمانية تظهر مباشرة عندما يتعلق الأمر بالإسلام والمسلمين والمعطيات الواقعية تثبت يوماً بعد آخر فشل ذلك الزعم. أفلا يصحو المسلمون بعد كل ذلك ويثوبوا إلي رشدهم ويدركوا أنهم أخف من جناح ذبابة بتبعيتهم المقيتة المذلة للغرب، وأن ملاذهم الوحيد هو تحرير بلادهم من الطغيان والفساد والظلم، وبإعادة تطبيق الإسلام.