مسيحيو الشرق العربي: هم أصل الشرق..
إذا فنحن المهاجرون وهم الأنصار
وليد رباح /الولايات المتحدة الأمريكية
قد يغضب الذين يعرفون قشور الاسلام ما نكتبه .. وقد يفرح القلوب المؤمنة بالله تعالى من كل دين .. لذا فاني من هذا الباب اؤكد التفاضل بين من اعطى المسلمين الوافدين الى ديار النصارى علما ومحبة وثقافة .. وبين من اعطاهم القتل والذبح والتشريد من الديار .. ومن الصق صفة العنف والدم بالاسلام وشرد الامنين في بيوتهم وكنائسهم .
ففي ادبيات الاسلام اقوال لو وزنت بالذهب لكان الذهب لا يجاريها .. ففي حملات الحروب التي قامت منذ فجر الاسلام كان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي المقاتلين بالرأفة بالناس .. وارجو التأكيد على كلمة ( الناس اذ لا تحديد للاديان ) .. فلا يقاتلون الا من يقاتلهم .. وان لا يقطعوا شجرة او يقتلوا طفلا او امرأة او رجلا مسالما .. والا يسدوا طريقا .. مع جملة من الوصايا التي تحمل في طياتها الحب والطهر والامان .. وكان الخلفاء من بعده يوصون بالرأفة بمن هم يتجهون الى الله ويعبدونه في كنائسهم وكنسهم فلا يؤذونهم وليرفقوا بهم .. فهم اناس لا يحملون السلاح للقتال .. ولكنهم يعبدون الله .. واولى بالعابد ان يعامل على انه فاضل لا يجب ايذاؤه .
ولا نريد ان نسمي مقاتلي الاسلام في ذلك الزمان بالمحاربين من اجل انفسهم .. بل اعتقادهم انهم ينشرون رسالة كلفوا بها .. ففي التاريخ مسميات كانت رائجة في تلك العصور ولكنها اليوم توحي الينا بالوحشية . وكم من حروب قامت في الماضي كان المقاتلون فيها وحوش تأكل الناس وتؤذيهم وتدمر بيوتهم وتشردهم .. ففي حملات الصليبيين على الشرق ارتكبت جرائم يندى لها الجبين .. وربما اندثرت حقيقتها في ذلك الزمان لانه لم يكن هنالك من يوثق تلك الجرائم .. ولذا فاني اسمي تلك العصور بانها عصور كانت الجريمة فيها تسمى العدل .. اما اليوم فانها توصم بالوحشية .
ولا نريد ان نكتب المزيد عن تلك العصور الا ما كان من رقة الاحبار والقسس والقديسين وما يستتبع في ذلك من المؤمنين بالله .. ولقد وصفهم الله في قرآنه بتلك الصفة .. ولكننا نود التعريف بان اولئك قد اعطوا المسلمين العلم والمحبة والثقافة والرأفة والمسكنة لله .. ويحضرني ان السريان في بلاد الشام وامثالهم من المسيحيين في العراق ومصر وفلسطين .. ترجموا الاف الكتب الثقافية والعلمية مما كان في العصور الرومانية واليونانية والهندية والاشورية وغير ذلك .. واعطوها هدية للوافدين من المسلمين .. وكان المسلمون يثمنون ذلك .. وشتان ما بين الانسان المثقف وبين الانسان المحارب .. فذاك يعطيك العلم والثقافة .. والثاني يعطي الدم والقتل والتشريد اذا لم يكن مؤمنا .. لذا فقد سميتهم في صدر الصفحة انهم الانصار .. اما نحن المسلمون فقد كنا من المهاجرين . ولا اريد ان اسمهيم الفاتحين او المستعمرين .. فما كان في عصور مضت لا يمكن تطبيقه على العصر الآني .
ان ما يجري في العراق هذه الايام من قبل وحوش آدمية .. وما يجري في بعض بلدان العرب من احداث عنصريه .. وفي الشام من سبي للراهبات المؤمنات مع ما يستتبع ذلك من امور الجزية والسبي واتخاذ النساء خادنات كل ذلك ليس من الاسلام في شىء .. بل انها أمور اقل ما يقال فيها انها (الدين الجديد) الذي لا تحديد لهويته .. انه الدين الذي لم نسمع به من قبل .. لذا فان من يطلقون على انفسهم مسميات تلصق بالاسلام يهدف الى غسل عقول الناس واستسخافها .. ففي هذا العصر يستطيع الانسان ان يميز بين الالوان ..
ولا يغيب عن البال .. ان الكثير من مسيحيي الشرق كانوا من المقاتلين في صفوف المسلمين ضد الحملات الصليبية على الوطن العربي .. فقد اتخذ صلاح الدين في جيشه قادة من النصارى .. ذلك لعلم النصاري ان بلاد المسلمين هي بلادهم .. وان المقاتلين الذين جاءوا من البلاد البعيدة قد جاءوا مستعمرين ومجرمين ارادوا ان يستولوا على اموال الشرق يوم كان الشرق ينبع بالثراء والمحبة واندماج الاديان في بوتقة واحدة بما يعني محبة الله والمجتمع .. فلا تفريق بين هذا وذاك .. أما من يريدون تحديد صفة الدين بان عنف الحملات الصليبية وما فعلته بالمسلمين أمر يتعلق بالدين فانه الوهم .. لقد جاءوا الينا غازين بما يدرج تحت بند السياسة والاستعباد .. وها هم من يسمون انفسهم بالمسلمين ( والاسلام منهم براء) يقومون بنفس ما قام به الصليبيون بل واكثر .. ذلك انهم قوم لا يعقلون .
وتحضرني في هذا المقام ما يجعلني احترم واحمل على كتفي جميلا لا انساه .. ففي سنة 1986 كنت اكتب رواية تتحدث في بعض من اجزائها عن التاريخ وتحديدا تاريخ بني اسرائيل في سيناء .. وقد وصلت الى أمر لم استطع تجاوزه لان كثيرا من مجريات التاريخ في ذلك الزمان كانت غائبة عن الذهن .. ولا يعرفها الا الاقباط في مصر .. اذ ان دير القديسة كاترين في سيناء يحوي كتبا قديمة باللغة القبطيه .. تحكي عن هذه الفترة بالذات .. فلجأت الى الاب (صليبا ) رحمه الله في دمنهور .. فاستقبلني في بيته ورحب بي اجمل ترحيب .. وقام بالاتصال بالدير بشكل او بآخر فقاموا بارسال مجموعة من الكتب التاريخية مع قسيس (لا اذكر اسمه ) كان يقيم في الدير .. وعقدنا جلسات متتالية .. فاكملت الرواية .. ولا انسى الكرم الذي قابلني به الاب صليبا وعائلته .. لقد كان رحمه الله نعم الانسان العابد التقي النقي ..
نلخص الى نتيجة .. ان المسيحيين في الشرق هم سندنا .. اخوتنا .. شركاؤنا في المسرات والمصائب .. هم معلمونا الذين اعطونا من الثقافة والعلم ما يعجز الانسان عن وصفه .. أفبعد ذلك .. تخرج الينا اليوم فئات سمت نفسها من المسلمين لكي تقوم باضطهاد هؤلاء وقتلهم وتشريدهم .. ان جبال العراق تحوي من اولئك الناس الذين قدموا المساعدات لنا بما لا يوصف .. ينامون في العراء .. يقتلون ويشردون مع اطفالهم وذراريهم .. مع انهم اصل العراق .. فهل من المعقول ان نسكت عن الحق .. فالساكت عن الحق شيطان اخرس ..
اذن فليلمني من يشاء .. وليثمن ما اكتب من كان عنده ذرة من رحمة .. ولا ينسى ان الدين مهما كان فهو لله .. ورحمة الله وسعت كل شىء .. والله هو الذي يحكم بين هؤلاء واولئك يوم يكون هو الحكم وحده .. وتصبحون على المحبه .